المصدر: ذا ترامبيت
بقلم: (جوشوا تايلور) صحفي ومحرر
ترجمة: عبد الحميد فحام
في خطاب ألقاه في الأمم المتحدة الشهر الماضي، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت من أن البرنامج النووي الإيراني قد وصل إلى "لحظة فاصلة". فقال: "الكلمات لا تمنع أجهزة الطرد المركزي من الدوران". لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. لكن الإجماع يتزايد على أن الأوان قد فات لمنع إيران من الحصول على القنبلة.
لقد كتبت صحيفة وول ستريت جورنال أنه: "وفقاً للضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية رويل جيرخت وزميله البارز في مجلس العلاقات الخارجية راي تاكيه، فإن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي وأعوانه "لم ينفقوا المليارات ويتحملوا موجة مد وجزر من العقوبات والاضطرابات الاجتماعية، ليقتربوا فقط من امتلاك السلاح النووي، سوف يصنعون القنبلة بأسرع ما يمكن ويبررونها بعد ذلك ". وقد قال وزير المالية الإسرائيلي أفيغودور ليبرمان إنه "لن يوقف البرنامج النووي الإيراني أي عملية أو اتفاق دبلوماسي"، وأضاف أن "المواجهة مع إيران هي مجرد مسألة وقت قصير وليس الكثير من الوقت".
وتأييداً للخطاب، بدأت إسرائيل في الاستعداد لضرب إيران. فقد بدأ سلاح الجو الإسرائيلي تدريبات على ضربات محتملة على منشآت إيرانية، بالإضافة إلى ذلك، وافقت الحكومة الإسرائيلية على ميزانية قدرها 1.5 مليار دولار لضربة عسكرية محتملة على إيران. لكن هل ستكون الضربة الجوية كافية؟ وفقاً لجيريخت وتكييه، فإن "التقدم الذي حققته طهران في تطوير أجهزة الطرد المركزي سيجعل الإجراءات الوقائية مستحيلة وسيكون ذلك قريباً"، لقد بذلت إيران كل ما في وسعها للتستر على هذا التقدم وإخفائه. فقد حذّرَ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي من أن الإجراءات المُتخذة لمراقبة البرنامج النووي الإيراني لم تعد "سليمة".
ففي الشهر الماضي، احتجّ غروسي على رفض إيران السماح بمراقبة تيسا كاراج، التي يعتقد أنها منشأة مهمة لتصنيع أجهزة الطرد المركزي. وحاولت إسرائيل بالفعل استخدام القوة المحدودة لوقف إيران، ولقد قصفت إسرائيل مواقع وخربت منشآت رئيسية واغتالت شخصيات بارزة في برنامج إيران النووي، ولكن لم يوقف أي من هذا إيران، ففي أحسن الأحوال، من شأن الضربة الجوية البسيطة أن تؤخر ما لا مفر منه، ولا شيء أقل من غزو عسكري واسع النطاق يمكن أن يوقف إيران الآن، ولكن إسرائيل ببساطة لا تملك الموارد أو القوى البشرية أو الدعم الدولي لغزو واسع النطاق.
ألا تستطيع الولايات المتحدة استخدام مواردها العسكرية الهائلة لوقف إيران؟ لم تعد إيران تخشى الولايات المتحدة، ولسبب وجيه فقد سخر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من الولايات المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكملها، قائلاً: "من الكابيتول في البيت الأبيض إلى كابول، تم إرسال رسالة واحدة واضحة للعالم: نظام الهيمنة الأمريكية ليس له مصداقية، سواء داخل البلاد أو خارجها". فقد أظهر استسلام أمريكا في أفغانستان للعالم أنها تفتقر إلى الإرادة للقتال. ولقد أصبحت الولايات المتحدة نمراً من ورق. لسوء الحظ، لم تفعل الولايات المتحدة شيئاً لدحض تهكم رئيسي، حتى مع تقدُّم إيران بوقاحة نحو القنبلة، تواصل الولايات المتحدة الهراء، فكانت ردود الفعل القوية من واشنطن مثيرة للشفقة، ووفقًا للمبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران روبرت مالي، فإن الولايات المتحدة تخطط للعمل مع شركائها العالميين في "الأيام والأسابيع المقبلة" من أجل "مناقشة كيف سنتخلص من هذه الورطة".
