المصدر: ذا ناشيونال إنتريست
ترجمة: عبدالحميد فحام
بقلم: كارولين روز محللة أُولى ورئيسة في معهد نيو لاينز للإستراتيجيات والسياسات
سيتم إحالة قانون التفويض الوطني لعام 2022 (NDAA) قريباً إلى مجلس الشيوخ للتصويت عليه، ومعه تعديل يسعى إلى معالجة أحد أكثر المنتجات الثانوية التي تم تجاهلها لصالح نظام الأسد في سورية: إنها تجارة المخدرات (الكبتاغون).
ففي حين أن التجارة غير المشروعة للكبتاغون، وهي مادة من نوع الأمفيتامين، تم إنتاجها وتصديرها من سورية لسنوات، كان هناك تحوُّل ملحوظ مؤخراً يتطلب اهتماماً من صانعي السياسة الأمريكيين والشركاء الإقليميين. فمنذ وصول تجارة المخدرات إلى سورية في منتصف التسعينيات، استمر إنتاج الكبتاغون وتهريبه بشكل أساسي بين الجهات الفاعلة غير الحكومية والمنظمات الإرهابية التي تُنتج الكبتاغون وتتاجر به بكميات صغيرة. ومع ذلك، ومع تعثُّر الاقتصاد السوري وتزايُد رغبة نظام الأسد في الحصول على مصادر دخل بديلة، حَوَّلت تجارةُ الكبتاغون المُقدَّرة بـ 3.5 مليار دولار سوريةَ إلى دولة مخدرات، مع إنتاج بحجم كبير غمر المنطقة المحيطة بسورية وملأ خزائن النظام وشركائه، حزب الله اللبناني والميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإسلامي الإيراني بالعوائد المالية.
إن تعديل قانون التفويض الوطني لعام 2022، الذي اقترحه عضو الكونغرس فرينش هيل، يُعَدّ خطوة أولى وضرورية للولايات المتحدة للحصول على تقديرات بشأن تجارة الكبتاغون السورية وتحديد سُبُل تعطيلها. فبينما ظل الكبتاغون محطّ اهتمام وكالات الأمن القومي الأمريكية لسنوات، فإن الافتقار إلى التنسيق والمراقبة الكافية والتخطيط الإستراتيجي حول كيفية مواجهة التجارة بين الإدارات والوكالات الأمريكية بنجاح وضع الولايات المتحدة وشركاءها في مكان متأخر عن مواكبة الأمر.
وتستمر شحنات الكبتاغون في التغلب على أنظمة إنفاذ القانون الإقليمية، حيث تتلقى المملكة العربية السعودية ملايين حبوب الكبتاغون المموَّهة بين السلع المشروعة مثل البرتقال والرمان وحبوب الكاكاو والعنب في موانئها البرية والبحرية. وبالمثل، كافح الأردن لمواكبة التجارة، حيث تفتقر قواته إلى الموارد والأفراد اللازمين لاعتراض جميع الشحنات المشبوهة عَبْر الحدود ومواجهة الاشتباكات العنيفة عَبْر الحدود مع المهربين. وعَبْر البحر الأبيض المتوسط في أوروبا وإفريقيا، أصبحت عمليات ضبط الكبتاغون ذات المصدر السوري أكثر تواتُراً، حيث عُثر عليها مهربة في أفران البيتزا وأسطوانات الكرتون والمعدات الصناعية.
وعلى الرغم من الجهود المحدودة لإدارة مكافحة المخدرات (DEA) في التحقيقات المشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع بلدان المقصد وعبور الكبتاغون، تفتقر الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى آلية تنسيق -ناهيك عن إستراتيجية مشتركة- لإدارة تجارة الكبتاغون. عِلاوة على ذلك، فإن التطبيع المتسارع مع سورية التي يسيطر عليها الأسد من قِبل الحكومات الإقليمية وحتى المنظمات الحكومية الدولية مثل الإنتربول، جعل من الصعب بشكل متزايد مواجهة تجارة الكبتاغون، ناهيك عن مراقبتها. وسمحت مصادرة أدلة على شحنات الكبتاغون المهربة وعمليات منع إنفاذ القانون إلى زيادة الوعي العامّ حول التجارة وعلاقتها بنظام الأسد، ولكن لا يزال هناك القليل من المعلومات حول الصيغة الكيميائية للمخدر، وكيفية إنتاجه، وكيفية نقله، وأسواق المستهلكين الخارجية.
إنه من الأهمية بمكان أن تلتقي وكالات الأمن القومي الأمريكية على إستراتيجية داخلية تسعى أولاً إلى فهم البِنْية التحتية لتجارة الكبتاغون وطريقة عمل الجهات الفاعلة غير المشروعة من أجل مواجهتها بشكل صحيح. ويجب أن يكون اقتراح تعديل قانون التفويض الوطني لعام 2022 لإستراتيجية مشتركة بين الوكالات بين وزارة الخارجية ووزارة الخزانة ووزارة الدفاع وإدارة مكافحة المخدرات والوكالات الفيدرالية الأخرى، بالإضافة إلى حملة توعية لتعزيز المساءلة بين الجهات الفاعلة غير المشروعة في تجارة وإنتاج الكبتاغون، خطوة ضرورية لمواجهة تجارة الكبتاغون وتعزيز قانون "قيصر" لعام 2020 دون الحاجة إلى تكديس عقوبات إضافية.
وقد تسارعت تجارة الكبتاغون بسرعة إلى تحدٍّ إقليمي متوسطي يتطلب اهتماماً متزايداً من الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين. ومن الأهمية بمكان أن يحظى تعديل قانون التفويض الوطني لعام 2022 بدعم من الحزبين كدليل على اهتمام الولايات المتحدة بمواجهة نظامٍ مَا وتجارة المخدرات التي أصبحت تُرهِب الكثيرين.