"نداء بوست"- عواد علي- بغداد
سجّلت مؤسسات حكومية ومنظمات مجتمعية عراقية ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الاتجار بالبشر في العراق، بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة في البلاد.
وأظهرت العمليات الأخيرة التي قام بها جهاز مكافحة الاتجار بالبشر، التابع لوزارة الداخلية العراقية، قبل أيام قليلة نجاحه في إلقاء القبض على امرأة، عند محاولتها بيع طفل رضيع في مدينة السيدية وسط العاصمة بغداد، مقابل 2.5 مليون دينار عراقي، أي قرابة 1800 دولار.
وأوضح مدير مكتب تحقيقات الكرخ في مديرية مكافحة الاتجار بالبشر، العميد وسام الزبيدي، أن خيوط الكشف عن الجريمة "تجلت عقب المتابعة لفتاة قاصر تعمل في مقهى بالعاصمة بغداد، تم ضبطها أثناء عملية بيعها وإيداعها دار الإيواء، واعترفت بوجود طفل لها أودعته عند مربية، وعند متابعة الطفل تم الكشف عن عملية بيعه وإلقاء القبض على المربية متلبسة".
ووفقاً لاعترافات المتهمة، فإن ثمن الطفل البخس الذي كانت تنوي بيعه فيه يظهر مدى استشراء الظاهرة، واستسهال عمليات البيع والشراء فيها، إلى حد بلوغ سعر الطفل الرضيع سعر هاتف جوال حديث، أما أغراض الاستعمال فتتنوع وفقاً لعمر الضحية.
ويُباع الرضيع ويُشترى أحياناً لغرض التبني من قبل عائلة محرومة من الإنجاب، ويُستخدم في الغالب من جانب عصابات التسول، بينما تُستخدم الفتيات في أنشطة مختلفة بعد التحايل عليهن بحجج الزواج أو التهديد بالفضيحة.
وأشار الزبيدي إلى أن الأطفال ليسوا الوحيدين الذين يتم الاتجار بهم، بل إن النسبة الكبرى من عمليات الاتجار بالبشر تتم عبر استغلال النساء، وبالأخص من هن دون سن المراهقة.
ويقول باحثون: إن عوامل عدة تقف وراء الارتفاع الملحوظ في معدلات الاتجار بالبشر، أبرزها الأوضاع الاقتصادية واستشراء الفقر، حيث تشير وزارة التخطيط في آخر إحصاءاتها إلى أن "نسبة الفقر تجاوزت 30% من الشعب العراقي، وبالأخص في المحافظات الوسطى والجنوبية".
ويتضمن قانون مكافحة الاتجار بالبشر في العراق عقوبات تصل إلى حد السجن المؤبد والإعدام في بعض الحالات، لكن قانونيين يرون أن عقوباته صعبة التطبيق لأسباب عديدة، أبرزها اعتماد عمليات الاتجار على التحايل وخداع الضحايا، أو استغلال ظروفهم وظروف عائلاتهم، وهو ما يحتاج إلى جهد استخباري فائق لملاحقة تلك الحالات والكشف عنها، كما أوضح الخبير القانوني علي التميمي.
وكانت وزارة الداخلية قد كشفت عن وجود تحرك دولي للحد من الاتجار بالبشر، وأشارت إلى أن العراق ضمن التصنيفات المتقدمة في مكافحة الاتجار بالبشر.
كما كشفت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، في وقت سابق، عن تصاعد جرائم الاتجار بالبشر، مؤكدةً حدوث 300 جريمة خلال العام الماضي.