هناك موجة غير مسبوقة من المساعي لإعادة تكرير منظومة الاستبداد الأسدية تحركها جهات، منها مَن نجح بممارسة القوة العسكرية الغاشمة آمِلاً أن يحصد سياسياً واقتصادياً، ولكن فَشِلَ حتى الآن باجتراح حل يناسب مصالحه وطموحاته.
– وهناك جهات تبدو كدول، إلا أنها ليست أكثر من أدوات رخيصة تتحرك متى شاء حُماتها.
وهنا لا بد مِن بعض الأسئلة لهؤلاء البهلوانيين أو المُهروِلين بلا بصيرة أو مسؤولية نحو إعادة تكرير مشبوهة لمنظومة إجرامية قتلت شعبها.
وليت ما يفعلون لإعادة سورية إلى سكة الحياة وإنقاذ شعبها وإنصافه بعد عَشْر سنوات من الويلات، كما يدَّعون. تجاه ذلك تدور في ذهن السوريين مئات الأسئلة أنتقي منها التالي، علَّها تفتح البصيرة وتعيدهم إلى سكة الصواب:
●أين سيذهب هؤلاء بمئات آلاف الوثائق التي تُثبت -بما لا يَدَعُ مجالاً للشك- أن المنظومة، التي يسعون لإعادة تكريرها، ارتكبت جرائم حرب بحقّ شعب طالب بحقوق مشروعة؟!
●كيف سيتعامل المُهروِلون مع نظام استخدم السلاح الكيماوي على شعبه؟ فهل يتردد عن استخدام أي وسيلة ضدهم عندما لا يروقون له؟!
هل يغيب عن المُهروِلين أن تلك الجماعات الإرهابية التي يدَّعي نظام الأسد محاربتها ليست إلا من صناعة مخابراته بامتياز؟!
●ألا يعرف المُهروِلون أن هذه المنظومة كانت أكثر من بنى مساجد وادَّعت الإيمان، وأكثر من دمر المساجد، وصولاً إلى دفع بعض عناصرها لإجبار معتقلين على قول: "لا إله إلا بشار"؟
●هل يعتقدون أن السلوك المتأصِّل في خرق القانون وحقوق الإنسان واستباحة الكرامة البشرية يمكن أن يتغيّر؟
●إذا كان السوري الذي تشرَّد يرفض العودة إلى بلده ما دامت تلك السلطة موجودة؛ والسوري في الداخل لا هاجس له إلا الخروج منها؛ فكيف تُؤتمَن سلطة كهذه على قيادة بلد، وكيف يمكن أن يضع عاقل أو أخلاقي يده بيدها؟
●إذا كانت كل الدول القادرة على مساعدة سورية والمساهمة الحقيقية في إعادة الإعمار تشترط أو على الأقل لا تقبل أن تلتزم بشيء مع وجود تلك المنظومة التي دمَّرت وقتلت وشرَّدت؛ فأي معنى تأخذه هذه الخطوات المشبوهة؟!
●هل تستقيم فكرة "إعادة الإعمار"، التي يأتون على ذكرها، إذا كان من دمَّر أكثرَ من نصف سورية، مُستعِدّاً أن يدمرها ثانية؟
●إذا كانت المخدرات والخطف والابتزاز ورهن البلاد والعباد المصدر الاقتصادي الوحيد لهذه السلطة، فأي "نظام" يهرولون إليه؟!
●إذا كان المُهروِلون يخشون مخطط إيران الخبيث للمنطقة، ويعتقدون أن المنظومة ستُخرِجُ لهم إيران من سورية؛ فهل يعني ذلك أن فصم التوأم السياميّ أضحى ممكناً؟!
●ألم تكن هذه المنظومة الأكثر حماساً للعروبة والتضامن العربي، وعندما وُضعت على المحكّ، تحالفت مع الفرس وملاليهم؛ وكانت رأس حربة مشروعهم الخبيث في المنطقة العربية؟!
●إذا كانت روسيا وإيران وإسرائيل وميليشيات الأمر الواقع تتحكَّم بكل مناحي الحياة السورية؛ فكيف يستقيم التطبيع مع مجرد واحدة من ميليشيات الأمر الواقع هذه؟
●مع أية سورية يُطبِّع هؤلاء؟ هل حيث يسيطر النظام وحُماته فقط؟ ماذا عن الشمال الغربي السوري، حيث الكتل البشرية التي اقتُلعت وبيوتها من مختلف المناطق السورية؟ ماذا عن الشمال الشرقي السوري؟ وهل هناك ارتياح لموضة الفيدراليات والتبعثرات التي تحلّ بالجسد السوري؟ وهل الأردن تحديداً سينجو من هذا الداء، ويبقى كتلة واحدة؟ !
●وهل إسرائيل ذاتها، والتي ربما تشجع خطوات كهذه، ستكون أكثر من "كانتونات" تسمي أحدها "الدولة اليهودية" “the Jewish state”، كما تشتهي؟
●ألم تكن عبارة المنظومة المفضَّلة في وصف مَن يهرولون إلى "النظام" الآن أدوات وعملاء أمريكا في المنطقة؛ وهي تتمنى خدمة لأمريكا، من أجل استمرارها متسلِّطة على رقاب شعب سورية؟!
●هل نسي الذين طبَّعوا مع إسرائيل من المُهروِلين أن هذه المنظومة أكثر ما زايدت عليهم واحتقرتهم بسبب ذلك، وهي كانت تتمنى من إسرائيل إشارة؟
●عندما كان ثمن بقاء واستمرار هذه المنظومة الاستبدادية حراسة حدود إسرائيل؛ وعندما لم تَعُدْ مؤهلةً حتى لهذه المهمة أو الوظيفة بسبب سلوكها؛ فما سر حماس بعض المُهروِلين؟
●إذا كان الروس، وهم "دولة عظمى" ولها مصالح كبرى مع هذه المنظومة؛ وإذا كانت حتى إسرائيل، المستفيدة الأكبر أمنياً من تلك المنظومة؛ يجدون حرجاً وصعوبة بتحمُّل ملفاتها الإجرامية؛ فأيُّ قدرة يمتلك مُهروِلو التطبيع لتحمُّل مَسْح كل تلك الأوساخ بأنفسهم؟!
●هل أخذ المُهروِلون مما فعله نظام الأسد بشعب سورية درساً لشعوبهم، والآن يُكرِّسون الدرس ليقولوا لهذا الشعب إن ذلك يحدث ويعبر دون حساب؛ ومَن يرتكب كل تلك الجرائم بحق شعبه يمكن إعادة تدويره؛ وكأن شيئاً لم يكن؟! فإياك أيها الشعب أن تجرِّب حظَّك.