خاص – بيروت
بالرغم من مرور عام على انفجار مرفأ بيروت الذي حوّل العاصمة إلى مدينة منكوبة، وقتل ودمر وشرد الآلاف من العائلات اللبنانية والأجانب والمقيمين داخل البلد، وبالرغم من الأزمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان على كل الأصعدة وخاصة المعيشية منها والحياتية، والأوضاع الصعبة التي يعيشها اللبنانيون والمقيمون أيضاً، ما زال منطق التمييز والعنصرية مسيطراً على السلطات والجمعيات الحقوقية والإغاثية في لبنان، حيث تستثني هذه الجهات اللاجئين السوريين المتضررين من الانفجار من أي تعويضات أو مساعدات، رغم أن ربع عدد الضحايا ونسبة لا يستهان بها من سكان المناطق المتضررة هم من اللاجئين.
مركز "وصول" لحقوق الإنسان نشر تقريراً تحدث فيه عن التمييز تجاه اللاجئين السوريين في توزيع المساعدات لضحايا انفجار مرفأ بيروت"، ووفقاً لتقرير المركز "فإن 29 شخصا من المتضررين من الانفجار رفضت مساعدتهم بسبب جنسيتهم السورية، ولم يتم تقديم أي مساعدة لعدد من تلك العائلات حتى الآن".
اللاجئ السوري "حسين الجاسم" وهو من المتضررين جراء الانفجار أكد لموقع "نداء بوست" أن منزلهم تضرر بشكل كبير وباتت حالتهم مزرية جداً بعد الانفجار وفي ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها البلد، وقال "إنهم رمموا منزلهم على حسابهم الخاص وإنهم لم يحصلوا على أي تعويض من السلطات اللبنانية ولا الجيش وحتى الجمعيات الإغاثية لم تقدّم لهم أي مساعدة بالرغم من حصول جيرانهم اللبنانيين على تعويضات ومساعدات مالية وعينية"، وناشد الجاسم المنظمات الدولية الالتفات لأوضاعهم ومساعدتهم.
شقيق الشهيد "أيمن إبراهيم العبيد" أوضح لموقعنا أن الشهيد كان "عامل ديليفري" في إحدى الشركات وهو من مواليد الرقة متزوج ولديه طفلة، اضطروا إلى نقله على سوريا على تكلفتهم الخاصة بالرغم من طلبهم المساعدة من الصليب الأحمر اللبناني إلا أنهم لم يلقوا أي تعاون، وفق قوله، وأكد شقيق الشهيد أن الدولة اللبنانية لم تقدم لهم أي مساعدة أو تعويضات بل إنها فرضت عليه دفع تكاليف أوراق الوفاة التي كانت كلفتها 12 مليون ليرة لبنانية، وأضاف أن الجيش اللبناني يعتبر السوريين من الأجانب وبالتالي لم يقدم لهم أي مساعدة من أي نوع كانت.
"إسماعيل عكلة" وهو لاجئ سوري من سكان مدينة بيروت ومتضرر من الانفجار تحدّث لنا عن الأضرار التي لحقت بمنزله وقال" إن حجم الأضرار كارثي ومعظم أثاث المنزل تدمر وابنته أصيبت بزجاج النوافذ"، وقال عكلة إن الجمعيات لم تقدم لهم أي مساعدة لأنه وعائلته يحملون الجنسية السورية وتعتبرهم "أجانب" وليسوا لاجئين، وقال "إن الجيش اللبناني عوّض لجيرانه اللبنانيين ولكنه رفض أن يقدم له أي مساعدة أو تعويضات لأن السوريين غير مشمولين بهذه التعويضات"، وفق ما أفاد.
اللاجئ أحمد حاج اصطيفي فقد كل عائلته أثناء الانفجار "امرأته وابنتاه" كما تدمّر منزله بالكامل، وأكد لموقع "نداء بوست" أنه لم يحصل حتى الآن على أي تعويضات من أي جهة كانت سواء رسمية أو غير رسمية.
وفي هذا السياق، ناشد الناشط السوري "أ.س" المجتمع الدولي بضرورة تبني سياسات رقابية صارمة على المنظمات والجمعيات الممولة من قبلها لضمان وصول المساعدات للمتضررين دون تمييز، كما طالب بضرورة زيادة الدعم المخصص لمشاريع الحد من خطاب الكراهية والتمييز المبني على الجنسية، ودعا وكالات الأمم المتحدة والجمعيات المحلية والدولية إلى ضرورة التنسيق بين منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص لوضع جدول أعمال محلي مشترك يستند إلى السياق الوطني، بالإضافة إلى متابعة شؤون وأوضاع اللاجئين المتضررين من الانفجار وتقديم الخدمات اللازمة لهم من احتياجات صحية، أو نفسية، أو اقتصادية، أو قانونية.
يشار إلى أنه بتاريخ 3 كانون الأول/ديسمبر 202 تم إصدار قانون رقم 190 والذي يرمي إلى دفع تعويضات ومعاشات لذوي الضحايا في تفجير مرفأ بيروت وتمكين الذين أصيبوا بإعاقة منهم الاستفادة من التقديمات الصحية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولم يستثن القانون الأجانب من التعويضات المالية إلا أنه تم تقديم اقتراح قانون معجل ومكرر بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 2020 يرمي إلى استثناء وحرمان الأجانب من التعويضات المالية وحصر هذه الأخيرة بالمواطنين اللبنانيين، تحت ادعاء عدم "تكبيد الخزينة اللبنانية التزامات مالية إضافية"، وهذا ما حرم اللاجئين السوريين المتضررين من حصولهم على المساعدات.