نداء بوست – ولاء الحوراني – درعا
زواج القاصرات تلك الظاهرة الكارثية بآثارها على المجتمع، والتي ازدادت مع تردي الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية وضيق الحال خصوصاً بعد سيطرة النظام السوري على درعا منتصف عام 2018.
وزاد من تلك الظاهرة ما آلت إليه الأمور من مأساة حقيقية دفعت ثمنها الفتيات الصغيرات اللاتي يتم تزويجهن بعمر مبكر، سعياً للتخلص من أعباء الحياة التي لم تعد العائلات قادرة على تلبيتها في ظل الفقر الشديد وازدياد معدلات البطالة وغياب المُعِيل بين شرائح واسعة من المجتمع.
تلك الظاهرة القديمة المتجددة التي كان سببها الجهل وغياب الوعي تحت غطاء وجوب "الستر" تعود اليوم وبشكل كبير ولكن سببها الظروف التي أجبرت الأهالي على تزويج بناتهم للتخلص من تكاليف المعيشة.
نور الهدى ذات الـ 17 عاماً تحدثت لـ "نداء بوست" عن زواجها عندما كانت بعمر الـ15 بعد مقتل والدها في عام 2018، حيث كانت آنذاك في المرحلة الإعدادية لتجد نفسها بعد ذلك غير قادرة على إكمال تعليمها بسبب زيادة المسؤوليات على والدتها التي أصبحت أباً وأُمّاً لها ولأخوتها فوجدت أن زواجها سيخفف عن والدتها وسيكون خلاصاً لها من جحيم الواقع المتردي.
والآن نور الهدى أُمّ لطفلين توأم، اختتمت حديثها بالقول بحُرْقة: "أربي ولدين وأحتاج مَن يرعاني".
أُمّ علي أرملة وأُمّ لأربع فتيات قالت لـ"نداء بوست": إنه بعد توقف المنظمات عن دعم مشغل الخياطة الذي كانت تعمل به وكان يضم ما يقارب 75 أرملة وزوجة معتقل، أصبحت عاطلة عن العمل والأعباء ازدادت عليها مع ارتفاع الأسعار وبات كل شيء مكلفاً ولا قدرة لها على التحمل لذلك اضطرت مُكرَهة إلى تزويج ابنتها الكبرى بعمر 15 سنة.
من جانبها، تقول سهى ذات الـ19 عاماً: إن الزواج لم يكن حاضراً في تفكيرها قبل عامين، وكان حلمها إكمال تعليمها، لكن جحيم الحرب نقلها مع عائلتها في عام 2014 إلى أحد المخيمات في دول الجوار وكان الفقر والخوف من المجهول سبباً في زواجها بضغوط من أهلها، وتكمل بالقول: "الزواج مسؤولية كبيرة لم أستطع إلى اليوم وبعد سنتين من زواجي التكيف معها".
جريمة بشعة أركانها الجهل وغياب الوعي، فضلاً عن الفقر وسوء الظروف، تضاف إلى مآسٍ كثرة مرت على بلد عانى من ويلات الحرب ما عانى.