نداء بوست- عواد علي- بغداد
أعلنت وزارة البيئة العراقية، اليوم الأربعاء، تعرُّض البلاد لأعلى تلوُّث غباري في العالم.
وقال مدير عامّ دائرة الوقاية من الإشعاع في الوزارة صباح الحسيني: إن “بغداد تعرّضت إلى أسوأ تلوث غباري في العالم يوم الإثنين الماضي، إذ وصلنا إلى نسب تلــوث عالية جداً بحدود الســاعة التاسعة صباحاً”، مشيراً إلى أن هذه التقديرات تعتمد على عــدد ذرات الغبار الموجــودة فــي المتر المكعــب الواحد من الهواء، وبحسب المقاييس العالمية والأمريكية والأوروبية.
وأكد أن “أغلــب العواصف الغباريــة تأتــي من خــارج العراق، وما أســهم في زيادتها الجفاف والتصحــر وقلــة الغطــاء النباتــي المهمــل منــذ مــدة بعيــدة، ناهيك عــن تراجـُـع الاهتمام بالمســاحات والأحزمــة الخضــراء وتوزيــع الشــبكات الإروائيــة”، مبينــاً أن “المســألة يمكــن حلهــا مــن خــلال زراعة العاكول {نبتة العاقول} والشعير”.
وأوضح مدير الوقاية من الإشــعاع أن “وزارة البيئــة ســبق أن اقترحت بشــكل فنــي وعلمي إنشــاء الحزام الأخضــر الــذي يمكنــه مقاومــة العواصــف ولا يمنعهــا، مع إنشــاء مســاحات مائية وخضــراء وزيادة التشــجير وتثبيت الغطاء النباتي”، مضيفــاً أن الــوزارة اقترحــت أيضاً “مــد أنابيب مياه وإنشــاء مســاحات وبحيرات مائية تســاعد علــى ترطيب البيئــة، وحصول تبخّر، ومن ثَم غيوم وأمطار تســاعد على إعــادة الحيــاة إلى الأراضــي التي أصابها الجفاف”.
ورأى الحســيني أن “العــراق بــات ضحيــة تصاعــُد قــدرات البلــدان الصناعيــة نظــراً لوصــول التغيير المناخي إلى جميــع دول العالم والناتج عــن زيــادة الملوثــات، ولذلــك من الضــروري اســتخدام الأمطــار الصناعية كما معمول به عالمياً”.
وبشــأن واقــع الميــاه، قال المســؤول البيئــي: إن “العــراق لا يمتلــك بنــى تحتيــةً لخــزن الميــاه الزائــدة، أو شــبكات إرواء حديثــة، أو محطــات تحليــة يمكــن الاســتفادة منهــا فــي بعــض المناطــق الموجــودة في المحافظــات، ومنهــا مدينــة الفــاو لأغــراض الشــرب والســقي، مــع تجاهــل إمكانية بنــاء مفاعل نووي محدود لاستخدامات توليد الطاقة وتحلية المياه”.
مــن جانبه، قدّر الخبيــر الزراعي محمــد جــواد الخطــاب أضــرار العاصفــة قائلاً: إن “كميــة الغبار التي سقطت على بغداد يوم الإثنين الماضي بلغت نحو 60 طنا”.
ودعــا الخطــاب إلــى ضــرورة أن “يصــار إلــى تحليــل العناصــر والإشعاع التي يتضمنها هذا الغبار، بعد اســتحصال مســاعدة الجهات المعنية والمختصة في هذا الموضوع”.
وتشير توقعات حالة الطقس اليوم إلى قدوم عاصفة ترابية إلى العراق يوم الإثنين المقبل، وفقاً لما ذكره المتنبئ الجوي صادق عطية في منشور على صفحته في “فيسبوك”، موضحاً أن الفوارق الحرارية السطحية تزداد مع “نشاط المنخفض الحراري السطحي المألوف، وزيارة كتل هوائية باردة لمنطقتنا قادمة من أوروبا، وهذا يعتبر عاملاً مهماً في توليد العواصف الترابية التي ازدادت خلال الموسم الانتقالي الحالي بسبب ما عاناه العراق وسورية خلال سنتين من جفاف التربة، وزيادة مساحات التصحر الناتجة عن تناقُص المساحات الخضراء”.
وكان العراق قد شهد أول أمس الإثنين الماضي عاصفةً ترابيةً كثيفةً هي الثامنة من نوعها خلال شهرين، ما تسبَّب في شلل شِبه تامّ للحياة الطبيعية في البلاد، منها تعطيل الدوام الرسمي والامتحانات الدراسية والجامعية.
ومع انخفاض الرؤية الأفقية إلى نحو 300 متر، قررت السلطات إغلاق مطارَيْ بغداد والنجف والسليمانية مؤقتاً مع تسجيل أكثر من 4 آلاف حالة اختناق.
وقــالت وزارة البيئة: إن العاصفة الترابية الأخيرة تسببت “بأسوأ تلوث غباري في العالم”، وتوقعت ارتفاع نسبة تصاعد الغبار في البلاد من 272 يوماً في السنة بالوقت الحاضر إلى 300 يوم حتى عام 2050.
من جانبه، صنّف البرنامج البيئي للأمم المتحدة العراق، مؤخراً، خامس دولة في العالم من المتوقع أن تعاني من الجزء الأكبر من التأثيرات السلبية للتغير المناخي الحالي، وهو أمر عظّمت من تَبِعاته الإجراءات الحكومية شِبه الغائبة أو الخاطئة، إضافةً إلى الفساد الإداري المنتشر، واستمرار الانسداد السياسي الحالي، الذي بات يقف عائقاً أمام أي تحركات رسمية ممكنة لمعالجة الأوضاع، وسط توقعات بانتشار أكبر لنسب البطالة، وتراجُع كبير في المستوى الأمني.