المصدر: تايمز ناو نيورز
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: نيكولا ميكوفيتش | محلل سياسي
عندما يزور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي روسيا هذا الشهر، فمن المتوقع أن يسعى إلى عقد صفقة لشراء أسلحة متطورة لمواجهة الضربات الجوية الإسرائيلية المحتملة على المنشآت النووية الإيرانية ولكنه قد يبتعد عن محادثاته مع فلاديمير بوتين بخيبة أمل إلى حد ما. في الماضي، ترددت موسكو عن تعزيز العلاقات العسكرية مع طهران في الوقت الذي تستخدم فيه الجمهورية الإسلامية كثقل لموازنة علاقاتها مع القوى الغربية.
ومع محادثات لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وتنافس الولايات المتحدة وروسيا على موقف بشأن صراع مخيف في أوكرانيا، يمكن أن تعرض موسكو مرة أخرى صفقة أسلحة لتعقدها مع طهران للحصول على ما تريده في مكان آخر. فالكرملين يحتاج إلى إيجاد زبون لطائراته المقاتلة سوخوي Su-35.
وتشير التقارير إلى انسحاب حكومات مصر والجزائر وإندونيسيا من صفقات لشراء الطائرات وسط عقوبات اقتصادية ضد موسكو. كما يُعتقد أن الولايات المتحدة هددت بمعاقبة القاهرة والجزائر العاصمة وجاكرتا إذا مضت قُدماً في عملية الشراء.
الآن، لدى روسيا فرصة فريدة لبيع طائرات Su-35 لإيران – الدولة التي تعلمت بالفعل العيش في ظل مجموعة من العقوبات الدولية القاسية، ويُقال إن طهران تهدف إلى شراء ما لا يقل عن 24 طائرة من طراز Su-35 متعددة الأغراض فائقة المناورة في محاولة لتحديث قوتها الجوية التي عفا عليها الزمن.
على الرغم من انتهاء حظر مجلس الأمن الدولي لعام 2007 على شحنات الأسلحة التقليدية إلى إيران في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2020، إلا أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان الكرملين سيجرؤ على بيع الطائرات لإيران لأن مثل هذه الخطوة ستزيد من تدهور علاقتها مع الغرب.
والأهم من ذلك، يُزعم أن صانعي السياسة الروس يخشون من أن إيران، التي لا تزال تخضع للعقوبات الغربية، لن تكون قادرة على سداد جميع عقود الدفاع بالكامل.
إلى جانب Su-35، تهتم طهران أيضاً بطائرات التدريب الروسية Yak-130 ، ودبابات T-90، وأنظمة الدفاع الصاروخي S-400 أرض-جو المتطورة، وأنظمة الدفاع الصاروخي الساحلية K-300P Bastion.
ومن المؤكد أن رئيسي سيناقش صفقة بيع أسلحة مع بوتين خلال زيارته لموسكو، والتي من المتوقع أن تتم في 19 كانون الثاني/ يناير. ووفقاً لما أوردته تقارير، فإن رئيسي يأمل في توقيع اتفاقية تعاون أمني ودفاعي مدتها 20 عاماً مع روسيا. ويمكن أن تشمل هذه الصفقة شراء نظام أقمار صناعية متقدمة. ومع ذلك، ليس هناك ما يضمن أنه سيتم التوقيع على وثيقة أثناء الزيارة، والأرجح أن الرئيسين سوف يناقشان فقط تفاصيل اتفاق محتمل.
حتى لو وقّع البلدان صفقة دفاعية، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن الكرملين سيمضي قدماً ويقدم أسلحة متطورة إلى طهران. فبعد كل شيء، لن تكون هذه هي المرة الأولى التي لا تفي فيها روسيا بوعودها لإيران. كثيراً ما لجأت الجمهورية الإسلامية إلى روسيا للحصول على السلاح، لكن الكرملين وجد بسهولة الأعذار لعدم المُضي قدماً في التعاون العسكري.
في عام 2010، رفضت موسكو بيع نظام S-300 لإيران، وكانت بذلك خاضعة لضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل. وبعد تسع سنوات، رفضت روسيا طلباً من طهران لشراء نظام S-400. ويُعتقد أن الكرملين وإسرائيل توصّلا إلى اتفاق ضمني لتجنب بيع أسلحة متطورة لدول معينة، ولهذا السبب تتردد روسيا في تعميق العلاقات العسكرية مع إيران، وإسرائيل ترفض بيع طائرات بدون طيار لأوكرانيا.
ومع ذلك، كان رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد حسين باقري، في موسكو في شهر تشرين الأول / أكتوبر لإجراء محادثات مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو ورئيس الأركان العامة في البلاد الجنرال فاليري جيراسيموف. ومن المحتمل أن يكون الجنرالات قد عقدوا بالفعل بعض الصفقات المهمة وأن بوتين ورئيسي سيناقشانها بالتفصيل.
ويدرك المسؤولون الروس تماماً أن بيع أسلحة متطورة لإيران من شأنه أن يُعرض للخطر ليس فقط علاقات الدولة مع إسرائيل، بل سيؤدي إلى توترات إضافية مع واشنطن.
لذلك يمكن أن يحاول الكرملين خلق توازن دقيق، واعداً بمراعاة بعض المخاوف الأمريكية والإسرائيلية على الأقل بشأن التعاون العسكري الروسي مع إيران، في مقابل نهج واشنطن الأكثر ليونة تجاه طموحات موسكو في أوكرانيا.
وهذا يعني أن روسيا ستستمر في استخدام إيران كورقة رابحة في حلّ مشاكلها مع الولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، تهدف طهران إلى توقيع شراكة إستراتيجية مع موسكو، وتأمل في الانضمام إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تهيمن عليه روسيا لتحديد تكلفة العقوبات الأمريكية إلى حد ما. ومع ذلك، يمكن لإيران أن تبالغ بسهولة في تقدير أهميتها الاقتصادية بالنسبة لروسيا.
ويبدو أن موسكو تعطي الأولوية للعلاقات التجارية والتعاون العسكري مع تركيا على الجمهورية الإسلامية. وعلى الرغم من أن تركيا عضو في الناتو، إلا أن روسيا كانت سعيدة ببيع أنظمة S-400 لأنقرة. وبينما بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا وتركيا 16 مليار دولار في عام 2020، فقد بلغ حجم التجارة بين روسيا وإيران لنفس العام 2.2 مليار دولار فقط.
ونظراً لعزلة إيران على الساحة الدولية، فإن السلطات في طهران مضطرة للتعامل مع روسيا، رغم أنها تدرك لعبة موسكو المزدوجة مع بلادها.