نداء بوست -أخبارسورية- معاذ الناصر
التقى يوم الجمعة، الثامن من كانون الأول الجاري، ناشطون سوريون برئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، كمال كليجدار أوغلو، وعدد من أعضاء الحزب، بهدف مناقشة أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا وموقف الحزب منها. اللقاء الذي جاء تحت شعار "اللاجئون السوريون، مشاكلهم، والحلول المقترحة" تم بتنسيق من تجمع "Sığınmacılar Platformu" التركي الحقوقي، والذي يضم نحو 17 هيئة ومنظمة حقوقية، وحركات مجتمع مدني تركية، بالإضافة إلى شخصيات تمثل تيارات وأحزاب سياسية ومستشارين ونواب سابقين في تركيا.
تأسس هذا التجمع في العاشرمن أيلول/سبتمبر من العام 2019، وكان من بين النقاط التي ذكرها اللقاء التأسيسي لأعضائه "ضرورة فتح قنوات تواصل بين اللاجئين السوريين وتجمعاتهم وبين التيارات والأحزاب السياسية التركية على مختلف تبايناتها وتوجهاتها" وبدعوة منه التقى بعض النشطاء والإعلاميين والسياسيين السوريين ويقدرعددهم بـ15 شخصية، يوم الجمعة الماضي، بالسيد كمال كليجدار أوغلو، والسيد أحمد أونال جيفيكوز مستشار رئيس الحزب، والسفير السابق لتركيا في كل من العراق وأذربيجان والمملكة المتحدة، بالإضافة السيدة كامزة آكوش نائبة رئيس الحزب الجمهوري وعضو البرلمان عن الحزب.
وللاطلاع على مجريات اللقاء ودواعيه، التقى "نداء بوست" بالسيد طه غازي، وهو مدرس وناشط تربوي سوري وعضو تجمع "Sığınmacılar Platformu" وأحد المنظمين لهذا اللقاء ولقاءات أخرى. بين السيد غازي أن اللقاء تضمن النقاش في محورين، تناول الأول وضع اللاجئين السوريين في تركيا، وبحث الآخر في مسألة المسار السياسي الخاص بالقضية السورية.
وخلال تداول النقاشات في المحور الأول، قال كليجدار أوغلو " كنا بصدد إجراء هذا اللقاء منذ مدة طويلة، لكن الظروف العامة حالت دون ذلك" ويقصد بذلك تبعات أزمة كورونا. وأكد أن مشكلة الحزب ليست مع اللاجئين السوريين، وإنما مع ما وصفها بـ "السياسات الخاطئة" التي أوصلت السوريين إلى هذه الحال.
وتحدث في ضوء ذلك عن الروابط التاريخية التي تجمع الأتراك بالسوريين، وعن صلات القرابة والمصاهرة والجوار. وفي رده على الاستفسار المتعلق بمطلب حزبه بإعادة السوريين، أوضح رئيس الحزب المعارض بأن ما قصدوه بهذا المطلب هو إعادة السوريين بعد تهيئة البيئة المناسبة لتلك العودة، وأكد على ضرورة ضمان سلامة العائدين وتوفير الأمان لهم، فضلاً عن تأهيل البنى التحتية اللازمة من "مستشفيات ومدارس ومرافق عامة".
وأضاف "علينا أن نحقق لهم الاستقرار المعيشي من خلال بناء المدن الصناعية وإيجاد فرص عمل للشباب، ولا بد أن يكون للدول المانحة والممولة دور في ذلك" وأعاد التأكيد على مسألة عدم إلزام السوريين بالعودة مالم تتحقق الشروط المجتمعية والاقتصادية والأمنية الملائمة للعودة.
وخلال التطرق لقضية "تصاعد العنصرية وخطاب الكراهية"، والذي تستغله الأحزاب المعارضة وأنصارها كلما دنا موعد الانتخابات، اعتبر رئيس الحزب الجمهوري هذا الخطاب ضد اللاجئين أمراً "معيباً ومنافياً للقيم الأخلاقية"، ولم ينفي من جهته بروز بعض الأحداث العنصرية من قبل بعض الشخصيات أو التجمعات، والتي يتوجب الحد منها حسب قوله. ولم يغفل مسألة "غياب السياسة الحكومية الناظمة لتواجد اللاجئ السوري، وغياب حزمة القوانين التي تحدد طبيعة تواجده" وأراد بذلك الإشارة إلى سياسات حزب العدالة والتنمية.
