نداء بوست – ترجمات – جيروزاليم بوست
في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، زعمت وكالة "تاس" الروسية الحكومية أن نائب رئيس "المركز الروسي للمصالحة" في سورية، فاديم كوليت قال: إن "أنظمة الدفاع الجوي الروسية Buk-M2 و Pantsir-S العاملة في سورية لصالح جيش النظام دمرت ستة من أصل ثمانية صواريخ أطلقتها الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال الغارة الجوية التي تم تنفيذها في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر".
وقد كان التقرير مقتضَباً، لكن بَدَا وكأنه رسالة واضحة، فروسيا لا تقول في كثير من الأحيان إن أنظمة أسلحتها أسقطت الصواريخ الإسرائيلية في سورية.
وقد قالت وكالة "تاس" وقتها إنه: "بين الساعة 20:16 والساعة 20:23 من يوم 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، انتهكت ست طائرات مقاتلة تكتيكية من طراز F-15 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي حدود الدولة السورية من أجواء شمال لبنان وأطلقت ثمانية صواريخ موجَّهة على منشآت الدعم اللوجيستي والعسكري التابعة لقوات النظام السوري في محافظة حمص".
وأضافت وكالة الأنباء الروسية أن وحدات الدفاع الجوي للنظام السوري دمرت ستة من تلك الصواريخ باستخدام أنظمة الدفاع الجوي الروسية "Buk-M2" و "Pantsir-S" العاملة لصالح القوات المسلحة السورية. وذهبت روسيا إلى أبعد من ذلك وقالت إن: الغارات الإسرائيلية أوقعت أضراراً طفيفة على الأرض".
إذن ما هو الهدف من هذا التقرير؟ وهل كانت رسالة لإسرائيل؟ أم هل كانت رسالة حول مدى عظمة أنظمة الدفاع الجوي الروسية؟ وذلك بالنظر إلى أن التقرير لم يتضمن إدانات لإسرائيل أو مطالب بوقف الضربات الجوية. وتقول إسرائيل: إنها تعارض التمركز الإيراني في سورية. وشنت آلاف الضربات ضد أهداف إيرانية في سورية على مدى العقد الماضي.
فقد كان التصور السائد في الأشهر الأخيرة أن هناك زيادة طفيفة في التقارير في وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري التي تلقي باللوم على إسرائيل في شن غارات جوية. وتشمل هذه الضربات ما وقع بالقرب من طرطوس في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر وكذلك بالقرب من دمشق في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر. وقالت الوكالة أيضاً إن هجوماً في تشرين الأول/ أكتوبر أصاب شحنة أسلحة تابعة لحزب الله.
يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل للحصول على ذخيرة أكثر دقة لترسانتها بعد إقرار ميزانية الدفاع هذا العام. ويأتي ذلك أيضاً في الوقت الذي استضافت فيه إسرائيل مناورات مشتركة مع مشاة البحرية الأمريكية في وقت سابق من هذا العام وأيضاً مع الولايات المتحدة والإمارات والبحرين في البحر الأحمر.
يبدو أن وتيرة التدريب الإسرائيلية آخِذة في الازدياد ويستمر المسؤولون الإسرائيليون في التحذير من تهديدات إيران. أضف هذا إلى جانب الشائعات التي تفيد بأن إيران والولايات المتحدة ربما تسعيان إلى نوع من الاتفاق النووي المؤقت وأنباء عن زيارة يجريها مبعوث الولايات المتحدة بشأن إيران.
وقد توجَّه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى البحرين والإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي. حيث قال في الإمارات: إنه "يتطلع إلى مناقشة أولويات الدفاع المشتركة لبلدينا".
وبحسب التقارير، فإن المبعوث الأمريكي لليمن تيم ليندركينغ موجود أيضاً في السعودية والبحرين هذا الأسبوع، بينما زار المبعوث الإيراني روبرت مالي إسرائيل والإمارات والسعودية والبحرين.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء: إن ليندركينغ سيتطلع إلى "التنسيق بشأن الأمن الإقليمي والمخاوف بشأن إيران، والمحادثات بشأن جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن".
وأدلت ميرا ريسنيك، نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي في إدارة بايدن، بتعليقات لوكالة "أسوشيتيد برس" في معرض دبي للطيران وقالت: إن الولايات المتحدة ملتزمة بمبيعات F-35"" إلى الإمارات العربية.
