"نداء بوست" -أخبار سورية- إسطنبول
اِعتبر "مركز جسور للدراسات" أنّ الهدف الرئيسي لهذه الجولة من مسار "أستانا" هو مجرد الحفاظ على المسار واستمرار جولاته.
وبحسب المركز، فقد بدأت الجولة 17 من مسار "أستانا" حول القضية السورية، يوم الثلاثاء 21 كانون الأول/ ديسمبر 2021 في العاصمة الكازاخية "نور سلطان"، وبحضور وفود الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران، ووفدَي النظام والمعارضة، وبمشاركة وفود الأردن والعراق ولبنان كمراقبين، وكذلك ممثلون عن الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، واختتمت الجولة أعمالها ببيان ختامي يوم الأربعاء 22 كانون الأول/ ديسمبر.
كما تضمن البيان الختامي للجولة 18 نقطة، لم تختلف بمعظمها عن بيانات الجولات السابقة مثل التأكيد على سيادة سورية ووحدة أراضيها واستقلالها، ومحاربة الإرهاب ودعم الحل السياسي؛ لا سيما مسار اللجنة الدستورية، كما أعاد بيان هذه الجولة من جديد ما تضمنته بيانات الجولتين السابقتين 15 و16 بذكر "الإصلاح الدستوري" بدلاً من عبارة "كتابة دستور جديد".
ووفقاً للمركز، فقد تَميَّز البيان مقارنةً مع البيانات السابقة بمُطالَبة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بالمساعدة في عملية "التعافي المبكر" في سورية، وإشارته إلى "التوطين المحلي"، والتي يُقصد بها المصالحات، باعتباره الأسلوب الأنجح في استعادة الأمن والاستقرار.
وتُعَدّ هذه الجولة، هي الأولى في جولات "أستانا" التي لم يسبقها تصعيد روسي بقصف مناطق المعارضة، وعادةً ما كانت مشاهد قصف المدنيين تُشكل ضغوطاً وحالة استفزاز لوفد المعارضة قبل أي جولة مفاوضات.
وأوضح المركز أنه كما هي العادة سُبقت هذه الجولة بخطوة لتبادل الأسرى في معبر "أبو الزندين" بإشراف الجانب التركي والروسي، وتمرير المساعدات الإنسانية عَبْر الخطوط بين مناطق المعارضة والنظام من معبر "سراقب" مع تقدير أن إجراءات إطلاق سراح المعتقلين وتمرير المساعدات ما تزال شكلية أو رمزية، وفي حدودها الدنيا.
وأشارَ المركز إلى أنه يمكن قراءة عدد من المؤشرات في جولة "أستانا 17” هي: بات مسار "أستانا" يُعبِّر أكثر من قبل عن تلازم المسار السياسي والميداني، وأصبح تقييم عمل اللجنة الدستورية وتحديد الجدول الزمني لعقد جولاتها في جنيف يُقرَّر بين دول "أستانا" الثلاث، وبشكل أدقّ بين تركيا وروسيا مع المراقبة الحَذِرة من إيران، وهو ما يعني مزيداً من انزياح العملية السياسية نحو مسار "أستانا”.
ونوه المركز إلى أن روسيا تحاول من خلال منصة "أستانا" إعادة تعريف عمل اللجنة الدستورية، وحَصْره بالعمل على الإصلاح الدستوري، وليس كتابة دستور جديد، وإعادة الترويج إلى المصالحات على أنها النموذج الأنجح في تحقيق الاستقرار.
وقال وائل علوان وهو باحث رئيسي في مركز جسور للدراسات ل"نداء بوست": إنه "عادةً ما كانت تسبق جولات أستانة بتصعيد ميداني كبير، وهذا التصعيد بمجمله كان عبارة عن ضغوط تتعمدها روسيا من أجل الحصول على مكتسبات ميدانية في جولات التفاوض في أستانة".
وأضاف في حديثه، "بطبيعة الحال جولات أستانة هي جولات للتفاوض على الأمور الميدانية، لكن بعد الجولة الرابعة والخامسة بدأت تدخل الملفات السياسية كمحل للتفاوض في جولة أستانة ومؤخراً أصبحت اللجنة الدستورية تقيم جولاتها ويوضع برنامجها الزمني في أستانة".
وأكّد أنّ "الجولة الأخيرة لم يسبقها تصعيد ميداني على الأرض، ولم يكن هناك مؤشرات تدعو إلى لقاء الضامنين، وإلى لقاء الوفود والتفاوض على أنور ميدانية وحتى الملفات السياسية لا يوجد خرق جديد يستدعي التباحث حولها، وإقامة ربما جولات جديدة في اللجنة الدستورية إلا من أجل البقاء على هذه المسار حياً وعدم انهيار العملية السياسية".
وتتجه منطقة شمال غرب سورية في المرحلة القادمة إلى مزيد من الاستقرار النسبي، رغم بقاء بعض الملفات العالقة وأهمها فتح الطريق الدولي “M4” أمام الدوريات المشتركة والحركة التجارية، وعزل الفصائل المعتدلة عن المتطرفة، وهي ملفات من شأنها أن تُحافظ على استمرار وقف إطلاق النار، وإنْ بشكل قَلِق ومؤقت بحسب المركز.
كذلك كشف المركز إلى أنه لا تبتعد مخرجات "أستانا" -في تأكيد دعم الاستقرار ووقف إطلاق النار وإجراء عملية التعافي المبكر وتخفيف الحصار الاقتصادي عن النظام- عن التفاهُمات "الروسية-الأمريكية" بخصوص التعاطي مع الملف السوري.
ورأى المركز أنَّ الهدف الرئيسي لهذه الجولة من مسار "أستانا" هو مجرد الحفاظ على المسار واستمرار جولاته، مع تأكيد المُتفَق عليه كخطوط عريضة وترحيل التفاصيل الخلافية بين الضامنين، مع حرص روسيا على تثبيت بعض المُكتسَبات السياسية، وإن كانت غيرَ متفَقٍ على تعريفها، والحفاظ على استمرارية مَسار اللجنة الدستورية وفتح فرصة لجولة جديدة لها في "جنيف".