وفي انتقاله لمحور اللقاء الثاني عرض السيد كمال رؤية الحزب السياسية للقضية السورية، وأكد عدم وجود أي تنسيق أو تواصل مع نظام الأسد إلا على أساس المواثيق وقوانين حقوق الإنسان، وأن ما تردد عن تلقي الحزب دعوة من النظام السوري هو محض افتراء. وأضاف بهذا السياق " بالنسبة لما أوردته سابقاً عن قضية فتح السفارات بين البلدين، هذا الأمر سيكون بعد عملية الانتقال السياسي الذي يقره الشعب السوري " واعتبر النموذج القبرصي، أفضل حلٍ لتحقيق الضمانات للسوريين الراغبين بالعودة, والذي يتضمن إرسال قوات أممية كقوات حفظ السلام تراقب وتسعى لتحقيق تلك الضمانات، شريطة أن يكون تواجد تلك القوات محدداً بفترة زمنية. وتطرق أيضاً إلى الوضع في إدلب قائلاً "يسعى كلٌ من النظام السوري و روسيا بالقيام بحملة عسكرية ضد التجمعات و البؤر الإرهابية، لكن هنا يجدر بنا أن نتيقن بأن هذه العمليات قد ينتج عنها لجوء قرابة مليون ونصف المليون سوري إلى تركيا، ولا نعلم حتى الآن ما هي الحلول المقترحة لمنطقة إدلب" وأكد أيضاً على التزام الحزب بتأييده لوحدة الأرض السورية، والوقوف ضد أي مشروع لتقسيمها، متفقاً في ذلك مع رؤية الحزب التركي الحاكم.
وبالاستفسار عند دواعي الاجتماع وفائدته المرجوة للسوريين اللاجئين، قال السيد طه غازي " إن اللقاء كان مقرراً منذ أن تأسس التجمع في العام 2019، ولكن أزمة كورونا حالت دون عقده، وكنا شهدنا مؤخراً تنامي وتصاعد خطاب الكراهية والعنصرية، وخاصة بعد أحداث أنقرة وأزمير، والتي استغلت لغايات سياسية، فرأينا أنه من الضروري تجديد الدعوة إلى اللقاء، والسعي تدارك النتائج السلبية المترتبة على هذا التصاعد، وإيصال صوت اللاجئين السوريين وتقريب وجهات النظر بين النخب السورية الثقافية والسياسية وبين الأحزاب التركية المعارضة"
وفي حديث لـ"نداء بوست" مع السيد بسام قوتلي مسؤول العلاقات الخارجية في حزب أحرار التيار الليبرالي السوري، وأحد المنظمين للقاء، أوضح من جانبه أن اللقاء المنعقد مع رئيس حزب "CHP" بيوم الجمعة الماضي هو نتيجة لتنسيق عمره بضعة أشهر، حيث بدأ العمل من خلال مجموعة صغيرة نظمت لقاءات بدايةً مع باحثين أتراك يعملون لصالح بلدية إسطنبول ولصالح الحزب الجمهوري المعارض، وتطورت هذه اللقاءات لاحقاً لتجمع الفريق مع مستشار السيد إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، ومع نائبة برلمانية من الحزب. وأضاف السيد قوتلي " كان فريق السوريين المجتمع مع مسؤولي الحزب الجمهوري يتضمن نشطاء وإعلاميين بالإضافة إلى ممثلي ثلاثة أحزاب سياسية سورية، حزب اليسار الديمقراطي، أحرار الحزب الليبرالي السوري، حزب الشعب-القيادة المؤقتة (كطرف منظم للقاء). ولمسنا خلال الاجتماع تغيّر إيجابي في خطاب السيد كمال كليجدار أوغلو بالنسبة لمسألة اللاجئين السوريين وإعادتهم"
كما أشار السيد طه غازي إلى انعقاد لقاءات مماثلة خلال الأشهر السابقة، مع عدد من ممثلي الأحزاب السياسية التركية، آخرها كان لقاء مع السيد علي باباجان رئيس حزب DEVA"" في مؤتمر خاص بقضايا اللجوء , وأكد الغازي على استمرارية هذه اللقاءات خلال الفترة القادمة بغية إيصال واقع اللاجئين السوريين لجميع الأطراف .