نداء بوست – عواد علي – بغداد
حذّر الباحث الآثاري العراقي عبد السلام صبحي طه في تصريح لـ"نداء بوست" من الأبعاد المستقبلية لقضية تثبيت وجود آثار بيت للنبي إبراهيم في موقع أور السومري بمحافظة الناصرية، مؤكّداً أنّ ذلك "محض خيال، وتراكمٌ لسرديات ملفّقة مستقاة من نصوص لا رادع لمِخيال كاتبها".
وجاء تصريح طه ردّاً على إعلان الحكومة العراقية عن إنشاء مدينة كبيرة وعملاقة متكاملة في موقع محاذٍ لمدينة أور الأثرية تكلّف 19 مليار دينار في مرحلتها الأولى، وستسمّى "المدينة الإبراهيمية"، وتشمل فنادق سياحيةً، ومؤسسات علميةً وثقافيةً وترفيهيةً ومراكز للزوار، إضافةً إلى أسواق تراثية ومسجدٍ وكنيسةٍ عملاقة، ومركز متخصّص في حوار الأديان، وذلك بتمويل من أحد المتبرّعين المسيحيين.
واستند الباحث طه في نفيه وجودَ آثار لبيت النبي إبراهيم في تلك المنطقة إلى عدد من علماء الآثار والباحثين العراقيين، أبرزهم عالم الآثار الراحل د. بهنام أبو الصوف، الذي يقول: "ليس هنالك أيّ دليل آثاري على أنّ الدار التي تقع على بُعد بضع مئات الأمتار من زقورة أور هي دار النبي إبراهيم الوارد ذكره باسم "أبراهام" في العهد القديم، وإنّما يرقى أصل هذه الدار إلى العصر الحضاري العراقي القديم الذي يُطلق عليه "عصر إيسن/لارسا"، ويمتدّ تقريباً من عام 2025 – 1730 ق.م، والذي ظن وُولي حينها أنّ إبراهيم لا بدّ أن يكون قد عاش في هذه البيئة".
وتشالرز ليونارد وولي هو صاحب بعثة المتحف البريطاني وجامعة بنسلفانيا الأمريكية في عشرينات القرن الماضي، الذي قرأ خطأً ما ظنّ أنّه اسم "أبرامو"، وقد ورد تفصيل ذلك في مذكرات الآثاري البريطاني ماكس مالوان (زوج الروائية الإنجليزية آجاثا كريستي)، ومفاده: "أنّه (أي مالوان) قد تسرّع وقتها في الإبراق إلى صديق له في إنجلترا وذكر الاكتشاف، وحين علم مدير البعثة وُولي بالأمر وبّخ مالوان بشدة، وجعله يبعث برقيةً ثانيةً إلى الصديق ذاته يلتمس منه فيها الصمت حتى يحين وقت إعلان النبأ. ويعترف في النهاية بأنّ ذلك الوقت لم يَحن قطّ".
وختم الباحث عبد السلام صبحي طه تصريحه قائلاً: "اعلموا يا دعاة إنقاذ السياحة والاصطياف الديني أنّ من يودّ تطوير السياحة والترويج للتراث الثقافي للبلاد عليه الاهتمام بالبنى التحتية، وإيصال الماء والكهرباء وتنظيف مدينة الناصرية، وتهيئة مطارها، والاستثمار في الكوادر البشرية المنتِجة لا في الكهنة والمشايخ، ثمّ الهروب بهم إلى قلب الصحراء".