هاجر الآلاف من الأطباء في مناطق سيطرة النظام السوري، إلى خارج البلاد، خلال السنوات الماضية، لأسباب متعددة، ما أسهم في تردي الواقع الطبي المتهالك أصلاً، وإغلاق كليات طب في عدة مناطق، وتكليف أطباء بيطريون بالتدريس في أخرى بسبب نقص الكوادر.
وقال الدكتور "أكرم الشرع" مؤسس موقع "سماعة حكيم"، إن كلية الطب في محافظة حماة، تعتبر مثالاً صارخاً على نقص الكوادر الطبية في سوريا، حيث اضطر القائمون عليها لتعيين طبيب بيطري لتدريس طلاب السنة الثانية والثالثة، وفقاً لما نقلت عنه جريدة "البعث" التابعة للنظام.
وأشار "الشرع" إلى غياب اختصاص أمراض الدم في جامعة حلب، بسبب عدم وجود أساتذة بهذا الاختصاص، الأمر الذي أدى لإغلاق القسم بشكل كامل.
ونقلت الجريدة عن طبية رفضت الكشف عن اسمها أن معظم من تعرفهم من الأطباء قرروا السفر كخيار وحيد.
وقالت الطبيبة: "نحن نعلم علم اليقين أننا نهرب إلى واقع قد يكون أسوأ، ولكن ما وصلنا إليه بات صعباً وأجبر الكثير من زملائنا على إغلاق عياداتهم، والاكتفاء بعدد معيّن من المرضى، بسبب العبء المادي الكبير ومصاريف العيادة من كهرباء ومولدات وفواتير أخرى لم تكن بالحسبان".
وأضافت متسائلة: "هل يعقل أن أستاذاً في كلية الطب البشري لديه خبرة لا تقل عن 14 سنة يفكر بالسفر؟ مثال آخر لإحدى زميلاتي وهي بعمر 50 لديها خبرة 15 سنة تبحث عن عقد عمل في دول كاليمن والصومال، وطبيب آخر بخبرة 27 سنة ترك كل شيء خلفه، عيادته وعائلته وجامعته، بحثاً عن عمل في أربيل!".
وعزا الطبيب "بشار قادري" هجرة الأطباء من سوريا إلى الحالة الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في مناطق سيطرة النظام بعد أن سيطرت "المليشيات الطائفية الإرهابية العابرة للحدود على كل مفاصل الحياة في سوريا".
وأشار "قادري" خلاله حديثه لـ "نداء بوست" إلى استمرار الاعتقالات التعسفية والقمع والقتل في مناطق سيطرة النظام، موضحاً أن ذلك لا يشمل المعارضين فقط، بل حتى من "صفقوا للنظام ووقفوا بجانبه".
وتابع "الآن شعر هؤلاء فعلاً بتقصيرهم عندما التحقوا بصفوف المجرمين والظلمة، ضد من خرجوا بالثورة للقضاء على الظلم والقهر الذي يعانون هم منه الآن".
وكان نقيب أطباء سوريا "كمال عامر" قد ذكر قبل أيام أن عدد الأطباء المسجلين في سوريا كان سابقاً 32 ألف طبيب في جميع أنحاء البلاد، والآن يوجد منهم 20 ألف طبيب.
وشهد عدد الأطباء في سوريا تناقصاً ملحوظاً بعد اندلاع الثورة السورية، نتيجة الهجرة فراراً من الحملات العسكرية التي نفذها النظام السوري وحلفاؤه ضد المدن والبلدات، فضلاً عن قصفه المشافي والمراكز الصحية على وجه الخصوص.
يذكر أن نقيب أطباء سوريا عام 2017 "عبد القادر حسن" أكد أن نقابة الأطباء فصلت نحو 150 طبيباً بتهمة التعامل مع الفصائل الثورية في سوريا، وأكثر من 1000 آخرين بعد هجرتهم "بوسائل غير نظامية"، وعدم تسديدهم رسوم النقابة.