”نداء بوست“ – حوارات سياسية – أجرى الحوار أسامة آغي:
تشكّل جولة المفاوضات السادسة في جنيف والتي ستعقد بتاريخ 16/10/2021 عتبة مهمة في عمل اللجنة الدستورية، وتحديداً في ظلّ تفاهمات استطاع المبعوث الأممي جير بيدرسون التوصل إليها بعد جولات مكوكية حملته إلى موسكو ودمشق واستنبول. ”نداء بوست“ التقى رئيس وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، وطرح عليه أسئلته.
بدء صياغة مشروع الدستور
يقول المهندس هادي البحرة الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية الذي يتهيأ لترؤس وفد المعارضة لجولة المفاوضات السادسة: كما تعلم قد مضى ما يقارب السبعة أشهر منذ انعقاد الدورة الأخيرة لاجتماعات اللجنة الدستورية، كان ذلك لعدة أسباب منها مطالبتنا بالاتفاق على منهجية العمل والنقاش، التي تُلزم بالتوصل إلى نتائج، وتتيح الخروج من مرحلة الإعداد والنقاشات الدستورية العامة، وبدء عملية الصياغة الفعلية لمشروع الدستور، أي أن تكون النقاشات مبنية على نصوص مضامين دستورية مقترحة من الأعضاء لإدراجها ضمن مضامين مشروع الدستور، بما يضيّق من دائرة النقاش، ويتيح الفرصة للتوصل إلى توافقات حول تلك المضامين الدستورية.
ويوضح البحرة: طلبنا أن يتمّ التوافق على تلك المنهجية قبل تحديد موعد الدورة السادسة للاجتماعات، هذا وقد تولّى المبعوث الخاص خلال تلك الفترة عملية تيسير المفاوضات غير المباشرة للوصول إلى تفاهم بخصوصها، والأسس التي ستعقد بناء عليها اجتماعات الدورة السادسة.
والبحرة يرى أن مجيء بيدرسون إلى استنبول واللقاء معهم هو في ذلك الإطار، ويضيف: توصلنا إلى تفاهم مؤخراً، وقد أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا أسسه ومحدداته في إحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن. ويفصّل ذلك بالقول : لقد وجه بيدرسون رسالتين متماثلتين متزامنتين إلى الرئيسين المشتركين للجنة، تعلمهما بالدعوة إلى اجتماعات الدورة السادسة والأسس التي تُعقد عليها وفق التفاهم الذي تمّ التوصل إليه بين الطرفين، وأعاد ذكرها تفصيلياً في نسختي خطابه الموجه إليها. بالتالي كل من قبلَ الدعوة لهذه الدورة وأسس انعقادها عليه أن يلتزم بتلك الأسس.
ويبيّن البحرة ما سيجري في هذه الجولة بالقول: سيتمّ في هذه الدورة البحث في تحديد مواعيد دورات الاجتماعات القادمة خلال الأشهر المتبقية من هذا العام، إضافة إلى بحث خطة عمل اللجنة الدستورية، أما بالنسبة لروسيا فكما تعلمون إن المبعوث الخاص قام بزيارة روسيا مرتين، وأجرى عدة اتصالات مع مسؤولي الملف السوري في الخارجية الروسية قبل زيارته إلى دمشق، وعلى ما يبدو أنهم قاموا بتيسير زيارته إلى دمشق.
الانسحاب من المفاوضات ليس خياراً
سألنا رئيس وفد المعارضة في اللجنة الدستورية: إذا قام النظام وحلفه بالمماطلة لنقاش المبادئ الدستورية هل ستضطرون لاتخاذ موقف ما، فهناك من يطالب بالانسحاب من المفاوضات ومن يطالب بتعليقها؟.
فأجاب بالقول: الجولة القادمة هامة من حيث أنها تأتي بعد عدة لقاءات دولية في جنيف وروسيا، حيث كان الملف السوري حاضراً فيها، كما أن حجم المعاناة التي يعيشها السوريون اليوم في أرجاء سوريا كافة، تقتضي من كل الأطراف العمل الجاد لإنجاز مهمة اللجنة بأسرع وقت ممكن.
ويعتقد البحرة أن عدم التزام أي طرف من أطراف اللجنة الدستورية بالأسس المنهجية التي تمّ الاتفاق عليها للدعوة إلى هذه الدورة من الاجتماعات سيكون مكشوفاً، وبالتالي سيتحمل نتائج الفشل.
