نداء بوست- قسم التحقيقات والمتابعات- خاص
سامر العمر (اسم مستعار) هو خريج معهد كهرباء بقي عدة أعوام يبحث عن وظيفة في المنظمات الإنسانية ولكن دون جدوى، حتى اضطر للعمل في موادّ البناء لأكثر من عام بالإضافة إلى استئجار منزل؛ لأنه لا يملك بيتاً بسبب نقص الأموال وعدم وجود مدخول كافٍ للمعيشة.
خلال عام 2016 قام أحد أصدقائه وهو يعمل كمدير في إحدى المنظمات الإنسانية بإخباره بإمكانية الحصول على فرصة عمل في مجال الدعم النفسي في حال حصل على شهادة تؤهله للعمل، حيث قام بالذهاب إلى أحد المكاتب الذي يعمل على تزوير الشهادات بدقة عالية،وطلب منه تزوير شهادة خريج من كلية التربية في حلب-قسم الدعم النفسي وتم الأمر مقابل دفع مبلغ يقدر بـ 45 ألف ليرة سورية.
فساد إداري
قال سامر العمر إنه "قدمت على المنظمة عن طريق صديقي وبدأ بمساعدتي في تعلم موضوع الدعم النفسي ومنحي خبرات في العمل من خلال الاختلاط مع الكادر، بالإضافة إلى تسجيلي في دورات للصحة النفسية والدعم النفسي عند المنظمات التي تقدم تدريبات شهرية حيث أصبحت بعد مضي 6 أشهر متقناً إلى حد ما أعباء الوظيفة وبتّ أتسلم راتباً شهرياً يقدر بـ 600 دولاراً".
ويضيف لـ"نداء بوست" أنه :"خلال عام 2016 بُلِّغت إدارة المنظمة شكوى من قِبل أحد الأشخاص بأني أحمل شهادة مزورة حيث تم تبليغي بالأمر وقد طلبوا مني الخضوع لفحص من قِبل خبراء نفسيين، حيث اجتزت المرحلة بسبب الخبرة التي اكتسبتها بالإضافة إلى قيامهم بفحص الشهادة ولكن بسبب الحرفية العالية في تزويرها لم يستطيعوا كشفها".
عدم وجود أوراق ثبوتية
كما يعاني الكثير من السوريين في المناطق المحررة، من عدم وجود أوراق ثبوتية خاصة بهم، والتي يضطرون لإبرازها بين الحين والآخر، في الكثير من المعاملات، وقد اضطر بعضهم للجوء إلى طرقٍ غير شرعية، في سبيل الحصول عليها، ومن تلك الطرق تزوير الوثائق والشهادات الرسمية، حتى بات الأمر شِبه علني.
وأصبحت إعلانات التزوير صريحة على صفحات برامج التواصل الاجتماعي، حتى وصل الأمر ببعض الصحف غير الرسمية الصادرة عن سوريين في تركيا إلى إدراج إعلانات التزوير في صفحاتها.
مكاتب للتزوير
عامر (اسم مستعار) هو يعمل في مهنة تزوير الشهادات حيث كان يملك مكتباً في ريف إدلب الجنوبي يضم مكتبة وآلة للتزوير ويقوم باستخراج هويات شخصية وشهادات خبرة وبيانات عائلية وإخراجات قيد وشهادات ثانوية وشهادات جامعية للنظام والحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ، حيث إن جميع الأطراف لم يكتشفوا هذه الشهادات إلا في حالات نادرة في ظل وجود خبراء لكشف الشهادات.
يقول عامر : "آلة التزوير ثمنها مرتفع جداً لذلك نضطر إلى أخذ أسعار مرتفعة من الناس حيث إن الشهادة الجامعية تتطلب صورة عن الهُوِيَّة والعمر وتاريخ التخرج والمعدل المطلوب، ويتم نسخ شهادة طبق الأصل عن شهادات النظام من خلال التعديل على شهادات سابقة بطريقة احترافية لا يمكن لأيّ مدقق اكتشافها".
ويشير لـ"نداء بوست"أنه: تتراوح أسعار الشهادات بين 30 دولاراً إلى 100 دولار حسب نوع الشهادة والوقت المتطلب حصوله عليها، فيما يتراوح سعر البطاقة الشخصية ما بين 15 إلى 25 دولاراً، أما البيان العائلي فسعره لا يتجاوز 3 دولاراً، ودفتر العائلة يبلغ سعره ما يقارب 21 دولاراً".
انتشار السماسرة
وانتشر الكثير من السماسرة الذين يعرضون على الراغبين، قوائمَ بأسعار الشهادات التي يطلبونها، وقد اشتدت حدة التنافس فيما بينهم لجلب الزبائن، ممّا أثّر على الأسعار التي انخفّضت بشكل كبير بعد أن كانت خيالية في وقت مضى.
عيسى محمد (اسم مستعار) وهو أحد الطلاب الذين تقدموا بشهادة مزورة ودخل إلى إحدى جامعات الحكومة المؤقتة بريف حلب، حيث حصل على مجموع قليل لا يؤهله لدخول كلية الهندسة المعلوماتية ولكن بعد أن حصل على الشهادة المزورة تمكن من دخول الفرع العلمي.
يقول عيسى: "بعد تقدمي للشهادة الثانوية حصلت على مجموع 170 درجة حيث إن النتيجة لا تؤهلني إلى دخول كلية المعلوماتية التي أحلم بها، لذلك قمت بتزوير شهادة من أحد المكاتب بقيمة 30 ألفاً حيث أضفت 6 علامات للمجموع الأصلي وهو ما تتطلبه المفاضلة للدخول إلى الكلية".
ويضيف لـ"نداء بوست" أنه: تقدمت إلى الجامعة ولم يكن هناك أي عراقيل من قِبل الإدارة من ناحية التدقيق، لذلك أصبحت طالباً في كلية المعلوماتية ودرست السنة الأولى، والآن في صدد الترفع للسنة الثانية حيث إن الأمر سهل عليَّ دراسة سنة ثانية للحصول على علامات مرتفعة في الشهادة الثانوية".
يُذكر أن عدداً من الشبان الذين لا يحملون شهادات جامعية أو لم يكملوا تعليمهم الجامعي بالحصول على شهادات مزورة من قبل مكاتب تزوير بهدف الحصول على وظيفة في المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري، حيث تنتشر مكاتب للتزوير في إدلب وتشمل تزوير بطاقات شخصية وعائلية وشهادات جامعية مقابل أجر مادي من أجل استعمالها في المناطق التي تخضع لسيطرة الفصائل.