كيف سمح المجتمع الدولي لإيران بالوصول إلى هذا الحد؟ في حقيقة الأمر فشل الغرب في فهم الدور البارز الذي يلعبه الدين في إيران. فعلى مدى عقود، عاملَ القادة والدبلوماسيون الغربيون إيران كدولة طبيعية. لقد اعتقدوا أن القيادة الإيرانية تتصرف بعقلانية وبنية حسنة، وأن إيران يمكن إقناعها أو تحريكها أو التأثير عليها بالدبلوماسية، كان هذا التفكير خطأً فادحاً وسمح لإيران بالسير مباشرة إلى عبور الخطوط المحرمة لامتلاك السلاح النووي. حكومات الغرب ليست واعية بما يفعله الدين. فالسياسي العادي أو الدبلوماسي هو نتاج التعليم العالي العلماني حيث تنظر هذه النخب إلى الدين في ضوء ليبرالية ما بعد التاريخ، وترفضه باعتباره بدائياً ومتخلفاً. وبالمقارنة مع إيران فإن رأس إيران ليس الرئيس الإيراني بل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، أعلى سلطة دينية في البلاد، والحكومة الإيرانية في تأسيسها حكومة دينية حيث تنص المادة 1 من الدستور الإيراني على أن إيران "جمهورية إسلامية" وتنص المادة 2 على أن الجمهورية الإسلامية تقوم على الإيمان بالله و"الوحي الإلهي ودوره الأساسي في إقرار القوانين" أخيرًا، فإن 99.4٪ من سكان إيران مسلمون.
لقد فشلت النخب الغربية في فهم أن إيران أولاً وقبل كل شيء دولة دينية والأهم من ذلك أنهم فشلوا في فهم أن إيران دولة دينية راديكالية مُتعصّبة. إيران هي أكبر دولة ذات أغلبية شيعية في العالم، وداخل إيران يُعرّف 90 إلى 95 في المائة من المسلمين بأنهم شيعة، وغالبيتهم من الاثنا عشرية، الذين يعتقدون أن "منقذهم -الإمام الثاني عشر أو المهدي- سيعود قريباً إذا تسببوا في المزيد من الفوضى والعنف المروّع" ، كما قال محرر ترومبيت في كُتيبه المجاني ملك الجنوب. كتب جويل روزنبرغ، المساعد السابق لبنيامين نتنياهو، في كتابه أعداء وحلفاء، أن المرشد الأعلى لإيران ودائرته الداخلية يتبعون هذه الأيديولوجية المتطرفة، والتي هي "أخطر بكثير من مجرد التطرف الراديكالي"، ويعتقدون أن الطريقة لتحقيق عودة المهدي هي "الحصول بشكل منهجي على أسلحة الدمار الشامل ومن ثم شن الحرب التي ستؤدي إلى نهاية الدنيا".
بالنسبة للإيرانيين، السعي للحصول على أسلحة نووية هو التزام مُقدّس سيؤدي إلى مجيء "مخلّصهم"، لذلك سنستيقظ قريباً في عالم مرعب حيث يمتلك هؤلاء المتعصبون أسلحة نووية، هذا إن لم يكن لديهم بالفعل. هذا التعصب هو السبب في أن القوانين والأعراف والمعاهدات الدولية واتفاقيات حظر الانتشار النووي لم تفعل شيئاً لوقف إيران، كما يراها قادة إيران، فإن "الشيطان الأكبر"، الولايات المتحدة الأمريكية، صممت وتدير النظام الدولي بأكمله ولا ترغب إيران في الانضمام إلى مجتمع عالمي تنوي إلقاءه في "الفوضى والعنف المروعين". حتى هذه اللحظة، قدمت عرضاً للتلاعب بالوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي وإذا نظرنا إلى أفعالها الأخيرة، نفهم أن إيران لم تعد تعتبر التعامل مع المجتمع الدولي ضرورياً.
ما نراه اليوم هو بالضبط ما حذّر منه السيد فلوري لأكثر من 30 عاماً. في كتابه "ملك الجنوب"، ويثبت السيد فلوري أن الكتاب المقدس ليس صامتاً بشأن شيء مروع مثل إيران المسلحة نووياً فلقد ورد في الكتاب المقدس وصفٌ لحال يشبه سلوك إيران.