نداء بوست-المتابعة والتحقيقات-أحمد العكلة
نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أتراك قولهم: إن أنقرة عازمة على تنفيذ عملية عسكرية ضد "قسد" في شمالي سورية، إذا ما فشلت المحادثات مع الولايات المتحدة وروسيا بشأن تنفيذ الاتفاقيات المبرمة حول المنطقة.
وقال مسؤول تركي كبير -لم تكشف الوكالة هويته-إنه "من الضروري تطهير المناطق التي تنطلق منها الهجمات ضدنا باستمرار، لا سيما تل رفعت شمال حلب".
وأشار مسؤولان آخران إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيناقش هذه القضية مع نظيره الأمريكي جو بايدن على هامش اجتماع قمة العشرين التي ستعقد نهاية الشهر الحالي، ومن ثم سيُناقش هذا الملف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ووفقاً للمصدر فإنه في حال عدم الحصول على نتائج ملموسة من المحادثات الدبلوماسية ولم تغادر "قسد" المناطق المنصوص عليها في اتفاق سوتشي 2019، وإبعادها مسافة 30 كيلومتراً عن الحدود التركية، والتي تسيطر عليها روسيا وبعض العناصر الإيرانية، فإن العملية العسكرية حتمية في تل رفعت وبعض المواقع الأخرى.
غموض موعد العملية العسكرية
وقال الباحث في الشان التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو إنه: "على الرغم من التهديدات التركية بشن عملية عسكرية مختلفة في شمال سورية، والتي جاءت على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 11تشرين الأول /أكتوبر 2021، خلال مؤتمر صحفي "لقد نفد صبرنا تجاه بعض المناطق التي تعد مصدرا للهجمات الإرهابية من سورية نحو بلادنا" إلا أن توقيت العملية العسكرية التركية ما يزال غامضاً".
وأضاف في حديث لموقع "نداء بوست" أنه "يبدو واضحاً بأن المباحثات الدبلوماسية (خلف الأبواب المغلقة) التي تخوضها تركيا مع (الولايات المتحدة وروسيا) للتوصل إلى صيغة مشتركة لإبعاد الوحدات الكردية عن حدودها (مسافة 30 كيلومتراً على الأقل) ما زالت تراوح مكانها".
وأشار في حديثه أنه "يمكن القول بأن أنقرة أبقت الباب موارباً أمام حدوث أي توافق جديد مع الأمريكان والروس حيث من المتوقع أن يبحث الرئيس أردوغان مع نظيريه الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين التي ستعقد نهاية الشهر الجاري إبعاد الوحدات الكردية عن حدودها وإلا فإن العملية قادمة في تل رفعت وبعض المناطق الأخرى".
وأوضح أوغلو أنه "في حال عدم شن تركيا عملية عسكرية في الشمال السوري يبدو أنها مضطرة لانتظار الظروف السياسية وعلى وجه الخصوص حلحلة جديدة في العلاقات التركية الأمريكية التي شهدت توتراً كبيراً خلال الأسابيع الماضية وتفاهمات جديدة مع الروس من أجل نجاح أي خطوة ستقدم عليها في الساحة السورية خلال المرحلة المقبلة".
كما في (11 تشرين الأول / أكتوبر)، تعهّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرد على هجوم مسلح كردي حدث في شمال سورية أسفر عن مقتل ضابطَيْ شرطة تركييْنِ. وقال أردوغان: إن تركيا "نفد صبرها" وإنها مستعدة لتولي زمام الأمور بنفسها، إذا فشلت دول أخرى (على وجه التحديد روسيا والولايات المتحدة) في العمل مع أنقرة للتعامل مع هذه القضية.
ورداً على الهجوم الأخير على الشرطة التركية، بدا أن أردوغان يشير أيضاً إلى هجوم محتمل حول منطقة "تل رفعت"، وهي جيب من الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في شمال حلب والتي كانت بمثابة منطقة عازلة بين سورية وحلفائها والقوات التركية لسنوات.
