نداء بوست – ولاء الحوراني – درعا
خبز "القالب" أو خبز "العيد" كما يطلق عليه أهل "حوران" لارتباط صُنعه بالأعياد والأفراح والمناسبات الاجتماعية كافة إذ لم تكن تمر مناسبة أو عيد دون تحضيره وتقديمه إلى جانب الحلويات حتى بات ركنا أصيلاً وتراثاً شعبياً اعتاد عليه الكبار والصغار.
ولم يكن يقتصر صنعه لأهل المنزل فقط بل اعتادت الجدات والأمهات على إعداد كميات كبيرة منه لتوزيعها على الأقارب والجيران والأصدقاء.
خبز "القالب" خبز حلو المذاق تدخل في تركيبته مكونات عدة وسُمي بذلك نسبة للقالب أو الطابع المستخدم في تشكيله وهو قالب ذو نقشات وأشكال متنوعة تضيف جمالاً لشكل الرغيف.
وعن طقوس صنعه وطريقة تحضيره تحدثت السيدة عائشة لـ "نداء بوست" قائلة: إنها وفي كل مناسبة اعتادت على دعوة أبنائها وأحفادها قبل أن تفرقهم الحرب ليجتمع الجميع حولها وتبدأ هي بصنع الخبز المحلى لتمتزج أحاديث أحبتها مع رائحته الشهية.
وتضيف: "عجينة الخبز تحدد مقاديرها كل سيدة بمقدار الكمية التي تود صنعها، ومكوناتها هي الطحين والسكر والزيت والخميرة والحليب والينسون المطحون والمحلب والشمرا المطحونة والسمسم وحبة البركة إضافة إلى الملح والقرفة وجوزة الطيب".
حيث تخلط هذه المقادير بالحليب والزيت ثم تضاف الخميرة وتترك العجينة بعد ذلك من ساعتين إلى ثلاث ساعات حتى تختمر ومن ثم تقطع على شكل كرات وتوضع في قالب الخبز وبعدها في الفرن لمدة عشر دقائق حتى تنضج وبعد إخراجها من الفرن تدهن بالزيت وتصبح جاهزة للتقديم ويفضل الكثير تناولها مع الشاي خصوصاً الأطفال.
أم ماهر أضافت لـ "نداء بوست" أن العائلات في حوران اعتادت على صنع خبز "القالب" ليس فقط في المناسبات بل في كثير من الأيام العادية لكونها أكلة مرغوبة ومحببة لدى الجميع ولكن مع ارتفاع أسعار المواد وكثرة مكوناتها باتت تصنع في الأعياد فقط وتقتصر على العائلات ميسورة الحال إذ إن المواد التي تدخل في صناعتها ارتفعت تكاليفها بشكل كبير.
السيدة ماجدة أخبرتنا أنها ومنذ أكثر من سنتين لم تصنع خبز القالب رغم إلحاح أطفالها المتكرر في طلبه منها حيث إنه لا قدرة لها على صنعه بهذه التكاليف مشيرة بابتسامة ساخرة أنه بات تحضير هذا الخبز يحتاج إلى حوالة خارجية حتى تستطيع العائلات صناعته.
يبدو أن ارتفاع الأسعار ليس السبب الوحيد الذي غيَّب تلك الطقوس بل إن غياب الأحبة ولهفة الأطفال جميعها عوامل جفَّفت تلك التقاليد الشعبية فلم تترك الحرب اللعينة شيئاً إلا وأتت عليه وأفسدته.