نداء بوست- قسم المتابعة والتحقيقات- كندة الأحمد
“لا أعلم إذا كنّا سنبقى في عملنا! قلقين بشأن المصير المجهول المتعلق بقرار تثبيتنا في المدارس التركية، آملُ بتغيير حالتنا إلى الأفضل، والنظر بموقفنا، لعلنا نستطيع أن نكمل ممارسة مهنة “التعليم”، في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة والأجور المنخفضة للمعلمين السوريين، والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمرّ بها البلاد”.
بهذه الكلمات عبّرت معلمة سورية “لنداء بوست” عن حالة الاستياء التي تنتابها جراء ظروفها الصعبة خلال عملها في سلك التعليم في تركيا.
وتعمل المعلمة في إحدى المدارس التركية في مدينة أنطاكيا، حيث عبّرت عن استيائها من حجم المماطلة، باتخاذ قرارات صائبة بشأن مستقبل المعلمين السوريين في المدارس التركية.
وأثناء الحديث عن التفاصيل تقول “المعلمة”: إن “بعض المعلمين وجدوا بدائل أخرى بأن يعمل المعلم عملاً إضافياً، “كبقال” أو بمشروع صغير ليكسب لقمة عيشه هو وأطفاله، وجزء آخر من المعلمين ينتظرون قرارات حاسمة بتوظيفهم في إحدى المؤسسات التابعة لوزارة التربية بعد أن وجدت الوزارة أن من الأنسب معاينة ملفات المعلمين السوريين الذين لم يتم تعيينهم, عقب قرارات الفصل التي طالت 12300 سوريّ في يوليو/ تموز الماضي”.
وأضافت في حديثها لموقع “نداء بوست” أن “الإيجابيات التي انضوت منذ أن أعلنت الحكومة التركية إعادة (3 آلاف) معلم إلى المدارس، بحسب مديرية التربية في الولايات جميعها، كانت تشمل تأميناً صحياً، وراتباً يُعتبر أعلى بقليل من الأجور التي قُدّمت لهم سابقاً، وبدل طعام يُضاف إلى حساب البنك، وذلك وَفْق عَقْدٍ سنويٍّ، قابل للتجديد في حال كان المعلم جديراً في مكان عمله ويتقن اللغة التركية وقادراً على حلّ المشكلات بين الطلاب السوريين ومتأقلماً على الجوّ العامّ مع المعلمين الأتراك”.
في مدينة إسطنبول تقول معلمة سورية أخرى لموقع “نداء بوست”: إن “عدم وجود مرجعية إدارية نتبعها في المدارس من أصعب المشكلات التي نواجهها ولا يوجد قانون معين، يشملنا بأي شيء, فتتزايد مخاوفنا بشأن تثبيتنا كمعلمين “أساسيين”.
تضيف في حديثها على سبيل المثال “المدير والمعاون والزميل يستطيع أن يُملي عليك بأمر أو طلب داخل المدرسة”.
كما أضافت بالقول: “هناك غياب في الدعم المالي المقدم من منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة، والأجور المنخفضة التي يتلقاها المعلمون في مدارسهم، وخصوصاً أنها لا تتناسب مع المجهود المبذول، وساعات العمل الطويلة من الصباح حتى الساعة الخامسة أو السادسة حيث لا يوجد دوامان منفصلان”.
مع ذلك، بدأ المعلمون بالانخراط بالسلك التعليمي وَفْق منهجية وضعتها وزارة التربية من خلال تعلُّم اللغة التركية لتسهيل الأمر وسرعة التواصل مع زملائهم الأتراك.
مسؤولة الاتصال في اللجنة التركية السورية المشتركة إيناس النجار صرحت لموقع “نداء بوست”: إن “الحلول يجب أن تكون على الشكل التالي بالنسبة للمعلمين العاملين حالياً في المدارس، بأن يشكّل اجتماع موحَّد لكل المعلمين وتوصيف المشكلات ومن ثم رفعها للجهات المعنية، كمديرية التربية التركية، وجدولتها وفقاً لما يتناسب مع الوزارة، وإخضاعها لقانون معنيّ فقط بشؤون المعلمين السوريين الحاليين”.
وأكدت النجار أن “عدد المعلمين الضئيل في المدارس ربما يساعد في طريقة وجود حلّ جذريّ، تحت قانون ورقابة متخصص بشأن ذاته”.
ولفتت بالقول: “في حال شكّلت لجنة موحدة، لرعاية الشؤون التربوية للمعلمين، ستكون هناك آلية سريعة في حل جميع المشاكل وما تنضوي تحتها من عقبات في الجهاز التربوي السوري”.
قصة كفاحٍ من نوعٍ آخر، يواجه المعلمون السوريون التحديات بشكلٍ مختلف هذه المرة، في ظل قراراتٍ متضاربةٍ بشأن مستقبلٍ مجهول، شهاداتٌ جامعية، وخبراتٌ مسبقة، في بلاد اللجوء، لم تُغْنِهم عن الفوضى في وزارة التربية التركية، تحدِّيات مختلفة ولكلٍّ منهم قصةٌ، يصارعون من أجل لقمة العيش، ويتعايشون مع الواقع.
وهم في ذلك مترصِّدُون ما هو آتٍ، يبدو أن مخلفات الحرب، بدأت تنعكس على واقع المعلمين والطلاب السوريين، مع تصاعُد موجات الهجرة الداخلية والخارجية، منذ اندلاع شرارة الحرب السورية عام 2011، حيث تسود حالة من القلق والأمل في ذات الوقت عند آلاف المُدرسين السوريين في تركيا، علّهم يجدون مكاناً يقفون به بين مقاعد الصفوف ويشرحون الدروس لأبنائهم ويُثبتون كفاءتهم المهنية، بكل حبٍّ وشَغَف، يتمسكون بقرارهم بمواصلة أداء أسمى المهن “التّدريس”.
يأتي ذلك بعد حزمة القرارات المؤخَّرة للمعلمين السوريين الذين كانوا يعملون في مدارس تابعة لمنظمة اليونيسيف للأمم المتحدة، ووصل قرار آخر بتاريخ الـ9 من أيلول/ سبتمبر 2021 مفاده أنه سيعاد تعيين المعلمين ممن عملوا سابقاً كمتطوعين في المدارس التركية بشروط تُحدّدها الوزارة وذلك بعد مضيّ أربع سنوات على دمج الطلاب السوريين في المدارس التركية وفقاً لمشروع PIKTES الممول من الاتحاد الأوروبي.