تلقّت السلطات السودانية مؤشرات إيجابية من مصر بشأن تسليم عدد من مسؤولي نظام الرئيس المعزول عمر البشير المطلوبين لدى الخرطوم.
وقال موقع "أخبار السودان" اليوم الأحد عن "مصادر مطلعة" في النيابة العامة السودانية: إن "النائب العامّ المكلف مبارك محمود عثمان، تلقى إشارات إيجابية من نظيره المصري بالتعاون في تسليم مدير الأمن والمخابرات السوداني السابق، صلاح عبد الله الشهير بـ «قوش»، وآخرين من عناصر النظام المعزول، هربوا إلى مصر عقب الإطاحة بنظام البشير في إبريل 2019".
يأتي ذلك، في أعقاب رفض السلطات المصرية سابقاً الطلب السوداني بتسليم "قوش"، ثم شرعت الخرطوم في إجراءات استرداده عَبْر الإنتربول الدولي في بلاغات جنائية تتعلق بالإرهاب والفساد المالي والثراء الحرام المشبوه، وتعذيب المعتقلين إبان اندلاع الاحتجاجات في البلاد عام 2018.
وكشفت وسائل إعلام عن وجود "مباحثات جدية" جرت بين النائب العامّ السوداني ونظيره المصري بخصوص المتهمين السودانيين المطلوبين والموجودين حالياً في مصر.
وأشارت إلى أن "اختراقاً كبيراً" حدث في هذا الشأن، إذ أبدى الجانب المصري "استعداده التامّ" لمناقشة التعاون في تسليم المطلوبين للسلطات السودانية، كما اتفق الجانبان على مواصلة الاتصالات بينهما حول الكيفية والطرق التي سيتم بها الأمر.
وعاد النائب العامّ السوداني، إلى البلاد الأربعاء الماضي بعد زيارة إلى مصر استغرقت 5 أيام، بدعوة من نظيره المصري حمادة الصاوي، وقَّعا خلالها على عدة مذكرات تفاهُم لتدريب وكلاء النيابة بمعاهد التحقيق الجنائي في القاهرة.
ورجَّحت المصادر أن تفتح الخطوة الطريق أمام تسليم مدير المخابرات السوداني السابق باعتباره من أبرز المطلوبين للعدالة في السودان. كما يشمل التعاون تسليم عدد محدود من رموز النظام المعزول الذين هربوا إلى مصر، وبعض المخالفين للقوانين الجنائية في البلاد.
وأفادت المصادر نفسها بأن النائب العامّ السوداني بدا متفائلاً من أن التعاون مع النيابة العامة المصرية سيُحرز تقدُّماً كبيراً بخصوص تسليم المطلوبين من خلال الاتصالات التي ستستمر بين البلدين. وتفيد متابعات "الشرق الأوسط" بوجود مسؤولين آخرين تقلَّدوا وظائف عُليا في حكومة البشير، يعيشون الآن في القاهرة.
ونقلت تقارير صحافية في مطلع سبتمبر الحالي، أن المكتب الوطني للإنتربول في السودان طلب من الشرطة الجنائية الدولية تفعيل "النشرة الحمراء" لتعقب مدير جهاز الأمن والمخابرات والقبض عليه وتسليمه للسلطات السودانية.
ويُلاحَق مدير الأمن والمخابرات السوداني السابق بتهمة أخرى تتعلق بضلوعه المباشر في توفير الدعم المالي واللوجستي لخلية إرهابية كانت تستهدف تقويض النظام الدستوري في البلاد، تم توقيفها قبل تنفيذ العملية في مايو 2019. وتتهمه السلطات السودانية بالوقوف وراء تمرد "هيئة العمليات"، وهي الجناح المسلح لجهاز أمن النظام المعزول، الذي روَّع المواطنين في الخرطوم في يناير 2020، ما اضطر قوات الجيش والدعم السريع لمواجهة تلك العناصر بالأسلحة الثقيلة والخفيفة داخل المدينة للسيطرة على التمرد.
ضباط شرطة فاسدون
إلى ذلك، تناقلت وسائل أعلام محليّة سودانية، أسماء بعض الضباط داخل جهاز الشرطة الذين يعملون لتنفيذ بعض العمليات الخاصة وبطلب مباشر من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والغريب بالأمر أن الضباط معروف داخل الجهاز أنهم أبرز رجال عمر البشير ونظامه السابق.
وأوضحت وسائل الإعلام أنّ "الضباط متهمون بالفساد، ويعلم الجميع داخل جهاز الشرطة انتماءهم للنظام السابق وتنفيذ عمليات ومخططات بهدف حماية رموز النظام في ذلك الوقت، وكانت لهم علاقات مباشرة مع العديد من القيادات، وأبرزهم البشير نفسه، ولكن هذا لم يكن كافياً لكي يتم التحقيق معهم بعد الثورة كما حصل مع العديد من الضباط المتهمين بالفساد أو الذين تدور حولهم شكوك".
ويشير نشطاء في السودان إلى أنّ "الفساد داخل المؤسسات الرسمية والحكومية في السودان لم يتغير، فعندما انتقلت السلطة من جماعة معينة لأشخاص آخرين، كان يرى فيهم الناس أملاً وفرصة في التخلص من فساد دام أكثر من ثلاثين عاماً، انتقل معه الفساد لفئة أخرى من الناس وتغيرت أشكاله حسب تغيُّر المصلحة"، بحسب ما يقول ناشطون.
وقالت وسائل الإعلام: إنّ "الضباط متهمون بقضايا أخلاقية وتجاوُزات عسكرية، بالإضافة لعدم المهنية والتقليل من احترام الضباط الآخرين، وعندما نُفذت تحقيقات بحق الضباط المتجاوزين لم يتم التحقيق معهم.
كما أنّهم يحمون "حمدوك" بالدرجة الأولى، ويقدّمون له الولاء، كما كانوا يخدمون البشير، مقابل سلطة وصلاحيات كبيرة ومكافآت مادية ومعنوية.
ويأمل السودانيون إيجاد علاج حقيقي ومكافحة فعليّة ضد الفساد، ويجب أن يكون هناك شفافية ومصداقية في تعامُل السلطات مع الملفات الرئيسية التي قامت من أجلها الثورة، وبدون ذلك لن يتجاوز السودان المرحلة الانتقالية، ولن يتم التحوُّل الديمقراطي.