"نداء بوست" – ريحانة نجم – بيروت:
شهر يفصل التلامذة عن بداية العام الدراسي المقبل، في ظل التجاذُبات الحاصلة بين وزارة التربية والقطاع التعليمي، عقب قرار وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، الذي فتح باب السجال حول مدى جُهوزِيَّة المدارس وكادرها للعودة في ظل وضع صعب مفروض على كل فئات المجتمع.
المستشار التربوي في وزارية التربية والتعليم الأستاذ علي أبو ياسين قال لموقع "نداء بوست": إن "الوزير طارق المجذوب حدَّد بداية العام الدراسي والإجازات والترتيبات على مستوى المنهاج لكنّه لم يضع أي حل للأزمات الحقيقية التي تعيق بداية العام الدراسي".
وأشار أبو ياسين إلى أن المنهاج في العام الماضي كان مقلَّصاً بنسبة 50% أي أن التعليم كان على مدى 15 أسبوعاً بدل أن يكون من ثلاثين، أما اليوم المركز التربوي فأطلق رزنامة الأهداف المطلوبة للعام المقبل بثمانية عشر أسبوعاً.
وتحدث المشرف التربوي عن التحديات الحقيقية التي تواجه التربويين والإداريين والطلاب أيضاً وحصرها بثلاثة تحديات على الشكل التالي: تحدي الانتقال من وإلى المدرسة في ظل عدم توفُّر المحروقات لوسائل النقل.
كذلك تحدي التكلفة التشغيلية للمؤسسات التربوية التي أصبحت باهظة جداً بمعدل ضعفَيْ أو ثلاثة أضعاف الأقساط المدرسية إن بقيت على ما هي عليه.
تحدي الرواتب: رواتب الأساتذة والمعلمين التي أصبحت صفرية القيمة مع التضخم الحاصل والغلاء المعيشي الفاحش.
كما أشار متحدثنا إلى أن وزير التربية لم يتطرق ولم يكترث في مؤتمره الصحفي إلى أي من هذه التحديات التي ستواجه القطاع التربوي في العام المقبل، مؤكداً أن العودة الحضورية للمدارس متعثرة جداً.
وعن التعليم المدمج (التعليم الحضوري والتعليم عن بُعد) أوضح الخبير التربوي أن هذا الأمر صعب جدّاً، بحيث إن "التعليم عن بُعد" أصبح مستحيلاً مع التقنين الحاصل في التيار الكهربائي وأيضاً فقدان الإنترنت في بعض المناطق وضعفها في مناطق أخرى، كما تحدث عن تحدٍّ آخر يواجه التعليم عن بُعد، وهو تحدي الأجهزة المتوفرة لدى الطلاب التي استُهلكت العام الماضي وأصبحت غير مؤهَّلة لذلك، وصعوبة شراء أجهزة جديدة في ظل غلاء هذه الأجهزة مع ارتفاع الدولار أمام العملة الوطنية.
وحول الأقساط أشار المشرف التربوي، إلى أن المدارس حتى الآن لم تحدد أقساطها، ولكن بعض الجامعات رفعت أقساطها على دولار 2700 ليرة بدل 1500 ليرة، وبعضها على دولار 3900 ليرة، في حين أن رواتب المواطنين ما زالت على حالها وهذا ما يُشكِّل تحدِّياً كبيراً أمام الطلاب والأهالي.
وأشار أبو ياسين إلى أن روابط التعليم الثانوية الأساسي ورابطة التعليم الخاص ستعلن الإضراب المفتوح مع بداية العام الدراسي حيث أصبح راتب الأستاذ يتراوح بين صفر و200 دولار شهرياً نظراً لارتفاع الدولار في السوق إلى عتبة العشرين ألفاً للدولار الواحد.
وحول مصير الطلاب السوريين، قال أبو ياسين: إنه "قد يكون أرحم بكثير من مصير الطلاب اللبنانيين؛ لأن تعليم السوريين رغم كل العثرات والإشكالات التي تواجهه إلا أنه أفضل من التعليم اللبناني؛ لأن الجهات المانحة غير لبنانية وتشرف عليه بشكل مباشر، وما زالت تغطيه وتتكفل به، إلا أن التحدي الأساسي يكمن في أجر المعلمين الذي أصبح زهيداً جداً مع ارتفاع سعر الدولار، وأيضاً يواجه التحدي ذاته بخصوص النقل والمواصلات.
وختم المشرف التربوي حديثه بالقول: "يجب أن تكون التربية ضِمن أولويات الحكومة الجديدة؛ لأن الأجيال أمانة في رقبتنا، ولا بد من السعي للقيام بورشة عمل من أجل حماية التربية من التداعي والتقهقر"، مؤكداً أن التعليم يجب ألَّا يتوقف مهما بلغت الضغوطات والتحديات واستفحلت الأزمة ولا بد من أن يستمر ويحصل الطلاب على حقهم في التعليم رغم كل الأزمات.
جدير بالذكر أن الأمم المتحدة اعتبرت أوضاع اللاجئين في لبنان مُزْرِية، إذ يعيش 90 في المئة منهم في فقر مُدقِع، ويعيش في لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري مسجَّل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيما تقدِّر الحكومة عددهم بـ 1.5 مليون، على خلفية الحرب في بلادهم منذ عام 2011.