محمد جميل خضر- نداء بوست- عمّان
ردود فعل إيجابية، أجمع عليها العمال السوريون في الأردن، بعد توقيع وزارة العمل الأردنية قبل أسابيع، اتفاقية مع الاتحاد العامّ لنقابات العمال، أُعلِن بموجبها عن إصدار تصاريح عمل مرنة للعمالة السورية في الأردن على وجه التخصيص، إذ لا يشمل القرار باقي العمالة الأجنبية على الأراضي الأردنية.
ويتضمن قرار وزارة العمل السماح للاتحاد بإصدار تلك التصاريح المرنة، محددة بقائمة مرجعية للمجموعات المهنية، مع وصف المهنة على البطاقة المرنة، وذلك ضِمن المهن المسموحة للعمالة غير الأردنية (أضيف قطاع الخدمات لقطاعَيِ الزراعة والإنشاءات)، شريطة اشتراك المنتفعين من التصريح بالضمان الاجتماعي.
يؤكد أبو حازم (وهو اسم مستعار لعامل سوري في قطاع المطاعم آثر عدم ذكر اسمه) أنه ورغم الصعوبات التي واجهها في نقابة العمال خلال طلبه إصدار تصريح العمل المرن له، إلا أن معاملتهم كانت "محترمة جداً". أبو حازم يوضح أن الصعوبات لها علاقة بخطأ وقع في طباعة مهنته، فبدل ما يكتبوا له (عامل مطعم) كتبوا (عامل بناء)، وعند مراجعته لهم حول هذا الخطأ (لقي مشقة كبيرة) يقول، إذ طلبوا منه مراجعة غرفة التجارة ثم العودة لنقابة العمال: (مع إني لقيت مشقة وراجعت الموظفين أكثر من مرة لكني لم ألقَ ردوداً مثل وما شأننا بك وبمشكلتك). معاملة جعلت أبو حازم يُشيد بالقائمين على النقابة وبأسلوب تعاملهم. أبو حازم تطرق لموضوع زوال الخوف أثناء العمل بعد إصدار تصاريح العمل المرنة (كنا نخاف أن نشتغل عندما نسمع بوصول لجنة تفتيش من وزارة العمل. كنا نحس حالنا دائماً مذنبين.. دائماً مخطئين، لكن الآن، وبعد التصريح المرن، بالعكس، التصريح بجيبي، وما كلفني كثيراً، والآن كل من يسألني عن التصريح أقول تفضل أنا أسير أموري بطريقة نظامية). ورغم أن العمالة السورية ليست معرضة لخطر الترحيل، كما في حالة عمالة أخرى في حال مخالفة عامل مصري، على سبيل المثال، شروط الإقامة، أو عدم حيازته تصريح عمل، فهو يُرحَّل فوراً، ومع ذلك يقول أبو حازم: "قبل التصاريح المرنة (كنا خائفين لأننا في النهاية غير نظاميين) الآن اختلف الوضع وزال الخوف والقلق".
من إيجابيات تصريح العمل المرن، بحسب أبو حازم، القدرة على التنقل بين مختلف المحافظات الأردنية باستثناء منطقة العقبة الاقتصادية. و"في حال تركت عملي في عمّان، ورجعت اشتغلت بنفس اختصاصي في إربد على سبيل المثال، فأنا أولاً لست مخالفاً، كما أنني غير مضطر، ثانياً، لدفع رسوم إضافية على هذا الانتقال من مدينة إلى أخرى".
فوائد الاشتراك بالضمان
من جهته يتطرق يوسف صادق (عامل سوري في قطاع المطاعم) إلى موضوع إلزام العامل السوري عند حصوله على تصريح عمل مرن، للاشتراك بالضمان الاجتماعي، رائياً أن هذا الإلزام (أفضل شيء تعمله وزارة العمل ونقابة العمال، هذا الشيء مثَّل فارقاً كبيراً معنا وهو حسن جداً).