وإذا جمعنا كل هذا فستكون هناك تحولات تكتونية كبيرة تحدث في المنطقة. فما علاقة كل هذا بسورية؟ ظاهرياً، لن يكون لذلك أثرٌ كبيرٌ على الملف السوري فالأمر يتعلق بتعزيز الولايات المتحدة للعلاقات في الخليج ويُظهر مدى ترسيخ الولايات المتحدة لسياساتها في إسرائيل والإمارات والبحرين، وكذلك المملكة العربية السعودية.
وقد أفاد تقرير لـ"رويترز" الخميس، بأن "الولايات المتحدة وحلفاءها العرب في الخليج اتهموا إيران الأربعاء بالتسبب في أزمة نووية وزعزعة استقرار الشرق الأوسط بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة".
وقد جاء البيان من مجموعة عمل أمريكية عُقدت مع دول مجلس التعاون الخليجي في السعودية. وأشار البيان إلى أن "جميع المشاركين حثوا الإدارة الإيرانية الجديدة على اغتنام الفرصة الدبلوماسية الحالية الناشئة عن استئناف المحادثات في "فيينا" بهدف إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني ومنع حدوث صراعات ووقوع أزمات".
أثناء حدوث هذا التنسيق، هناك تساؤلات في سورية حول ما إذا كانت الإمارات العربية المتحدة تعمل على إصلاح الأمور مع نظام الأسد، وما إذا كان ذلك جزءاً من محاولة أوسع بكثير من قبل الخليج للعمل مع دمشق وفيما إذا كان هذا سيؤدي إلى تراجُع الدور الإيراني. فقد تم تسريب تقارير تفيد بأن نظام الأسد طالب بإبعاد قائد في الحرس الثوري الإيراني في سورية. وذكرت تقارير أن هذا القائد كان وراء هجوم على قاعدة أمريكية في التنف.
فهل يمكن أن يعني هذا أن هناك تحوُّلاً إقليمياً أوسع؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل هذا هو سياق المزاعم الروسية بشأن إسقاط صواريخها للصواريخ الإسرائيلية؟ هل هناك حد يتم رسمه في مكان ما، حيث يتم توليف جميع اللاعبين الكبار من روسيا إلى الولايات المتحدة وإيران والخليج لسياساتهم في سورية؟
لسنوات، كان لجميع اللاعبين أجندات مختلفة في سورية وكان السؤال عما إذا كان بإمكانهم التعايش أو التصارع وحتى التضارب. تريد إسرائيل تقليص التحصين الإيراني بالقرب من الحدود. وتركيا تريد هزيمة قوات سورية الديمقراطية، أما الولايات المتحدة فهي تريد هزيمة "داعش" ، ويريد النظام السوري المدعوم من روسيا الاستقرار واستعادة البلاد. أما الخليج فهو يريد تقليص وجود إيران في سورية ويريدون نظاماً سورياً مستقراً.
ربما، في النهاية ما يتفق عليه معظم اللاعبين هو الاستقرار. الولايات المتحدة لا تحب النظام السوري، لكنها لا تريد الفوضى، ولا إسرائيل ولا الولايات المتحدة تريدان إضعافه لدرجة أن إيران تحصل على المزيد من القوة لذلك يمكن فهم هذه المسألة الرياضية في سورية. ولكن روسيا تقول إن صواريخها يمكن أن ترسم خطّاً في سورية ضد الضربات على إيران.
ربما مع النفوذ الخليجي، قد تحافظ طهران على نفوذها قليلاً. وكجزء من ذلك، كانت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في إسرائيل هذا الأسبوع وهي "متفائلة" بأن المزيد من الدول قد تنضم إلى مسار التطبيع مع إسرائيل.
وقد أظهرت إسرائيل لتوماس غرينفيلد التهديدات التي تواجهها إسرائيل في الشمال. إنه تذكير بالطائرات الإيرانية بدون طيار التي يمكنها الآن الوصول إلى إسرائيل من العراق. ففي أيار/ مايو خلال اشتباكات مع حماس، استخدمت إيران طائرة مسيَّرة لضرب إسرائيل من العراق. فالرسالة الآن هي توضيح أن هذه التهديدات غير مقبولة بينما تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل عن كَثَب على التغيرات التكتونية في المنطقة.