ترجمة – قسم الترجمة في "نداء بوست" – عبدالحميد فحام
نشرت وكالة "أسوشيتد برس" تقريراً يحتوي على إفادات لقائد البحرية الإسرائيلية المتقاعد، إيلي شارفيت جاءت في مقابلة أجرتها معه الوكالة قال خلالها: إن البحرية الإسرائيلية كثّفت أنشطتها في البحر الأحمر "بشكل كبير" في مواجهة التهديدات الإيرانية المتزايدة للشحن البحري الإسرائيلي.
وقد امتنع نائب الأدميرال عن تأكيد سلسلة الهجمات والحوادث على السفن الإيرانية التي نُسبت إلى إسرائيل. لكنه وصف الأنشطة الإيرانية في أعالي البحار بأنها مصدر قلق إسرائيلي كبير، وقال: إن البحرية قادرة على الضرب حيثما كان ذلك ضرورياً لحماية المصالح الاقتصادية والأمنية للبلاد.
وقال شارفيت لوكالة "أسوشيتيد برس" بعد أيام من انتهاء ولايته البالغة خمس سنوات: "إن دولة إسرائيل ستحمي حرية الملاحة في جميع أنحاء العالم, وهذا ليس له علاقة بالبعد عن البلد".
كما أكّد التقرير الذي قام فريق "نداء بوست" للترجمة بترجمته إلى اللغة العربية أن شارفيت كان رجلاً مشغولاً خلال فترة ولايته؛ أشرف على قوة صغيرة -ولكنها مجهّزة تجهيزاً جيداً- مسؤولة عن حماية ساحل البحر المتوسط القريب من إسرائيل وكذلك البحر الأحمر وهو بوابة حيوية للواردات من آسيا.
وأضاف التقرير أنه بينما تتمتّع البحرية الإسرائيلية بتفوّق كبير على خصومها في المنطقة فإنها تواجه مع ذلك مجموعة من التهديدات. ومن بينهم جماعة حزب الله اللبنانية المسلّحة التي تمتلك ترسانة من صواريخ "أرض – بحر" الموجّهة وحماس المسلّحة في غزة، التي طورت فرقة صغيرة من الكوماندوز البحريين, فضلاً عن التحدّيات التي يمثّلها النشاط العسكري الإيراني في جميع أنحاء المنطقة.
وعن أهم مسؤوليات البحرية الإسرائيلية قالت "أسوشيتد برس" إنها تتمثّل في حماية منصّات الغاز الطبيعي الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط، والتي توفّر الآن حوالَيْ 75٪ من كهرباء إسرائيل.
إلى الشمال, لم يُخفِ حزب الله نواياه باستهداف تلك المنصّات في حالة اندلاع الحرب. وقد نجحت الجماعة المدعومة من إيران في ضرب سفينة بحرية إسرائيلية خلال حرب عام 2006 مما أسفر عن مقتل أربعة جنود, ويُعتقد أنها قامت بتحديث مخزونها الصاروخي إلى حدّ كبير منذ ذلك الحين. وتقول إسرائيل: إن إيران تواصل محاولة تهريب أسلحة متطوّرة إلى حزب الله.
وقال التقرير إن شارفيت أكّد أن إسرائيل اعترضت العديد من شحنات الأسلحة إلى حزب الله. وقال: "نحن يقظون جداً فيما يتعلّق بشحنات الأسلحة المنقولة بحراً, وفي كل مرّة تكون فيها الشحنة محمَّلة بالأسلحة، وليس شيئاً آخر، فإننا نتصرّف".
وفي ظل حالة الفوضى التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني، قال: إن إسرائيل "ليس لديها مصلحة" في وقف شحنات الوقود المخصّصة للاستخدام المدني.
وعلى طول الحدود الجنوبية لإسرائيل, قال شارفيت: إن حماس لديها وحدة صغيرة لكنها هائلة من الكوماندوز البحريين المدربين تدريباً جيداً.
وجاء في التقرير أن ضفادع حماس البشريين كانوا قد تمكّنوا من التسلّل إلى شاطئ إسرائيلي خلال حرب عام 2014 قبل مقتلهم. ومنذ ذلك الحين، تمّ تجهيز الوحدة بأحدث المعدّات التي تسمح لها بالإبحار تحت الماء على طول الساحل مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة, حسبما قال شارفيت.
وخلال الحرب الأخيرة في أيار/ مايو قالت إسرائيل: إنها أحبطت محاولة من قِبل حماس لإطلاق طائرة مسيَّرة شبيهة بطوربيد تحت الماء على أهداف إسرائيلية.
