عندما يسافر رئيس الوزراء "نفتالي بينيت" إلى واشنطن في الأسابيع المقبلة –حيث لم يتم تحديد موعد نهائي بعدُ- سيقابل رئيساً واثقاً ومُستعِداً لمُواجَهة أكبر خصم لأمريكا.
هذا الخصم ليس إيران، أو الإرهاب الإسلامي في الشرق الأوسط، أو حتى روسيا بقيادة "فلاديمير بوتين". إنها الصين، حيث تقف إسرائيل في الجانب الخطأ من خطوط المعركة تلك.
يجب على "بينيت" أن يضع هذا في الاعتبار، لأنه أثناء دخوله المكتب البيضاوي على أمل تأمين التزامات أمنية بشأن إيران وسورية، يبحث الرئيس "جو بايدن" وكبار موظفيه عن قيام إسرائيل بقطع علاقتها مع الصين وبالرغم من أنهم سيكونون سعداء بالتحدث عن إيران والفلسطينيين والاحتفاظ بالتفوق العسكري النوعي للجيش الإسرائيلي، لكنهم يريدون أيضاً التزامات وضمانات بشأن الصين.
وفي حديث لمسؤول حكومي رفيع هذا الأسبوع قال: "نحن بحاجة إلى الاستيقاظ".
هذا هو المنظور الذي ينبغي للمرء من خلاله أن يرى مشروع قانون البنية التحتية بقيمة تريليون دولار، والذي اقترحه "بايدن" في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع.
نعم، يجب أن نعمل على تطوير الطرق والجسور المتدهورة في أمريكا وتمويل المبادرات الجديدة، لكن يجب أن نساهم أيضاً ببقاء الولايات المتحدة ضِمن المنافسة مع الصين، التي تتفوق على استثمارات الغرب في البنية التحتية منذ سنوات.
كما حذّر بايدن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ في شباط/ فبراير من الخطر الذي تمثّله بكين: "إذا لم نتحرك، فسوف يأكلون طعامنا".
وبينما يرى البعض أن "بايدن" يواصل فقط سياسة "دونالد ترامب" المُناهِضة للصين، يبدو أن الرئيس الجديد يقود إستراتيجية واضحة وليست مجرد تصريحات.
إنه يعمل على تقويض بكين على جبهات متعددة كالعقوبات، والاستشارات ضد ممارسة الأعمال التجارية في "هونغ كونغ"، واتهام وزارة أمن الدولة الصينية علانية بشن هجمات إلكترونية ضد الغرب.
وقد ذاقت إسرائيل طعم هذا التهديد السيبراني هذا الأسبوع عندما أعلنت شركة الأمن السيبراني الدولية (فاير-آي) FireEye أن الصين قد اخترقت العشرات من شركات التكنولوجيا والبنية التحتية الإسرائيلية العامة والخاصة كجزء من خطة لسرقة التكنولوجيا والمعلومات.
هذه هي الصين نفسها التي كانت تلتهم استثمارات البنية التحتية لإسرائيل خلال العقد الماضي، فقد قامت الصين ببناء الموانئ ومحطات الطاقة والجسور والأنفاق وغيرها. حيث إن كل الدلائل تشير إلى أن "بايدن" سيطرح هذا الأمر مع "بينيت" عندما يلتقي الاثنان. وقد أوصى البعض في الحكومة الإسرائيلية بعقد مجلس الوزراء الأمني لبحث هذه المسألة الهامة للغاية.
فبينما حاول مسؤولو "ترامب" تحريك الحكومة السابقة لقمع الاستثمارات الصينية في إسرائيل، لم يفعل رئيس الوزراء السابق "بنيامين نتنياهو" الكثير باستثناء كسب الوقت، قام بإنشاء آلية رقابة ضعيفة في عام 2019 يعترف المسؤولون بأنها عاجزة، وقد لاحظ الأمريكيون ذلك أيضاً، ويريدون رؤية إجراءات أكثر صرامة.
إن ما يقودنا إلى التأخير في الإعلان عن شركات البناء التي فازت بمناقصة بناء خطوط جديدة للسكك الحديدية الخفيفة (الأخضر والأرجواني) في تل أبيب, هي شركة المواصلات العامة الإسرائيلية (NTA)، التي تمولها الحكومة والمسؤولة عن تصميم وبناء نظام النقل -التي يديرها ضابط مصلحة السجون السابق "حاييم جليك"- لأنها تتباطأ في اتخاذ قرار نهائي.
رسمياً، ادّعى المتحدث باسم NTA "آفي فيرست" يوم الخميس أن الشركة كانت تنتظر وزارة المالية للسماح لها بفتح الظروف. وقد سألنا المتحدث باسم وزارة المالية "ليلاك وايزمان"، الذي يمثل المدير العامّ, الجنرال "رام بيلينكوف" الذي يخدم أيضاً كرئيس لـ "NTA"، عن حقيقة هذا الادعاء لكنه لم يُجِبْ).
التأخير في الإعلان عن الفائز أمر منطقي دبلوماسياً لإسرائيل، خاصة إذا ما فازت بالعطاء شركة بناء السكك الحديدية الصينية (CRCC)، وهي عضو في إحدى المجموعات المتنافسة على صفقة بمليارات الدولارات.
شركة "CRCC" معروفة في إسرائيل، وتقوم بمشاريع منذ سنوات. وقد قامت إحدى الشركات التابعة لها، وهي شركة الإنشاءات المدنية الصينية (CCECC)، بحفر نفق "جيلون" في الشمال في عام 2014 بتكلفة حوالي 200 مليون دولار، وعملت كمقاول من الباطن في مشروع نفق "الكرمل" بحوالي 150 مليون دولار. في عام 2010، وعلى مدار العامين الماضيين، تم العمل على الخط الأحمر للقطار الخفيف في تل أبيب بتكلفة 500 مليون دولار.
وقد أصدر "بايدن" أمراً تنفيذياً في حزيران/ يونيو يحظر على هذه الشركات تلقي أي استثمارات أمريكية، بسبب العلاقات المشبوهة بصناعة الدفاع الصينية. لذلك لا يمكن للأمريكيين التعامل مع "CRCC"، لكن يبدو أن إسرائيل تعتقد أنها تستطيع ذلك.
وكان من المقرر أصلاً الإعلان عن الفائز بالعطاء في حزيران/ يونيو, وتكهّن بعض خبراء الصناعة بأن "بينيت" يريد تأجيل الإعلان إلى ما بعد اجتماعه مع "بايدن".
فإذا كانت هذه هي إستراتيجيته، فقد يرغب رئيس الوزراء في إعادة التفكير فيها. نعم، بمجرد الإعلان عن الفائز بالعطاء، يكاد يكون من المستحيل إلغاء القرار.
لكن سيكون من الحكمة أن يتجنب "بينيت" إعلان شركة النقل الإسرائيلية أن شركة "CRCC" الصينية قد فازت بالمناقصة بعد أسابيع قليلة من عودته من إعطاء تأكيدات في واشنطن بأنه سيقطع علاقات إسرائيل مع الصين، وهذا لن يؤدي إلا إلى زيادة مشاكل إسرائيل.
مهما كان الأمر، فإن إسرائيل بحاجة إلى أن تخطو بحَذَر في السنوات القادمة؛ لأن أمريكا تتصدى للصين بكل قُواها الاقتصادية، وإسرائيل لن تكون قادرة على القول إنها ليس لها علم بالموضوع.