محمد جميل خضر- عمّان- نداء بوست
تحت عنوان "الخطاب الشعريّ في قصيدة اللجوء العربيّة/ التجربة السوريّة والعراقيّة أُنموذجًا من 2003-2019"، واستكمالاً لنيل درجة الماجستير في تخصص اللغة العربية وآدابها من كلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنية، ناقشت الطالبة مارييت خضر قبل أيام في العاصمة الأردنية عمّان، أطروحتها الجامعية التي تناولت التجربة الشعرية، ما قبل اللجوء وما بعده، للشاعريْن السورييْن فايز العبّاس وحسن إبراهيم الحسن، والشاعريْن العراقييْن مفيد بلداوي وإبراهيم عبد الملك.
تقول الباحثة في مقدمة الأطروحة التي أشرفت عليها الدكتورة فوز نزّال: "إن أهمية الدراسة تكمن في كونها تقيم جسراً معرفياً نقدياً مع قصائد عربية وُلدت في خضم أزمات جعلت الاهتمام بالنتاج الأدبي وتحليله أمراً ثانوياً في قائمة أولويات الباحثين والدارسين".
بعد مقدمة وفصل أول تتناول فيه مفهوم الخطاب عند الفرنسي ميشيل فوكو، وتقاطعات هذا المفهوم مع مفاهيم مفكرين ونُقاد آخرين حول المصطلح وتجلياته، فإنها تخوض في فصل الأطروحة الثاني في موضوع اللجوء ومشتقاته مثل الهجرة والنزوح وما إلى ذلك، رائية أن موضوع "اللجوء" يُعَد واحداً من "أكثر المصطلحات رواجاً في العصر الحديث، ومن أكثر المصطلحات الاجتماعية والسياسية والنقديةً تداولاً بين النقّاد والباحثين والمفكّرين، بسبب ما يعانيه اللاجئون أو الباحثون عن فرص اللجوء من توترٍ نفسيٍّ وقلقٍ وجوديّ".
وتستعرض من وجوه هذا القلق: عدم شعور بالقدرة على الانسجام مع أفراد مجتمعه في وطنه الأم، وعدم القدرة على التفاعل مع المجتمعات المختلفة عن اللاجئ لُغويّاً وثقافيّاً وحضاريّاً.
في سياق تناولها، في الفصل الثاني ظاهرة اللجوء العربية الحديثة (بعد عام 2003 بالنسبة للعراقيين، وبعد عام 2011 بالنسبة للسوريين) تقول الباحثة: "من غير سابقة لذلك في التاريخ الحديث، غادر ملايين السوريين والعراقيين أماكن سُكناهم، ومع كثرة اللغط حول أسباب لجوئهم، فإنّ أي باحث يستطيع وبكل حيادية أن يدرج سبباً رئيسياً لا شكّ فيه جعل من شعب هذين البلدين نازحين داخل أوطانهم، في مدن وبلدات ومحافظات أكثر أمنًا من مدينتهم، أو لاجئين لأوروبا وبلاد ما خلف البحار؛ ألا وهو البحث عن فرص حياة أكرم وأكثر أمناً".
خضر تمر بعد ذلك على الأرقام الضخمة لعدد اللاجئين من الشعبيْن العربييْن: السوري والعراقي، كما تمر على أهم الدول التي لجؤوا إليها.
ثم ما تلبث أن تقول: "هذان اللجوءان العربيّان المدوّيان من سوريا والعراق إلى جهات الأرض ترك كثيراً من شعراء هذين البلديْن الشقيقيْن عرضة لتقلّبات نفسية ووجدانية وتعبيرية ظلت تتراكم، وتتبدّل أشكالها وألوان تأثيرها فيهم، فإذا بالشعر يخرج بعد كل هذا وذاك له سمات تختلف عمّا كان عليه حالُ شعرهم في بلادهم، شعر له مذاق جديد يغرف من معطيات جديدة".
يتجلّى فصل الأطروحة الثالث الذي حمل عنوان "تحليل الخطاب في قصائد اللجوء: تطبيقات عملية"، بوصفه تطبيقاً عملياً لنظرية الخطاب، محاولاً تلمُّس ماهية خطاب اللجوء؛ من خلال تحليل قصائد كُتِبت قبل اللجوء، وأخرى كُتِبت بعده.
من قصائد ما قبل اللجوء التي تناولتها الطالبة بالبحث والتحليل: "الأحد" للشاعر السوري حسن إبراهيم الحسن، "أسيرُ مكتظاً بمنفى" للشاعر السوري فايز العبّاس، "دجلة وفرات" للشاعر العراقي مفيد بلداوي و"انفصام" للشاعر العراقي إبراهيم عبد الملك.
ومن قصائد ما بعد اللجوء: "حكمة العشب- حطب" للشاعر السوري حسن إبراهيم الحسن، "أنا أنت هم" للشاعر السوري فايز العبّاس، "حي بن يقظان في كولن" للشاعر العراقي مفيد بلداوي و"غابة" للشاعر العراقي إبراهيم عبد الملك.
في الإهداء الذي استهلت به خضر فصول أطروحتها التي نالت عليها الدرجة وإشادة لجنة المناقشة.. تكتب ما يلي:
"للذين يرحلون، يبحرون، يتركون وراءهم ألف قصيدة في بحر إيجه، تطفو ولا تغرق…
للّاجئين…
للمهاجرين…
للذين لا يرحلون رغم غيابهم، لصورهم التي تشعّ ألماً، وأملاً…
للذين يسلبون أجزاءً من الروح، بعد غيابهم…".
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية