تتحضّر عشرات محالّ الحلويات السورية في تركيا بشكل عامّ وإسطنبول على وجه الخصوص، لطرح أصنافها الدمشقية الشهيرة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك، وسط طقوس تُشبِه إلى حدّ كبير سلسلة محالّ الحلويات في "ميدان دمشق"، خصوصاً بعد إعلان تركيا التطبيع الكامل مع وباء "كورونا" قبل أيام.
ومنذ بدء لجوء السوريين إلى تركيا افتتح الكثير منهم أعمالاً تجارية كانت شبيهة إلى حدّ كبير بالأعمال التي كانوا يزاولونها في سورية، وكانت الحلويات بمثابة نقل للمطبخ السوري "في نطاق الحلويات" إلى تركيا، على الرغم من أن الأخيرة تُعتبر رائدة في صناعة الحلويات على مستوى الشرق الأوسط.
أنواع كثيرة
يجد المشتري "السوري" أو العربي وحتّى التركي، جميع أصناف الحلويات من "بقلاوة، كنافة نابلسية، مدلوقة، عش البلبل، وربات، قطايف، إسوارة الست، هريسة.." وغيرها الكثير من الأنواع.
وقال "أحمد" مالك أحد محالّ الحلويات في إسطنبول: إنّه جاء إلى المدينة قبل نحو 9 سنوات، وبعد دراسة قرر الاستقرار فيها، وفتح محل حلويات صغير ليختبر السوق فيها.
وأضاف في حديث لـ "نداء بوست": إسطنبول مدينة كبيرة جدّاً، وفيها جالية عربية مُلفِتة للنظر، من سيّاح ولاجئين ومقيمين، ونسبة السوريين فيها كبيرة جدّاً، لذلك فإنّ العمل فيها مثمِر إلى حدّ كبير، وعندما بدأت كانت بدايتي متواضعة، أنا وأخي في محلّ صغير جدّاً، لكنّ الأمور تطوّرت في غضون سنتين، ووسعت المشروع، وشغّلت أكثر من 8 أشخاص معي.
وعن الأنواع قال: صناعة الحلويات تتطلب إما إتقان نوع واحد والتركيز عليه، وغالباً ما يكون نوعاً شعبياً بسعر عادي، وإمّا محلّ كبير يحتوي على جميع أنواع الحلويات، وهنا في إسطنبول أسعار المواد الأولية لا تتغير بشكل مضطر كما كان يحصل في سورية، وذلك يجعل الأسعار مستقرة نوعاً ما، وهو أمر مريح للزبائن.
الأعياد
تعتبر محالّ حلويات "زيتونة والسلطان" وغيرها من أشهر محالّ الحلويات السورية في إسطنبول، والتي تستقطب الزبائن بشكل مُلفِت.
في فترة الأعياد تستنفر محال الحلويات السورية على وجه الخصوص في إسطنبول، وكأنها خليّة نحل، تستقبل زبائنها، وسط طقس يشبه إلى حدّ كبير طقوس دمشق.
عن هذا قال أحد السوريين في إسطنبول: إن "محالّ الحلويات السورية في منطقة الفاتح بإسطنبول، تشبه كثيراً محالّ الحلويات في دمشق، خصوصاً أنّ الأنواع التي تقدّمها هي نفسها، والباعة وصُنّاع الحلويات، هم دمشقيون".
ودخلت الحلويات السورية إلى البيوت التركية، وخصوصاً في الأعياد لأسباب عديدة، تحدّثت عنها سيدة تركية لموقع "نداء بوست".
وقالت "عائشة" وهي سيدة تركية في إسطنبول: أتردد على محلّ للحلويات في "تقسيم"، يمتلكه شخص سوري هو وشقيقه، إنهم يقدّمون أنواعاً مشابهة للحلويات التركية، ولكنّ طعمها أذكى، خصوصاً، وأنّ مقاديرها موضوعة بعناية، وهو أمر غير موجود في الحلويات التركية غالباً؛ لأنّ الحلويات التركية يعتمد صانعوها على إرهاقها في السمنة والمكسَّرات وهذا غير جيد في كثير من الأصناف.
ورأت "عائشة" أنّ "أسعار الحلويات السورية على الرغم من جودتها أرخص من التركية، فعندما تكون العائلة كبيرة فهذا أمر مُرهِق لهم وبالتالي يلجأ البعض لشرائها من محالّ سوريّة"، مشيرة إلى أنّ الأمر ينطبق على بقية المحالّ التي تبيع أشياء مختلفة غير الحلويات.
ويحتفي الإعلام التركي بشكل متكرِّر بالأعمال والمِهَن السورية، وخصوصاً الحلويات، حيث يفرد العديد من مواده للحديث عن نجاحات السوريين في هذه المهنة بالإضافة إلى مطابخ الطعام.
توصيل إلى الولايات
بعد رواج محالّ الحلويات في تركيا، واكتساب شهرة كبيرة على مستوى تركيا، بدأ عدد منها العمل على توصيل الطلبات إلى ولايات أخرى، وفي بعض الأحيان إلى دول مجاورة، خصوصاً محالّ "زيتونة والسلطان".
وتعمل تلك المحالّ على توصيل الطلبات من إسطنبول إلى الولايات الأخرى بناءً على طلب الزبائن، الأمر الذي فتح منافذ جديدة للبيع وفتح باباً إضافياً للربح والرواج.
عن هذا قال أحد السوريين في "مرسين" إنّ "حلويات إسطنبول السورية تمتلك مذاقاً شهيّاً، لذلك يفضّل أن يشتريها رغم بُعد المسافات"، مضيفاً أنّه "كل عيد يطلب من محلّ زيتونة للحلويات في إسطنبول أنواعاً عدّة، ويتمّ شحنها له عبر البريد".
كما أشار متحدّث آخر إلى أنّه يشتري حلويات العيد من "محل السلطان" نظراً لجودته وطِيب مذاقه، وفق ما يقول.
الأسعار
وتسبب انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار الأمريكي، بارتفاع جزئي في أسعار الحلويات، بسبب غلاء المواد الأولية وَفْق ما أوضح عدد من أصحاب المحالّ، ولكن هذا الارتفاع لم يؤثر بشكل ملحوظ على الإقبال على شراء الحلويات.
ويبلغ سعر الكيلوغرام من الحلويات المشكّلة حوالي 120 ليرة تركية، وهو الأكثر مبيعاً في أغلب المحالّ، نظراً لكونه يجمع أغلب أنواع الحلويات التي يرغب بها السوريون وعموم الزبائن.