كان حريّ بدريد لحام بعد أن شهد الـ "Feedback" عقب كل واحد من أخبار موته المتكرر، أن يعدل من سلوكه، أو يتمنى أن تُشق الأرض وتبتلعه في أحسن الأحوال، وهذا إن حصل، سيعتبر مفاجأة من العيار الثقيل، من شخص شديد الارتباط بالمنظومة المتحكمة بسورية، ويشبهها، ولا يحيا بدونها.
لم تنفع دريد "حربقته الغوارية" التي مارسها طيلة حياته الفنية، ولم تبقيه على مسافة واحدة من جميع المواقف كما المعتاد، فهو أخطأ الظن عندما توقع أن الثورات تصيب القشور لا الجذور، وأنها شبيهة مسرحياته الخاضعة للرقابة.
وبكامل "نشافة وجهه"، ما زال يجتهد إلى هذه اللحظة محاولاً إبعاد وسم "الشبيح" عنه، باستذكار مسرحياته التي يعتبرها نوعاً من نقده للسلطة، وبترديده عبارة "عندما أقول إنني مع السلطة، لا أقصد السلطة السياسية، إنما أقصد وقوفي مع النظام ضد الفوضى". ملتزماً بنقده وتصريحاته بالنطاق المسموح لمن يحتل مكانة في "عظام رقبة" النظام السوري.
الفوضى التي يعنيها اللحام، هي الثورة التي خشيّ على مركزه منها كأحد الانتهازيين الذين استغلوا قربهم من السلطة، ليتسلقوا على نجاحات الآخرين. أما ادعائه بأنه العنصر الوحيد الذي أنجح مسرحيات الكاتب السوري محمد الماغوط، فقد يقصد به تأثير "الكارت بلانش" الممنوح له من مسؤولي أجهزة الأمن السوري، والذي يخفف قيود الرقابة بعض الشيء، كنوع من المسرحيات "التنفيسية" التي يؤدي دور البطولة فيها أحد الفنانين الخُلص لحكم يكتم الأنفاس.
وعلى النقيض، هو يستغل أعمال الآخرين -غير المداهنين للسلطة- ونجاحاتهم، بالشكل الذي يبرع فيه باللعب على جميع الحبال، وتحقيق نوع من التوازن، لا يجيده إلا "قليلو الحياء" أمثال اللحام، وهذا ما دعا الماغوط للقول بأن " دريد لحام انتهزني كجواز سفر".
واللحام شخصية كاذبة من النوع الصفيق، لم تمنعه شهرة الأخرين ووزنهم الفني والأخلاقي، من أن ينسب أعمالهم ونجاحاتهم إليه، وأن يحاول الإساءة لتاريخهم، وتحديداً بعد رحيلهم، وابتعادهم عن ساحة المواجهة.
وكان ادعى مساهمته بكتابة خمسين بالمئة من أعمال الكاتب الكبير الماغوط: "تشرين"، غربة"، "كاسك يا وطن" و"شقائق النعمان"، والتي كان للحام دوراً مهماً في أدائها المسرحي، بلا شك، وأساء لصاحب الفضل عليه، الكاتب والممثل والمخرج ومؤسس المسرح القومي السوري نهاد قلعي، الذي لم يسلم من تشويه "سفير النوايا الحسنة" لسيرته وحياته الشخصية، بكل نيته الحسنة!!
وقد نهمل هذه الإساءات، أمام اتهامه للسوريين المهجرين بخروجهم من البلد بتلقاء أنفسهم "ليعودوا على حصان أبيض" وأمام تجرئه على كلام الله، فهو من قصده الله بـ “التين والزيتون" مع من بقي في "حضن الوطن".
وقد فات الطوشة بذكره لهذه الآية، أن غالبية الشعب المغروس في سورية نسوا التين والزيتون، ولم يعودوا يعتبرونهما من الاحتياجات الضرورية، وباتا مع الطيبات والأنعام متاحان فقط للفئة التي يراهن عليها ويعيش في كنفها، والتي إذا ما أردنا تشبيهها بالتين، فهي لا ترقى لأن تتشبه بالتين الخربان.
بالمرور على سيرة اللحام، وإدراك شخصيته، والتي لا تحتاج لبذل الجهد، سنجد أنها لا تخرج عن القالب الفني لشخصية "غوار الطوشة" في مسلسل "صح النوم"، حامل صفات الانتهازية، والكذب، واستغلال الطيبين، وحب الاستيلاء على حقوق الغير، وغيرها من الصفات الشنيعة التي تجعل من اسم اللحام نموذجاً لـ "كاراكتر" خاص، يختصر علينا ذكر جميع الصفات في وصف حالة شبيهة، ويكفينا نعت الشخص الموصوف بصفة الـ"دريدي".