ويضيف التقرير أن إسرائيل واجهت انتقادات بسبب حصارها البحري والقيود الشديدة على غزة. وتقول إسرائيل: إن الحصار ضروري لمنع التعزيزات العسكرية لحماس. لكن النقّاد, بمن فيهم جماعات حقوق الإنسان ومسؤولون في الأمم المتحدة يقولون: إن السياسة ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي.
وقالت منظّمة "مسلك" الحقوقية الإسرائيلية: "إن القيود الإسرائيلية -غير المتناسبة وغير المعقولة- على الوصول إلى المياه الإقليمية لغزّة وكذلك على المواد الحيوية اللازمة لإصلاح قوارب الصيد تُلحِق الضرر بسبل عيش الآلاف, وتعرّض الأرواح للخطر وتعيق التنمية الاقتصادية". ودَعَت المنظمة إلى تخفيف الحصار.
لكن شارفيت قال: إنه من الصعب الفصل بين المجالين المدني والعسكري؛ لأن حماس تستخدم المياه المفتوحة لاختبار الصواريخ وتدريب قوات الكوماندوز التابعة لها. وقال: "البحر هو أكبر موقع اختبار في غزة".
لكن القلق الأكبر لإسرائيل, إلى حد بعيد، هو العدوّ اللدود إيران. وتتهم إسرائيلُ إيرانَ بمحاولة تطوير أسلحة نووية, وهو ما تنفيه إيران. كما تشير إلى الوجود العسكري الإيراني في سورية المجاورة ودعم إيران للجماعات المسلّحة مثل حزب الله وحماس.
وفي السنوات الأخيرة, انخرطت إسرائيل وإيران في حرب الظلّ التي شهدت مقتل علماء نوويين إيرانيين، وتفجيرات غامضة في منشآت نوويّة إيرانية, ومؤخراً سلسلة انفجارات على سفن شحن لها صلات إيرانية أو إسرائيلية. في معظم الحالات, لم يعلن أحد مسؤوليته.
وقالت الوكالة الأمريكية: إن شارفيت رفض مناقشة عمليات محدّدة، لكنه قال: إن النشاط البحري الإسرائيلي في البحر الأحمر نما "بشكل كبير" على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وقد أرست إيران لسنوات سفينة قُبالة اليمن كان يُعتقد أنها قاعدة لقوات الحرس الثوري شِبه العسكرية. وتعرّضت تلك السفينة, (مي في سافيز) لهجوم إسرائيلي مُشتبَه به في نيسان/ إبريل الماضي.
هذا ويتمتع البحر الأحمر أيضاً بأهمية إستراتيجية عميقة من خلال استضافة طرق الشحن العالمية الرئيسية, بما في ذلك قناة السويس ومضيق باب المندب. وتدخل جميع واردات إسرائيل تقريباً عن طريق البحر.
وقال شارفيت: "لقد عزّزنا وجودنا في البحر الأحمر بشكل ملحوظ". نحن نعمل هناك بشكل مستمر مع السفن الرئيسية، أي فرقاطات الصواريخ والغواصات. ما كان يحدث في الماضي لفترات زمنية قصيرة نسبياً يتمّ الآن بشكل مستمر".
وقال أيضاً: إن إسرائيل مستعدّة للردّ بشكل أكبر على الهجمات المباشرة على السفن الإسرائيلية. وقال: "إذا كان هناك هجوم على ممرّات الشحن الإسرائيلية أو حرية الملاحة الإسرائيلية، فسيتعين على إسرائيل الردّ".
وقال: إن ذلك لم يحدث بعد. كان لسفن الشحن التي يُعتَقد أنها استُهدِفت من قِبل إيران في الخليج العربي ارتباطات مع إسرائيل لكنها كانت مملوكة ومُدارة من قِبل شركات مقرّها في أماكن أخرى. وقال: إن مثل هذه الهجمات تستحقّ استجابة دولية.
وتختم الوكالة تقريرها بوصف يوئيل جوزانسكي, الباحث البارز والخبير الإيراني في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، حيث قال عن البحرية بأنها "جيدة لكنها صغيرة" وحذّر من الاعتماد عليها بشكل كبير في إستراتيجية إسرائيل الشاملة تجاه إيران.
وقال: "أعتقد أن بعض العمليات قد تكون فوق طاقتها", مضيفاً أن التوترات المتزايدة في البحر قد تكشف نقاط ضعف إسرائيل المرتبطة باعتمادها الكبير على الشحن العالمي.
المصدر: أسوشيتد برس