نداء بوست – ولاء الحوراني – درعا
الشيخ أحمد الصياصنة خطيب المسجد العمري أول مسجد في بلاد الشام أمر ببنائه الخليفة عمر بن الخطاب، ارتبط اسمه ببداية الثورة السورية والتي طالما دعا في بداياتها إلى تحقيق أهدافها بالطرق السلمية والحضارية.
حيث إنه رفض أن يقوم أبناء درعا بمواجهة قوات النظام إلا أن عقلية الأخير الأمنية وإصراره على مواجهة التظاهرات بيد من حديد جعل الشيخ يسير إلى جانب المتظاهرين على أن يبقوا في موقف الدفاع عن النفس.
ينحدر الشيخ أحمد الصياصنة من مدينة "درعا البلد" مواليد عام 1945 أُصيب بالرمد في أشهر حياته الأولى ما أدى إلى فقده البصر، وتعلم القرآن بعمر الخمس سنوات وسافر إلى مصر في العاشرة من عمره وتعلم لغة "بريل" للمكفوفين وتم قبوله في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1973، عمل إماماً في مدينة "إزرع" ومن ثَمّ خطيباً وإماماً للمسجد العمري عام 1978.
عُرف عن الشيخ الصياصنة عدم انتمائه لأي حزب أو جماعة دينية كما عُرف عنه معارضته للنظام منذ صعوده منبر الخطابة في المسجد العمري حيث كانت خطبه دينية بنكهة سياسية رغم القبضة الأمنية وتواجُد عناصر المخابرات في المسجد حاله كحال جميع مساجد سورية.
خُطبه الثائرة لم تَرُقْ لأجهزة المخابرات التي منعته من الخطابة عدة مرات آخِرها في عام 2008 ليعود إلى منبر الجامع العمري بعد أسبوع على انطلاق الثورة ليُلقي خطبةً سُميت بـ"خطبة الثورة"، حضرها آنذاك عشرات الآلاف من جميع مناطق "حوران" كما اكتظت الشوارع المحيطة بالمسجد بالمصلين حيث شدد فيها على سلمية الثورة متخذاً مكان الناصح للنظام في دمشق، وطرح حينها الكثير من الاقتراحات للإصلاح لكنها لم تجد آذاناً صاغية من النظام وأجهزة مخابراته الدموية.
بعد توسُّع رقعة الاحتجاجات في محافظة درعا التقى الشيخ الصياصنة برأس النظام بشار الأسد، ودعاه إلى تحقيق مطالب المتظاهرين كما دعاه بلسان الناصح لتغيير طريقة التعامل مع التظاهرات منبهاً إياه إلى أنه إنْ لم يتم التعامل مع المظاهرات بطريقة تحقن الدماء وتحقق مطالب الشعب فإن الأمور ستخرج عن السيطرة.
تلك النصائح جعلت أجهزة مخابرات النظام تحاصر منزل الشيخ الصياصنة بالدبابات بعد أقل من أسبوعين على لقائه بشار الأسد، واعتقلت ابنه أسامة وأعدمته كما اعتقلت نجليه الآخريْنِ مهددة بقتلهما إن لم يظهر على شاشة تلفزيون النظام متحدثاً عن مؤامرة خارجية وادعاءات باطلة على عكس قناعات الشيخ الثائر.
كما تم وضعه رهن الإقامة الجبرية لعدة أشهر إلى أن تمكن من فك الإقامة بعد وساطة المراقبين العرب ليخرج مكرهاً من "درعا" بمساعدة فصائل الجيش الحر حينها مطلع 2012 إلى الأردن برفقة عائلته.
لم يكن الشيخ الصياصنة يحمل فكراً متطرفاً بل كان من أوائل من انتقد تنظيم "داعش" محذراً من الجماعات التي تحمل فكراً تكفيرياً ومحسوبة على الثورة السورية.