لكنه يوضح أن لديهم العديد من الخيارات في حال حدوث ذلك، مبيناً أن الانسحاب ليس من بينها، فهو "خيار لا يخدم مصالحنا الوطنية" كما يقول البحرة الذي يضيف: لا يمكن أن نخلي ساحة المعركة للآخرين، دعنا نثبت بعض الأمور أولاً، هل يمكن أن تكسب معركة إن أخليت ساحتها ولم تخض غمارها؟ هل من الممكن أن توقف تقدّم القوات التي تواجهك إن أخليت خطوطك الدفاعية من المقاتلين؟ هل عدم تحقيق النصر العسكري المنشود يجعلك تأمر جنودك بالانسحاب من الخطوط الدفاعية، ليتقدم خصمك دون معيق؟.
ويتابع رئيس وفد المعارضة قائلاً: إن العملية السياسية بما فيها اللجنة الدستورية ليست إلا معركة، معركة شعب يتطلع لاسترداد حقوقه الإنسانية والدستورية وسيادته المغتصبة، والمنصة الدولية التي نستطيع من خلالها أن نمثّل عبرها قيم الثورة وأهدافها الحقيقية، التي ثار الشعب من أجلها، والساحة التي نقول فيها إن الثورة حيّة ومستمرة حتى تحقيق تطلعات الشعب، كما أنها امتثال لقرارات الشرعية الدولية.
هل نرى النظام منسحباً منها، أم هي مساحة لا يخليها، وهو الطرف المعطّل فيها، فهل نخليها له، ولمصلحة من ذلك؟.
يجيب البحرة: وفق أصول علم التفاوض، على المتفاوض أن يجري عملية تقييم مستمرة للعملية التفوضية، تقوم على البحث عن أفضل بديل لاتفاق تفاوضي، فإن وجد وجب اتباعه، لذلك إن الانسحاب أو التعليق المعلن دون وجود جهوزية البديل لا يخدم مصالحنا الوطنية، كما إضاعة الوقت دون تحقيق تقدم، لذلك وعند كل محطة يكون لنا موقف حازم، لا نتابع السير دون تحقيق هدفنا منه، بهذه الطريقة نحن نضغط لتحقيق تقدم وليس للإعاقة والتعطيل.
ضرورة التوافق الدولي لإنجاز مشروع الدستور
وحول من سيكون أكثر تضرراً من انعقاد اللجنة الدستورية لإنجاز مشروع الدستور، يقول البحرة: الأفضل أن نقول من هو المتضرر من عرقلة العملية السياسية، وإطالة أمد المعاناة؟ دون شك أن الأكثر تضرراً هو الشعب السوري.
ويتابع قائلاً: إن أي طرف من الأطراف الثلاثة في اللجنة يمكن أن يعرقل الخروج بنتائج إيجابية لتسهيل التوصل لوثيقة دستورية، وحتى اللحظة لا أعتقد أن النظام جاد أو تتوفر لديه أي نوايا حسنة اتجاه العملية السياسية بشكل عام واتجاه اللجنة الدستورية بشكل خاص.
قد نحقق تقدماً في أعمال اللجنة الدستورية، وما يزال الحديث للبحرة، وذلك بسبب ثباتنا وصبرنا وإصرارنا وخطة عملنا لإنجاز مهمتنا وفق التفويض الممنوح للجنة، لكن الواقع يقول أن اللجنة لن تتمكن من إنجاز مهمتها المحددة بصياغة الإصلاح الدستوري الشامل لمشروع الدستور المنشود وللممارسات الدستورية بشكل كامل وبالسرعة التي نطمح لها، دون تحقيق توافق دولي وإقليمي يولد الإرادة الحازمة لإنجاز الحل السياسي لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 ، فإن توفرت تلك الإرادة فبإمكان اللجنة أن تنجز مهمتها وفق تفويضها في فترة لا تتجاوز الأربعة أشهر من العمل المتواصل والجاد، عندما نقول ذلك فنحن لا نقف مكتوفي الأيدي بانتظار حدوث تلك التوافقات الدولية والإقليمية، بل نسعى ونعمل على حدوثها خلال أقصر مدة ممكنة وباستخدام كل الوسائل المتاحة.