صادق يستشهد للتأكيد على كلامه بفترة كورونا والحظر الذي فُرض أيامها، فصاحب العمل عوّضهم أيامها، كما يبيّن، تعويضاً رمزياً غير مجدٍ، مؤكداً لهم أنه سوف يعوّضهم بشكل حقيقي عند عودتهم للعمل، ولكن، عندما عادوا إلى العمل: (ولما رجعنا دوامنا صرنا نداوم 12 و13 ساعة بدل عشر ساعات مثل ما كان اتفاقنا، صحيح أنه كان يحاسبنا على الساعات الإضافية، وصحيح أنه كان يزيد من مردودنا المالي، لكننا بالفعل عملنا هذه الساعات التي أخذنا عليها بدلاً إضافياً).
وعليه يرى صادق أن الاشتراك بالضمان الاجتماعي يفرض على أصحاب العمل الذين يعملون بطريقة غير نظامية أن يقفوا عند حدهم، بسبب خوفهم من شكوى قد يوصلها عامل إلى المسؤولين في وزارة العمل أو إلى القائمين على النقابة. صادق يذكر أن عمله سابقاً من دون تصريح مرن، في بدايات وصوله الأردن، كان مختلفاً كان صاحب العمل أيامها يحجز جواز سفره، وهو ما كان يمارسه كل أصحاب العمل تقريباً، "الآن اختلف الوضع" كما يؤكد صادق. صحيح أن تصريح العمل القديم كان في جيبه، لكنه كان يظل خائفاً من عدم وجود جوازه معه (مصيبة ألَّا يكون جوازي معي)، وكان هناك خوف أيضاً من أن يضيّع رب العمل الجواز وينكر أنه كان معه، وأنه في حال ضياع الجواز ما كان يستطيع أن يقوم بأي إجراء، خصوصاً أنه لا يحب سفارة بلاده ولا يحب مراجعتها ولا حتى رؤيتها على حد قوله. أمر آخر يثمنه صادق ويؤكد أنه (حسن جداً) هو إلغاء الرسوم القديمة المتراكمة على العمال السوريين، كما أن العمال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً لا رسوم عليهم، وأن الرسوم عموماً لا تقارن بالرسوم التي يدفعها العمال المصريون على سبيل المثال (يدفع العامل السوري أول مرّة عند حصوله على تصريح عمل مرن 50 ديناراً أي ما يعادل تقريباً 70 دولاراً أمريكياً دون أي غرامات على السنوات التي لم يدفع خلالها رسومه، ثم يجدده سنوياً بما يعادل 15 دولاراً أمريكياً، في حين يدفع العامل المصري سنوياً ما يصل إلى 1200 دولار أمريكي أي حوالي عشرة أضعاف ما سيدفعه من الآن فصاعداً العامل السوري سنوياً).
حول هذه النقطة تحديداً، يقر صادق أنه استفاد كثيراً، فهو من سبع سنوات لم يصدر تصريح عمل، ومع إعفائه من الغرامات والرسوم المتراكمة، فقد وفّر هذا المبلغ على قلّته (حوالي 100 دولار) لاحتياجات بيته وأسرته.
حُر نفسه..
أما ناصر فيتحدث عن شقيقه معتز الذي يعمل على نظام القطعة، وبسؤاله ما المقصود بنظام القطعة، يوضح ناصر أن الذين يعملون وَفْق هذا النظام، هم عادة ممن يملكون مهارةً ما، في حقل الحياكة والملابس، أو في حقل الطعام، أو في حقل دقّ الحجر أو الدهان أو التبليط وما إلى ذلك، يحاسبون أصحاب المصلحة التي عملوا لها على القطعة، يعني (لَفِّيف الكبّة) إذا أنجز مثلاً 60 حبّة كبة يُحاسِب صاحب المطعم على هذا العدد بعد أن يكونوا اتفقوا على أجرة لفّ الكبّة الواحدة، فيحاسبه وينتقل إلى مطعم آخر ولفّ كبّة جديد. وهو ما ينطبق على مَن يسمى (قصّيص ظهر) أو (دقّيق حجر) وهكذا الأمر دواليك.
خالد يقول: إن شقيقه معتز ارتاح كثيراً بعد إصدار بطاقات العمل المَرِنة، فأصحاب المصالح لا مسؤولية عليهم نحوه، هو يُصدر تصريحه الخاص به، يحمله في جيبه، وينتقل من مصلحة إلى أخرى، ومن إنجاز إلى آخر، حر نفسه، مستقل، نظامي (لا يملك أحد أن يسأله إلى أين تذهب أو من أين تجيء؟).
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية