على الرغم من المزاعم بأن جنوب القوقاز هو بؤرة التوتر الجديدة لتركيا وروسيا فإن التعزيزات العسكرية الأخيرة في سوريا تشير إلى أن التوازن في المحافظة لا يزال هشاً ويمكن أن يؤدي إلى أزمة إقليمية.
يوم الجمعة دخلت قافلة عسكرية تركية متضمنة أكثر من 25 عربة مدرعة وشاحنة تحمل مواد لوجيستية شمال غربي محافظة إدلب لتعزيز النقاط العسكرية التركية في المنطقة.
لا يزال ردة فعل موسكو تجاه الحشد العسكري الجديد لتركيا وهل سيؤدي إلى تنازلات جديدة بين البلدين غير واضح.
قال نافار سابان المحلل العسكري في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية في إسطنبول إن هذا التعزيز العسكري من المرجح أن يزعج روسيا لأن الكرملين يتوقع من تركيا تقليص وجودها العسكري في سوريا خاصة في المنطقة الواقعة جنوب الطريق السريع M4 والذي يمتد بالتوازي مع الحدود التركية السورية.
بدأت روسيا بالسماح للنظام بتعبئة بعض قواته في المنطقة الواقعة جنوب M4 ، لكن لن تكون هناك مواجهة عسكرية ضخمة وقد يكون هناك بعض الهجمات المدفعية من النظام على مكان تواجد القوات التركية.
تشير التقديرات إلى أن عدد المركبات العسكرية التركية في المنطقة قد تجاوز 9750 في الأشهر السبعة الماضية، ورفضت روسيا تسيير دوريات مشتركة جديدة ما دام هناك عدم استقرار في المنطقة.
أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ، في 22 أيلول / سبتمبر أن البلدين سيستأنفان الدوريات المشتركة في شمال سوريا عندما يستقر الوضع بعد هجمات هيئة تحرير الشام على قاعدة حميميم الجوية الروسية.
قال كايل أورتون الباحث في شؤون سوريا المقيم في المملكة المتحدة: إن الحشد العسكري التركي في إدلب يهدف إلى إرسال رسالة مفادها أن أنقرة لن تتنازل عن الأجزاء المتبقية من المحافظة.
لقد تخلت تركيا عن أراضٍ أكثر مما كان متوقعاً وبالتأكيد أكثر مما كان يأمله الكثير من السوريين لكن الحكومة التركية لديها خط أحمر حقيقي: فهي بحاجة إلى منطقة عازلة في إدلب.
ويرى أن هذا رد من تركيا على الإشارات الأخيرة من دمشق وإيران بأن هجوماً آخر قادم في إدلب مما يشير إلى أن أنقرة ستقاوم أي عمل من هذا القبيل.
وأضاف: من غير المرجح أن يشعر الروس بالقلق الشديد من تصرفات تركيا وقال إن موسكو راضية عن سيطرة تركيا على إدلب لكن موسكو لا تستطيع السيطرة على الأسد أو إيران .
في غضون ذلك قدمت الرئاسة التركية اقتراحاً إلى البرلمان في 1 أكتوبر/ تشرين الأول لمد سلطتها لشن عمليات عسكرية عبر الحدود في شمال العراق وسوريا لمدة عام آخر حتى 30 أكتوبر 2021، ويؤكد الاقتراح استمرار "المسؤوليات الأمنية لتركيا" في شمال سوريا شرقي نهر الفرات وفي محافظة إدلب.
وبحسب روان الرجولة المحلل المستقل في واشنطن العاصمة كان هناك بشكل مستمر حديث عن "عملية جديدة" في إدلب ، آخر معقل للمعارضة.
"كان كل اللاعبين يتوقعونها ويستعدون لها ويروجون لها من حين لآخر لكن ظروف الوباء أدت إلى تأجيلها وقال "الرجوله": "إن لروسيا مصلحة في السيطرة على كل الطريق السريع M4".
كثفت قوات النظام والطائرات المقاتلة الروسية مؤخراً هجماتها على هيئة تحرير الشام ومجموعات أخرى في محافظة إدلب بقصف مكثف.
وتطلّب اتفاق آذار / مارس الذي تم التوصل إليه بوساطة بين روسيا وتركيا إنشاء ممر أمني حول الطريق السريع M4 ، وتطهير المنطقة من العناصر المتطرفة وتسيير دوريات مشتركة لخدمة منطقة عازلة بين قوات النظام والمعارضة.
خلال مؤتمر بالفيديو يوم السبت قال الرئيس رجب طيب أردوغان إن "تركيا ستقضي على مناطق الإرهاب في سوريا إذا فشل الآخرون في الوفاء بوعدهم".
وبحسب "الرجولة" تبقى المشكلة هي في تحديد الجماعات الإرهابية بين تركيا وروسيا.
"بينما ترى تركيا أن وجود كيانات مسلحة منفصلة تعمل في شمال شرقي سوريا مثل وحدات حماية الشعب (YPG) المرتبطة بحزب العمال الكردستاني المحظور يمثل تهديداً مباشراً لحدودها، فإن أولوية روسيا هي التخلص من هيئة تحرير الشام وغيرها من الجماعات المسلحة التي "تملك صلات بتركيا إما من خلال الدعم المباشر أو من خلال قنوات المخابرات التركية".
وأضاف "الرجولة" : من المرجح أن تتوصل تركيا وروسيا إلى اتفاق بشأن تنازلات محتملة حيث ستتخلى تركيا "مرة أخرى" عن السيطرة على أجزاء معينة من إدلب مقابل تخفيف الضغط في مناطق الصراع الأخرى أو القضاء على شخصيات معينة محسوبة على حزب العمال الكردستاني والإبقاء على المنطقة العازلة.
المصدر أراب نيوز