المصدر: واشنطن تايمز
ترجمة: عبدالحميد فحام
إن السياسة الخارجية للرئيس بايدن تَعِد بالعودة إلى النهج المتعدد الأطراف، لكنها تبدو أقرب إلى استرضاء روسيا والصين وليس لبناء تحالُف ضخم.
إنه يقصد مجتمع الديمقراطيات ودوائر من نوع مجموعة الدول الصناعية السبع ومنتدى الدول الديمقراطية العشر (D-10 – G-7) بالإضافة إلى أستراليا والهند وكوريا الجنوبية، لكن لكل عضو مصالح وطنية ويعبر عن ذلك بطرق تتعارض أحياناً مع أجندة الولايات المتحدة.
روسيا هي قوّة عظمى بسيطة من القرن العشرين، وتراجعت الآن، تعيش وفقاً لقواعد القرن التاسع عشر. فعلى الصعيد المحلّي، يعوّض الرئيس بوتين الاقتصاد المتخلف المعتمد على النفط من خلال تأجيج المشاعر المعادية للغرب، وبناء جيشه، وتوسيع حدود نفوذه في أماكن مثل أوكرانيا.
إنه يعطل الانتخابات الغربية من خلال العدوان السيبراني غير المكلف ويجبر الشركات الغربية على دفع الجزية، وهذا يكشف عن العجز الأمريكي بشكل فاضح.
إن خدع السيد بوتين تتسبب بخسائر للموارد الأمريكية وموارد الناتو الأوسع نطاقاً والتي يجب تكريسها لتعزيز مواجهة القوة العسكرية الصينية الهائلة.
والأمر الأكثر سُوءاً هو مساعدة ألمانيا في تمويل الدولة الروسية عن طريق شراء المزيد من غازها الطبيعي وإحجام ألمانيا عن إنفاق ما يكفي للدفاع المشترك ووضع قواتها في خدمة الجهود الرامية لدفع الضرر.
هنا نرى الاسترضاء الأمريكي يرتدي زي بناء التحالف. ففي مواجهة التعنّت الألماني بشأن "نورد ستريم 2"، أعاد السيد بايدن تعريف المشكلة من حيث رسوم العبور التي سيخسرها الأوكرانيون حيث يتم توجيه المشتريات الألمانية عَبْر خط الأنابيب الجديد، وانتزاع التزامات من المستشارة ميركل للحفاظ على تدفق الغاز عَبْر كلا المسارين. وتقديم بعض المساعدة المالية لأوكرانيا.
إن ذلك لن يؤدي إلّا إلى زيادة الأموال الألمانية التي يمكن لروسيا ضخها في قوّة جيشها، وإحداث الأذى في أماكن مثل سورية وليبيا وآسيا الوسطى والتنمّر على دول الستارة الحديدية السابقة على طول حدودها.
إنه من خلال توصيف المشكلة بشكل خاطئ، أبرم بايدن وميركل صفقة مُضحكة تشبه تضحية تشامبرلين بأرض سوديتنلاند.
وبالمثل، لم يردّ السيد بايدن بشكل كافٍ على القرصنة الإلكترونية الروسية وهجمات الطائرات بدون طيار الإيرانية، فكِلا النظامين في النهاية يعرف أن السيد بايدن لا يملك سوى معاقبة عدد محدود من قادتهم.
إن التهديد الصيني أكثر منهجية فهو اقتصاد سوق اشتراكي ناجح بشكل ملحوظ ويمول حشداً بحرياً هائلاً يجعل الأسطول الأمريكي ممتداً أكثر من اللازم.
وتُظهر عمليات محاكاة المناورات في لعبة حرب RAND بشكل روتيني أن الجيش الأمريكي يواجه صعوبة كبيرة، على سبيل المثال، هو غير قادر على صد غزو صيني لتايوان. وقد نجح الرئيسان ترامب وبايدن في التركيز على دعم الهند واليابان وأستراليا والمملكة المتحدة لاستكمال الموارد العسكرية الأمريكية.
ومع ذلك، تتمتع الصين بميزة المجال المحلي في بحر الصين الشرقي والجنوبي.
ويعتمد الأسطول بشكل كبير على حاملات الطائرات والسفن الكبيرة الأخرى لتمكين الهيمنة الجوية الأمريكية ودعم القوات البرية.
لكن صواريخ الصين الأرضية تجعل تلك الصواريخ ضعيفة وغير فعّالة في المسارح القريبة من الصين. ولقد صاغ وكيل أوباما، فلورنوي، إستراتيجية تعتمد على السفن الأصغر، والطائرات بدون طيار والقوى الرشيقة الأخرى. ومع ذلك، فإن البحرية تعاني من نقص التمويل بشكل مؤسف لتنفيذ هذا الانتقال.
وقد تم تمكين الكثير من النجاح الاقتصادي للصين من خلال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001, ثم الغش في القواعد، واستجرار التكنولوجيا من الشركات الغربية التي تسعى للوصول إلى الأسواق، وسرقة الملكية الفكرية، وربط آلية تسوية المنازعات.
ويتحدث مكتب الممثل التجاري الأمريكي تاي عن كون الاقتصاد الصيني قوياً، ولكن من خلال مراجعة مكتب التمثيل التجاري الأمريكي لسياسة الصين, فقد تم اكتشاف أن الصين لا توضّح إستراتيجية موثوقة لإصلاح منظمة التجارة العالمية أو التحول إلى تحالف تجاري إقليمي في المحيط الهادئ.
ولقد أظهر السيد بايدن من خلال انسحابه الفاشل من أفغانستان استعداده لتقوية الحلفاء. ولم نسمع الكثير منه عن موارد الناتو المهدورة أو التهديد الذي يخلقه انطلاق جديد للإرهاب على أمن أصدقائنا في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. إذن هل ستكون أمريكا حاضرة إذا التزم حلفاؤنا بمواجهة العدوان الصيني؟ ربما ليس مع فترة إدارة السيد بايدن.
ففي الوقت الذي تطلب فيه الولايات المتحدة من الحلفاء إنفاق المزيد، تخطط ميزانية بايدن لإنفاق أقل بالقيمة الحقيقية على الدفاع.
ويبدو وزير الدفاع أوستن جاهلاً في وضع غير مناسب لتغيير البحرية والجيش الأمريكي الأوسع لمواجهة التحدي الصيني.
كما يخطط السيد بايدن لعقد قمة للديمقراطيات، وهي لحظة ستجمع المجتمع المدني والمنظمات الدولية وقادة العالم.
سيتحدثون كثيرًا بلا شك عن عدم المساواة، وتغيُّر المناخ، ومسؤولية الدول الأكثر ازدهاراً لمساعدة الدول النامية. ولكن لن يتم إنجاز الكثير مما لم يتم تحقيقه بالفعل، على سبيل المثال، من خلال عملية اتفاق باريس للمناخ. وفي غضون ذلك، يواصل الزعيم الصيني شي جين بينغ بناء السفن.
إنني أنتظر بفارغ الصبر لسماع السيد بايدن يعلن، "العدالة الاجتماعية في عصرنا".