ففي حين أن "تل رفعت" ليست تحت الحماية الأمريكية، فإن مناطق أخرى، مثل "منبج" وما هو واقع شرقها هي واقعة تحت الحماية الأمريكية.
وقد شنت تركيا عدة هجمات على مناطق في سورية لاحتواء انتشار المسلحين المتحالفين مع وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) في سورية، وكذلك حزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي شنّ هجمات عَبْر الحدود على تركيا من كِلا البلدين سورية والعراق.
وفي عام 2018، شنّت تركيا عملية في مدينة "عفرين" شمال سورية لطرد مقاتلي وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني. لكن القوات التركية لم تضغط على "تل رفعت" حينها، تاركة الجيب تحت السيطرة الكردية.
اتفاق دولي
كذلك أكّد الأستاذ في جامعة كارتكن التركية د. قتيبة الفرحات أنه "لا يمكن شن عملية عسكرية في تل رفعت ومنبج في الوقت القريب بسبب الملفات العالقة في كل الشمال السوري، وعدم وضوح الخارطة المستقبلية في الشمال على المدى القريب".
كما أضاف في حديث لموقع "نداء بوست" أنه "ما أراه هو اتفاق دولي ينفذه الروس والأمريكيون لإدخال تركيا وجرها لحرب استنزاف الهدف منها هو الجغرافيا التركية المستهدفة بالذات".
وأشار في حديثه "قصف سرمدا ومناطق حدودية أخرى يعني في مفهوم القوة الروسية أنه لا أحد يستطيع أن يحمي سورية من قذائفنا، وحماية السوريين يعني خوض حرب دولية لا تفكر فيها تركيا على المدى القريب، لذلك لا أظن أن تركيا ستدخل أية منطقة جديدة في ظل وضع روسيا يدها على مناطق "قسد" بطلب منها".
صعدت روسيا في الآونة الأخيرة من قصفها على مناطق إدلب، كذلك قام نظام الأسد بارتكاب عدة مجازر في إدلب وريفها وهو ما زاد باب التوقعات بشن هجوم روسي تزامناً مع أي معركة تركية بريف حلب.
إدلب خط أحمر
من جهته كشف رئيس الائتلاف الوطني سالم المسلط، أن إدلب تعتبر خطاً أحمر لدى تركيا، ولن تقبل بدخول نظام الأسد وروسيا إليها.
ونقلت وكالة "الأناضول" عن "المسلط" قوله: "لنا ثقةٌ بإخوتنا الأتراك، ونريد أنْ نرى التزاماً من روسيا بالاتفاقيات الموقَّعة حول إدلب".
وأوضح أنَّ "التصعيد العسكري في إدلب من جانب النظام والميليشيات التابعة له كان حاضراً في حديث الائتلاف مع الجانب الأمريكي".
من جهته رأى المتحدث باسم الجيش الوطني يوسف حمود أن "نتوقع افتتاح معركة في تل رفعت ومنبج وإن حصلت هذه المعركة فهي ستكون مشتركة، ونسعى لوقف الاعتداءات الإرهابية باتجاه مناطقنا واستمرار الممارسات".
وأضاف في حديثه ل "نداء بوست" أن "المعطيات تشير إلى افتتاح معركة، والعوائق التي تواجه الجيش الوطني هي فقط مسألة الدعم، والمناخ السياسي الدولي الذي يكون مؤيد لأي معركة، وفي الوضع السوري هناك مجموعة من الأطراف الدولية المتنازعة، وهذا يحتاج إلى مناخ سياسي".
وحول الاستعداد لمواجهة أي معركة محتملة في إدلب أكّد الحمود أنه "بالنسبة إلى احتمالية شن المعركة على إدلب، نحن متواجدين في المعارك الأخيرة بشكل جيد ولدينا نقاط رباط، ولن نصمت عن أي هجوم ونحن متواجدون وبقوة وسندافع عن المحافظة".
جدير بالذكر أن قوات الأسد قصفت أمس الأربعاء مدينة أريحا جنوب إدلب مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا معظمهم أطفال.