المصدر: دايلي صباح ترجمة: عبدالحميد فحام
سيحلّ رئيس الولايات المتحدة جو بايدن مشكلة التحول الديمقراطي في غضون 48 ساعة يومَيْ 9 و 10 كانون الأول/ ديسمبر في واشنطن العاصمة في دعوته إلى قمة الديمقراطية، حيث قال: "الديمقراطية لا تحدث بالصدفة، علينا الدفاع عنها، والقتال من أجلها، وتقويتها، وتجديدها ".
لعل هذا هو سبب استمراره في التقليد الأمريكي المتمثل في دعم الانقلابات في جميع أنحاء العالم، من إيران في عام 1953 إلى بوليفيا في عام 2019.
حيث إنه وفقاً لآخِر إحصاء، فقد قامت الولايات المتحدة بدعم 64 انقلاباً سريّاً وستة انقلابات علنية. وقد شهدنا حتى الآن عمليات استيلاء عسكرية في ميانمار وغينيا ومالي (اثنان في تسعة أشهر) وكذلك انقلابات في السودان والرئيس التونسي قيس سعيد يطيح بحكومة بلاده المُنتخَبة ديمقراطياً باستخدام أساليب غير دستورية.
ناهيك عن الاغتيال الغامض لرئيس هايتي جوفينيل مويس في 7 تموز/ يوليو، فإن ستة انقلابات حدثت في أقل من عام. إن هذا ليس بالأمر السيئ من حيث الحفاظ على التقليد والعرف السائد!.
لقد اعتاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن يطلق على تلك الدول اسم "الدول القذرة" في حين جعل بايدن كبير دبلوماسييه أنتوني بلينكين يتصل بقادة الانقلاب ليسأل كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في استعادة الحكم المدني.
وشكر الجنرال السوداني عبد الفتاح البرهان بلينكن وقال له: "نواجه الأخطار"، مضيفاً أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت للعودة إلى الديمقراطية. فهو باختصار، كان يقصد، "لا تتصل بنا، فنحن سوف نتصل بك!".
لذلك، سيذهب ممثلون من 109 دول إلى الولايات المتحدة لحضور الندوة لمعرفة كيفية استعادة الديمقراطية وتجديدها والنضال من أجلها.
وقد تمت دعوة بعض الممثلين من الولايات المتحدة حتى يتمكنوا أيضاً من تعلُّم كيفية الدفاع عن ديمقراطيتهم في حالة اقتحام مثيري الشغب مبنى البرلمان الوطني كما فعلوا في كانون الثاني/ يناير الماضي، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل.
لقد أمضى صامويل هونتنغتون، صاحب نظرية الانقلاب المُفضَّل والحضاري، فصلاً كاملاً حول تعريف الديمقراطية ولم نتمكن من التوصل إلى أي شيء أفضل من "انتخابات نزيهة ودورية يتنافس فيها المرشحون بحرية على الأصوات، وفي مثل هذه الانتخابات يحق لجميع السكان البالغين التصويت".
ليس كل المَدْعُوِّينَ من الدول البالغ عددها 109 يمكن أن يندرجوا تحت هذا الوصف، لذلك سيتم إلقاء محاضرات عليهم تتعلق بهذه المسألة.
وقد قال بعض الأشخاص الذين لديهم شعور قوي بالشماتة، مثل سونر تشاغابتاي، زميل مركز "بير فاميلي" ومدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن، وهو يقول على وسائل التواصل الاجتماعي: إن عدم التواجد في تلك القائمة كان "لائحة اتهام من قِبل بايدن بانزلاق تركيا لتكون دولة استبدادية".
لكن على ما يبدو، هذا "الخبير التركي" ينقصه المعرفة بالجغرافيا، فقد اعتقد أن تركيا كانت الدولة الوحيدة في أوروبا التي لم تُدرج في القائمة.
ويزعم موقع "بوليتيكو" الأمريكي أن البُلدان التي لم تتم دعوتها يتم تهميشها من قِبل إدارة بايدن. ويستشهد الموقع الإخباري المنوَّع (بوليتيكو) أيضاً بوثيقة يبدو أنها عبارة عن تجميع لإنجازات إدارة بايدن التي يخطط المسؤولون الأمريكيون لنشرها في المؤتمر. لكن سارة ريبوتشي من فريدوم هاوس قالت: "لا يهم ما تفعله الديمقراطيات".
إنها على حق! فقد وضعت مجلة "أتلانتيك" قائمة بما تسميه "تخريب تفضيلات الناس في نظامنا الديمقراطي المفترض".
وقام عَالِمَا السياسة مارتن جيلينز من جامعة "برنستون" وبنيامين آي بيدج من "نورث وسترن" بطرح السؤال الجوهري حول حكومة الولايات المتحدة: مَن يحكم؟ واحد فقط من كل أربعة أجاب أن "الشعب" هو مَن يحكم.
وقال الآخرون: إن مجموعات المصالح الجماعية ومجموعات الأعمال والنخبة الاقتصادية هي مَن تقود الحكم. بالطبع، السيدة ريبوتشي على حق! لا ينبغي أن يهم ما تفعله الديمقراطيات. كما يقول المثل، يجب أن نفعل ما يقولون وليس ما يفعلونه. وبالتالي، يسعد "فريدوم هاوس" أن يرى تركيا والمجر ليستا من بين المَدْعُوِّين "لأن قادتهما كانا يقوضان أنظمتهما الديمقراطية لسنوات". هذا الحكم ببساطة؛ لأنهم لا يفعلون ما قيل لهم؛ تركيا تفعل ما تعتقد أنها يجب أن تفعله.
فعلى سبيل المثال، بفضل صناعة الدفاع الوطني التي أنشأتها تركيا على مدار العشرين عاماً الماضية لم تَعُدْ تركيا تعتمد على الفتات من الموائد الأمريكية. وبالنيابة عن السيد بايدن الذي يقوم بتهميش تركيا من خلال عدم دعوتها إلى مؤتمر الديمقراطية، تتفضل تركيا بالشكر لكل من وضعوها على قوائم الحظر والعقوبات.