نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
حتى قبل بدء عرضه في صالات السينما الأردنية، أثار فيلم "أميرة" من إنتاج أردني فلسطيني مصري مشترك، ضجة عارمة، وأشعل منصات التواصل رفضاً لمحتواه المشبوه كما يؤكد مئات الناشطين والمعنيين.
ويتلخص البعد المرفوض والمسيء ضمن سردية الفيلم بقضية حساسة تعني كل أسير فلسطيني، وبالتالي تعني كل أسرة فلسطينية، ألا وهي قضية تهريب نطف الحياة من سجون الاحتلال كدلالة على تمسك الفلسطيني أسيراً كان أو خارج الأسر بالحياة، وإصراره على فرض الوجود المعادي لدولة الاحتلال بأي وسيلة ممكنة أو غير ممكنة وتدخل في إطار الابتكار العبقري المدهش.
فالأسرى، ومنذ عشرين سنة ماضية، يهرّبون ماء الحياة من السجون لتتلقّف الزوجات هذا الماء وتزرعنه في أحشائهن مشاريع مواليد مناضلين جدد. وهي عملية تجري وفق حسابات معقدة وإجراءات استثنائية وحذر غير مسبوق، وبناء على متابعات طبية وعلمية واجتماعية، فموضوع الأنساب من أكثر المواضيع حساسية في بلادنا، ليس في فلسطين وحدها بل في مختلف البلدان العربية والإسلامية. ولهذا تشترط العملية وجود أربعة شهود من الأسرى للتأكد من خصوصية النطفة والشهادة على هوية صاحبها، وعند استقبالها تشترط العملية وجود بالغيْن اثنيْن من أهل الأسير وأهل زوجته للتأكد منها، قبل ترك فحص الـ(دي أن إي) DNA يتكفل بباقي إجراءات التحقق من صحة نسب النطفة للأسير الذي أرسلها.
كما أن الأسرى الفلسطينيين لم يلجؤوا إلى هذه الطريقة لإدامة الحياة، إلا بعد مراجعة الجهات الفقهية والاجتماعية والعشائرية والقانونية. كل هذا أهمله صانعو الفيلم واختاروا عقدة لفيلمهم أن يجعلوا النطفة التي ولدت منها أميرة (بطلة الفيلم) لجندي احتلال إسرائيلي، كان يفترض أن يهرِّب (مرتشياً) نطفة الأسير الفلسطيني فأرسل بدلاً منها نطفته!
هكذا بكل بساطة ودون أدنى بحث دقيق وقراءة محترمة لحيثيات هذه العملية، رغبوا بهذا (الأكشن) لعبة في فيلمهم.
الفيلم يحتوي على إساءات أخرى تمس جوهر النضال الفلسطيني وهوية شعب بين مشرد أو قابع تحت أعتى احتلال اغتصب أرضه بعد أن اجتثه منها، ثم يأتي صنّاع الفيلم ليدعو هذا المحتل يغتصب فكرة آمن الفلسطينيون بها ليواصلوا صمودهم فوق أرضهم التاريخية.
وزارة الثقافة الفلسطينية خاطبت الجهات الأردنية لمنع عرض الفيلم. كما أصدرت المنظمات والهيئات الفلسطينية والعالمية التي تمثّل الأسرى الفلسطينيين، أو تتابع ظروف أسرهم، إضافة إلى جهات وهيئات أردنية عديدة، بيانات رفض واستنكار للفيلم الذي يؤدي الأدوار فيه ممثلات وممثلون فلسطينيون وأردنيون عن نص للكتّاب المصريين: محمد وخالد وشيرين دياب (أشقاء) وإخراج واحد منهم هو محمد دياب.
البيانات أكدت على أن ترشيح الفيلم لجوائز أوسكار 2022، لأحسن فيلم دولي، إساءة مضاعفة، وأنه لا الفيلم ولا ترشيحه يمثّلهم.
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية