ترجمة – قسم الترجمة في "نداء بوست" – عبدالحميد فحام
يجتمع رؤساء كلٍّ من روسيا وتركيا وإيران يوم الأربعاء 29 أيلول/سبتمبر في مدينة سوتشي الروسية لمناقشة الوضع في سورية، وكما كان الحال في الاجتماعات السابقة، فمن المُرجّح أن يتصدّر الوضع شمال غربي سورية جدول الأعمال. فمع أن منطقة إدلب الكبرى ظلّت من الناحية الفنّية خاضعة لوقف إطلاق النار الذي اتفقت عليه روسيا وتركيا في آذار/مارس عام 2020، إلا أن الطائرات الروسية والمدفعية السورية ارتكبت انتهاكات روتينية وقاتلة منذ ذلك الحين. وعلى الرغم من مكانته كضامن لوقف إطلاق النار، فقد صعّد الجيش الروسي تصعيداً ملحوظاً في الأيام الأخيرة من هجماته، في محاولة واضحة لتأكيد نفسه قبل مفاوضات هذا الأسبوع.
ومنذ منتصف شهر آب/أغسطس شنّت المقاتلات الروسية سلسلة مستمرة من الضربات على أهداف مدنية إلى حد كبير في مناطق حساسة في إدلب، مثل جبل الزاوية، وشمال شرقي اللاذقية. وبالتوازي مع ذلك نشرت تركيا آلاف القوات في هذه المنطقة في محاولة لتعزيز وقف إطلاق النار وردع القوات الموالية للنظام عن شنّ هجوم جديد.
ففي المرة الأخيرة التي اندلعت فيها أعمال قتالية كبيرة في إدلب، نزح أكثر من مليون مدني في غضون أسابيع، وشنّ الجيش التركي حملة غير مسبوقة ضد القوات السورية (درع الربيع)، ما أدّى فعلياً إلى وقف إطلاق النار المُتفق عليه في آذار/مارس 2020.
التصعيد بتوجيهٍ روسي قبل استئناف المحادثات في سوتشي (قبله في أستانا) هو مجرد جزء من المسار، ولكن خلال عطلة نهاية الأسبوع، وسّعت روسيا بجرأة النطاق الجغرافي للتصعيد من خلال شن ضربات في "غصن الزيتون" الخاضع للسيطرة التركية (عفرين)، ومناطق "نبع السلام" (رأس العين). وكان الهجوم على المنطقة الأخيرة خارج تل تمر يوم الأحد هو أول عمل عدائي روسي هناك منذ أن سيطرت عليها تركيا وقوات المعارضة السورية قبل نحو عامين. فقد استهدفت إحدى الضربات في منطقة عفرين يوم الأحد مقراً لفرقة الحمزة، وهي واحدة من أهم القوات التي تعمل بالتنسيق الوثيق مع تركيا شمالي سورية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10 أفراد، بينهم مدنيون كانوا في الجوار.
حتى الآن، كان رد تركيا على التصعيد الروسي متحفِّظاً بالمقارنة لما حدث من قبل، وانتشرت يوم الأحد عدة مئات من القوات التركية في إدلب لتعزيز مواقعها في جبل الزاوية، إلى جانب الدبابات وناقلات الجند المدرعة وأنظمة المدفعية الثقيلة. كما شنّت قوات المعارضة السورية الموالية أو المرتبطة بتركيا عدداً من الهجمات الانتقامية، من ضمنها هجوم صاروخي بعيد المدى على قاعدة "حميميم" الجوية الروسية في اللاذقية (وهو أول هجوم من نوعه في عام 2021)، كذلك استهدفت بصاروخ موجّه مضاد للدبابات جيش النظام السوري جنوبي عفرين، واستهدفت المضادات الأرضية مروحية روسية قرب تل تمر.
يأتي الاجتماع الثلاثي في سوتشي قبل يوم من الذكرى السنوية السادسة للتدخل العسكري الروسي في سورية، ويبدو أنّ جزءاً كبيراً من الشرق الأوسط يتجه نحو شكل من أشكال إعادة الارتباط بنظام الأسد، وفي نهاية المطاف، لا يبدو أن دوّامة التصعيد الكبيرة تصبّ في مصلحة أي طرف، لكن من الواضح أن روسيا تسعى للحصول على تنازلات تركية على الأرجح فيما يتعلق بالطريق السريع M4"".
ويبقى أن نرى هل ستحصل روسيا على مثل هذه التنازلات، خاصة أنّ الوضع في إدلب له أهمية كبيرة لمصلحة الأمن القومي لتركيا.
المصدر: معهد الشرق الأوسط للأبحاث
Author
-
باحث رئيسي، مدير برنامج سوريا وبرامج مكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط للأبحاث