المصدر: المركز الأمريكي للقانون والعدالة(ACLJ)
بقلم: ريتشارد غرينيل (كبير مستشاري ACLJ وهو القائم بأعمال المدير السابق للاستخبارات الوطنية وسفير الولايات المتحدة السابق في ألمانيا
ترجمة: عبدالحميد فحام
لقد كنت ثابتاً في اعتقادي أنه في حين أن روسيا تمثل مشكلة، فإن الصين تمثل أزمة. لقد تسللت الحكومة الصينية الشيوعية إلى الأوساط الأكاديمية والجامعات الأمريكية، وهوليوود، وكبرى الصناعات والمواقع في عالم التكنولوجيا، والكثير من الشركات الأمريكية. وبينما هناك الكثير الذي يجب مراعاته حول نفوذ الصين المتزايد علينا، اسمحوا لي أن أستغرق بعض الوقت للتركيز على مشكلة روسيا. كان الإعلان الأخير عن إنهاء روسيا لعمل مكتبها التنسيقي في الناتو خطوة جريئة وبمثابة صرخة لإيقاظ إدارة بايدن للمشاركة بشكل أكبر مع حلفائنا في الشرق الأوسط. فقد قالت المتحدثة باسم الناتو أوانا لونجيسكو الأسبوع الماضي: "لقد عززنا ردعنا ودفاعنا رداً على الإجراءات العدوانية لروسيا، بينما نظل في نفس الوقت منفتحين على الحوار، بما في ذلك من خلال المجلس الذي يجمع الناتو وروسيا".
يجب أن تعمل القوى الغربية على احتواء النفوذ الروسي المتصاعد في الشرق الأوسط ويجب أن يعملوا على تخفيف حدة تزايُد الأمر حالاً. والولايات المتحدة وحدها هي القادرة على قيادة الأوروبيين لمواجهة روسيا ولكن الرئيس بايدن لا يستطيع فعل ذلك لأنه ضعيف جداً. ويرى حلفاؤنا أن روسيا تتظاهر بحلّ التوترات في أماكن مثل سورية وإيران وأفغانستان ولبنان، لكنها في الواقع تزيد المشاكل سوءاً.
بينما كنّا جميعاً ممتنين لسماع أن روسيا ستعمل على حماية أمن إسرائيل في مواجهة دورها كمُحتلّ لسورية، فإن ردّ الفعل العنيف من إيران وتركيا على الإعلان الروسي أعطى روسيا أفكاراً ثانية. لقد كتبت راغدة درغام ما يلي: تمكنت موسكو من إبرام صفقة سرية مع إسرائيل في سورية، حيث تمتنع إسرائيل عن القيام بعمليات تُضعف نظام الأسد، مقابل موافقة روسية (وأمريكية) على ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان. وحتى وقت قريب كان هناك "توازُن من الصمت" في هذا الصدد: صمت روسي تجاه الأعمال الإسرائيلية في سورية وصمت سوري تجاه العمليات العسكرية الإسرائيلية المُتكررة على أراضيها بالإضافة إلى صمت إيراني تجاه الصفقة الروسية الإسرائيلية وصمت إسرائيلي على نفوذ إيران وحزب الله في سورية إلى جانب صمت إيران وحزب الله على موافقة روسيا على ضمّ الجولان لإسرائيل. بينما يحدث كل هذا، يتساءل حلفاؤنا والآخرون أين جو بايدن؟ إن صمته هو سبب ارتفاع صوت روسيا فهم يرون فرصة الآن بعد أن ذهبت إدارة ترامب.
يبدو أن الجميع في المنطقة يُنسّقون مع روسيا وينتظرون موسكو للتحرك. فلقد حلّت روسيا محلّ الولايات المتحدة تحت إدارة بايدن كـ "زعيم" في الشرق الأوسط. وهذا يُنذر بكارثة للمفاوضات المُقبلة بين القوى الغربية والنظام الإيراني حول سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية.
ولقد أوضحت إيران أنها تريد 10 مليارات دولار من إدارة بايدن قبل أن تجلس لمناقشة القضية، والأوروبيون يريدون من بايدن أن يدفع ذلك المبلغ كما أن الروس يريدون من بايدن أن يفعل ذلك أيضاً، وأخشى أن جو بايدن يستعدّ للإذعان. على العموم، هدف فريق بايدن هو التوصل إلى اتفاق -أي صفقة- وليس صفقة تضمن أن إيران لن يكون لديها فرصة للحصول على سلاح نووي.
لكن يجب ألا يطلب الكونغرس أيَّ مفاوضاتٍ سرّية أو شروطٍ مُسبقة من فريق بايدن. كما نحتاج إلى تصريح واضح من الرئيس بايدن عن نواياه، فإما أنه يرفض مطلب النظام الإيراني، أو يدفع لإيران لكي يجلسوا على الطاولة. في غضون ذلك، تضغط روسيا على إدارة بايدن لدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد بهدوء (أو على الأقل غض الطرف) مقابل دعمها للمفاوضات النووية الإيرانية. في الحقيقة ليس لدى روسيا نفس تقييم التهديد من إيران كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة، لذا فهي سعيدة بتلقِّي المساعدة لوظيفتها الأساسية، سورية.
في ظل إدارة ترامب، قاد السعوديون العربَ السُّنّةَ إلى التكاتُف ضد إيران لدعم سياسة عقوبات إدارة ترامب. لكن اليوم، في ظلّ إدارة بايدن، يشعر حلفاؤنا السُّنّة بالقلق بشأن تصميم أمريكا. إنهم يبحثون عن تحالفات جديدة مُزعزعة لاستقرار المنطقة ومُزعجة للولايات المتحدة ومرة أخرى، تُسارع روسيا للانضمام إلى هذه التحالُفات. وبالنسبة للتحقيق الحاصل في لبنان في انفجار مرفأ بيروت فإن حزب الله، وكيل إيران، يعمل على ضمان عدم وجود شفافية حول مَن ومَاذا كان ينتقل مِن وإلى الميناء. إنهم يعرفون ما سيتمّ الكشف عنه. وفي غضون ذلك، تريد إيران تشكيل تحالُفات جديدة قبل أن يُدركها التحقيق.