لقد راهنت الولايات المتحدة كثيراً على إمكانية فك ارتباط حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" وتوابعه وأدواته كـ"جوانين شوركر" أو تلك الجهات العسكرية العاملة ضمن صفوف "قوات سوريا الديمقراطية"، "قسد"، عن قيادة حزب العمال الكردستاني "PKK" في "قنديل"، وجعلها بالتالي قوة وطنية سورية، إلاّ أن عملية فك الارتباط تبدو بعيدة المنال وليس من السهل إنجازها، وذلك باعتبار أن التبعية الأيديولوجية لـ "PKK" يتم التأكيد عليها يوماً بعد يوم وكل مرة من خلال التصريحات الإعلامية الصادرة عن قادة "PYD" أو "قسد".
وحيث كان ذلك النمط من التفكير ورغبة الأطراف السياسية بفك الارتباط بين الطرفين قد دفعت الولايات المتحدة إلى رعاية الحوار بين المجلس الوطني الكردي "ENKS" والاتحاد الديمقراطي "PYD" مع ملحقاته تحت مسمى "PYNK"، إلاَّ أن ممارسات "PYD" خلال فترة الحوار ومن ضمنها مقتل "أمين العلي" تحت التعذيب بطريقة وحشية والتي تعد عملية تصفيته عملاً إرهابياً بامتياز، ومن ثم التصريحات المتتالية لقادة "PYD" و"قسد"، وآخرها تصريح "محمود برخدان" الذي أعلن فيه أن "قسد" ستقف إلى جانب مقاتلي "PKK" في أي صراع ضمن الحدود القانونية والسيادية لإقليم كردستان العراق، والذي يؤكد فيه بشكلٍ لا لبس فيه تبعية قسد لقيادة "PKK" في "قنديل"، والذي قال صراحةً إن "قسد" لن تكون حيادية عند نشوب القتال، والطرف الذي ستقف بجانبه "قسد" واضح وموقفها واضح بهذا الخصوص ولن تقف حيادية، أي بأن تلك القوات ستكون طرفاً، والطرف الذي ستكون إلى جانبه هو "pkk" المصنف على لائحة الإرهاب أمريكياً وأوروبياً.
وهو الأمر الذي يجعل الرهان الأمريكي بدون ضغط حقيقي وملموس خاسراً في إمكانية جعل "PYD" و"قسد" قوة وطنية سورية، كما أن "PYD" وملحقاته يستعملون كرد سوريا لأجندات خارجية ليس لها علاقة بالقضية الكردية ولا بالقضية الوطنية السورية ككل، وأيضاً يُظهر حجم الضرر الذي تسبب به هذا الفصيل المعادي للكرد وحقوقه، إضافة إلى الضرر الذي ألحقه بالقضية الكردية ومحاولة عزلها وطنياً وربطها بأجندات خارجية مشبوهة.
أعتقد أنه آن الأوان للولايات المتحدة في أن تعيد النظر في دعمها لتلك الجهات تحت أي مسمى كان، وإذا كانت معنية فعلاً بالتخلص من سيطرة قادة "قنديل" على "PYD" و"قسد"، عليها أن تقوم بضغط ملموس وفاعل ووفق جدول زمني محدَّد، وذلك من أجل فك ارتباط حقيقي بين الفرع والأصل وإنهاء تلك العلاقة.
كما آن الأوان لكرد سوريا بأن ينتفضوا بوجه هذا التنظيم ويقولوا له كفى لممارساتكم الإرهابية، كفى لتحكم مجموعة من الجهلة بمصير أهالي مناطقنا التي فيها من أصحاب الخبرة والشهادات القادرين على إدارة أنفسهم بأفضل الطرق، كفى لسوقكم شبابنا كالنعام إلى مقاصل الموت خدمةً لأجندات "قنديل" والقوى التي تديرها، كفى لمقالع الأدلجة التي لا يتخرج منها إلاّ محدودو الأفق وفاقدو البصر والبصيرة، كفى لتدخلكم السافر في كل شؤون حياتنا، فنحن لسنا عساكر تحت الطلب لقادة "قنديل" وأهدافهم الهلامية.