ريحانة نجم – بيروت
لا شك أن التطورات المتسارعة في أفغانستان وانسحاب القوات الأمريكية وسقوط حكومة "كابول" وعودة "طالبان" ستكون له تداعيات إقليمية ودولية كبيرة، ولا شك أن لبنان كدولة عربية غارقة بأزمات لا حصر لها، يترقب تداعيات هذه التطورات السريعة وانعكاسها على الداخل المحلي.
المحلل السياسي الدكتور "رامز طنبور" أشار في حديث لموقع "نداء بوست" إلى أن الموضوع الأفغاني بات يحتل بدايات نشرات الأخبار والصحف العالمية نتيجة هذا الحدث الكبير، بعد عشرات السنوات من الاحتلال الأمريكي واتجاه الإدارة الجديدة برئاسة جو بايدن لتفريغ أفغانستان من الجيش الأمريكي، وأضاف أن هذا التفريغ لم يأت بقرار لحظي وإنما نتيجة سلسلة كبيرة من المفاوضات الطويلة المدى.
ولفت إلى وجود إشارات مهمة لهذا الحدث أولها أن حركة "طالبان" لم تعد كما كانت بالنسبة للأفكار والتوجهات، وأيضاً لغة الخطاب، مشيراً إلى وجود تطور في مواقفها ولغة حوارها ودبلوماسيتها ونظرتها للأمور وأنها أصبحت أكثر عقلانية وواقعية.
ويرى طنبور أن ثاني تلك التمور هي أنه لا يمكن قراءة ما حصل وأبعاده دون النظر إلى الجغرافيا السياسية لأفغانستان بأنها دولة داخلية محاطة بمجموعة من الدول الحساسة جداً التي أثّرت وتؤثر على ماضيها و مستقبلها أيضاً.
واعتبر أن حركة طالبان تتميز بأنها تمتد على كافة الأراضي الأفغانية وليست محصورة في مناطق معنية وهو ما يعطيها بعدأ وطنياً.
وعن تداعيات ما حصل في افغانستان على لبنان، قال طنبور: "في المدى المنظور وفي نظرة مباشرة لا يوجد أي تأثير، لأن ما يؤثر بالدولة اللبنانية غالباً هي الدول المحيطة أو الدول القوية جداً التي تؤثر بالمال أو السلاح"، وأضاف: "لبنان بعيد عن أفغانستان إذ هناك عدة دوائر تسبق الوصول إلى هذه الدولة، ومنها المرور بسوريا ثم الأردن ومن بعدها العراق ومن ثم إيران للوصول إلى أفغانستان".
وأشار محدثنا إلى عدم وجود أي تاثير مباشر على لبنان من خلال أفغانستان مهما تغيّر النظام، لكنه لم ينفِ وجود تأثير غير مباشر على هذا البلد، باعتبار أن كل دولة تحيط بلبنان تتأثر به وتؤثر عليه، وأردف قائلاً: "لبنان محاط بسوريا ويتأثر بالواقع السوري من خلال الجغرافيا السياسية التي تتحكم بهذه الإحاطة، وأيضاً العراق يحيط بسوريا بجهة معينة ويؤثر على الواقع السوري، وكذلك إيران تحيط بالعراق وتؤثر على الواقع العراقي والسوري واللبناني، وكذلك أفغانستان من جهة الغرب لها حدود مع إيران قد تؤثر عليه وبالتالي على الواقع العراقي والسوري واللبناني".
المحلل السياسي أشار لموقعنا إلى وجود سيناريوهات كثيرة بدأت تطرح إعلامياً في الساحة لكن حتى الأن لا يوجد لها أي حظ على الأرض، موضحاً أن المتحدثين باسم حركة "طالبان" يشيرون إلى ضمان الحدود الداخلية لأفغانستان وأنها ستكون بلد صديق لكل الدول المجاورة، وتضمن خروج كل الأجانب بطريقة سلمية من أراضيها، وقال طنبور إن باكستان لها تاثير كبير جداً في أفغانستان نتيجة الدعم الذي تلقته حركة طالبان قي الفترة الماضية من باكستان.
وحول مدى إمكانية تعميم هذه التجربة على لبنان وحصول تفاوض بين "حزب الله" والولايات المتحدة الأمريكية، أشار المحلل السياسي إلى أن الحديث عن هذا الموضوع يحتاج وقتاً أطول، لأن الأصل في هذه القضية يتمثل بالحوار الأمريكي الإيراني وبالتحديد ما يجري في فيينا حول الاتفاق النووي وتطور المفاعل الإيراني، وأردف قائلاً "في حال حصل تفاهم على هذا الموضوع وتم من خلاله فك الحصار عن إيران وإعادة الأموال المجمدة بالتأكيد سيتحسن الوضع الداخلي الإيراني وسيكون هناك مزيدا من الاستثمارات الأوروربية والأمريكية في إيران، وعندها ستخف الصراعات، وهذا ما سينعكس بدوره على "حزب الله" في لبنان، في ظل وجود استراتيجية موحدة بين "حزب الله" وإيران، وهو ما سيسهل من عملية تموضع جديد للحزب من خلال تفاهم إيراني أمريكي جديد يأخذ بعين الاعتبار الوجود السياسي لـ"حزب الله" في لبنان، وإيجاد رؤية ووضعية خاصة لسلاح "حزب الله" في إطار تسوية عامة وشاملة في المنطقة أو في إطار لبنان، مؤكداً أن ذلك كله مرتبط بخلاصة المفاوضات الأمريكية الإيرانية بالتحديد.