تواجه جهود الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لاستعادة العلاقات المتراجعة مع روسيا اختباراً مبكراً فيما يتعلق بالملف السوري، حيث من المقرر أن ينتهي تفويض مجلس الأمن لممرات المساعدات الإنسانية في سورية هذا الأسبوع.
كان استمرار تدفق المساعدات إلى سورية طلبًا رئيسيًا قدمه بايدن للرئيس فلاديمير بوتين في قمتهما في جنيف الشهر الماضي، لكن هذا سيتطلب من البلدين والأعضاء الآخرين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع.
تريد الولايات المتحدة والدول الحليفة تجنب توقف عمليات الإغاثة، التي تفيد السوريين الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، "بوتين" من جهته يريد انتزاع تنازلات لحليفه الرئيس السوري بشار الأسد ويمكن أن تكون حياة الملايين في مهب الريح.
قال جيمس جيفري ، الذي عمل مؤخراً كمبعوث أمريكي لسورية وتفاوض على المساعدات عبر الحدود مع موسكو: "السؤال الإستراتيجي الأساسي هو ماذا ستطلب روسيا من المجتمع الدولي والولايات المتحدة مقابل إنقاذ هؤلاء 3.5 مليون شخص؟"، وأضاف: "تركز الولايات المتحدة كثيراً على هذا الأمر ويحظى باهتمام كبير، لكن بوتين لن يفعل ذلك لمجرد إسعادنا".
خفضت روسيا تدريجياً مثل هذه المساعدات لسورية في السنوات الأخيرة، بحجة أن العملية عبر الحدود -والتي تفيد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة- تقوّض سيادة نظام الأسد، يأتي هذا الجدل بعد ست سنوات من قرار بوتين بدخول الصراع، والذي أدى إلى تحويل ميزان القوى لصالح النظام في دمشق.
ويقول منتقدون إن حكومة الأسد تحجب السلع الأساسية مثل الطعام والمياه النظيفة عن ملايين السوريين كأداة للحرب، ومن أجل الالتفاف على الأسد، وافقت الأمم المتحدة في عام 2014 على أربعة معابر حدودية لتوصيل المساعدات، لكن روسيا -التي تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن- فرضت العام الماضي إغلاق جميع هذه المعابر باستثناء واحد.
يتفاوض مجلس الأمن على قرار ، صاغته أيرلندا والنرويج، يهدف إلى إبقاء ممر المساعدات الحالي على الحدود التركية مفتوحاً بينما يحاول مشروع القرار إعادة فتح ممر من العراق، وانتقدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة "ليندا توماس غرينفيلد" هذا القرار ، في وقت زيارتها مؤخراً الحدود "التركية السورية" وقالت إن هناك حاجة لثلاثة معابر.
وقالت "توماس غرينفيلد": "يعاني ملايين السوريين، وبدون اتخاذ إجراءات عاجلة، سيتم قطع الغذاء والمياه النظيفة والأدوية ولقاحات كوفيد-19 عن ملايين آخرين"، وأضافت: "الوضع مدمر ، وسيزداد سوءاً إذا لم نتحرك. يجب على مجلس الأمن أن يفي بوعده مع وصول المساعدات الإنسانية القوي الذي يحتاجه سكان المنطقة بشدة".
ومع ذلك، يشير الروس إلى أنه حتى إبقاء معبر واحد مفتوحاً سيكون صعباً، فقد قال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة "فاسيلي نيبينزيا" لإحدى الصحف يوم الأربعاء الماضي: "ما نسمعه من زملائنا حول إعادة فتح النقاط الحدودية المغلقة هو في الحقيقة ليس مجدياً، نحن نناقش المعبر المتبقي".
بينما يرفض الغرب ربط مفاوضات المساعدات الإنسانية بالمطالب الروسية بتخفيف العقوبات على الأسد، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية الشهر الماضي أنها رفعت العقوبات عن شركتين مقرهما في دبي، وتحت سيطرة "سامر الفوز" رجل الأعمال الموالي للنظام السوري.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية -طلب عدم الكشف عن هويته: "إن الوزارة قررت أن هناك تغييراً في الظروف أو الوضع من جانب الشركات يبرر رفع القيود، وأشار المسؤول إلى أن "فوز"، بالإضافة إلى اثنين من أشقائه، ما زالوا يخضعون للعقوبات الأمريكية.
وقال جيفري، المبعوث السابق إلى سورية: إن الخطوة المتعلقة بالشركتين يمكن تفسيرها على أنها إشارة إلى موسكو، لكنه حذر أيضًا من أن التوصل إلى تسوية أوسع بشأن سورية سيعتمد على تغيير سلوك الأسد والمساءلة عن جرائم الحرب التي ارتكبها.
حذر القائم بأعمال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة "راميش راغاسنغهام" من أن عدم تمديد تصريح ممر المساعدات سيكون له عواقب وخيمة على السكان، مما يؤدي إلى تعطيل "المساعدات المنقذة للحياة لـ 3.4 مليون شخص محتاج في جميع أنحاء الشمال الغربي، الملايين منهم من بين الفئات الأكثر ضعفاً في سورية".
وقال "جيفري": "مع احتياج 90٪ من الأشخاص إلى المساعدة من أجل بقائهم على قيد الحياة، فإنهم سيواجهون وضعاً كارثيّاً حقّاً"، "ببساطة لا يوجد بديل للعملية عبر الحدود".
كان نهج روسيا في مفاوضات الأمم المتحدة هو تأجيل أي قرار حتى اللحظة الأخيرة، مما يعني أن وضوح المساعدات عبر الحدود من المرجح أن يتأخر حتى آخِر مهلة يوم السبت.
وقالت "إلينا سوبونينا"، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط: "لم يُتخذ القرار بعد، ولن يحدث هذا إلا قبل التصويت مباشرة"، وأضافت: "لا يمكننا استبعاد خيار الفيتو" ، مرجحة أن يكون الحد الأقصى الذي ستوافق عليه روسيا هو تمديد التفويض لممر إنساني واحد".
تقول العشرات من المنظمات غير الحكومية إنه بدون المعابر ستكون النتائج كارثية، خاصة أنها تحاول تطعيم السكان في المناطق التي يسيطر عليها المعارضة ضد فيروس "كورونا".