نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
احتاجت نقابة المهندسين الأردنيين لاجتماعيْن استثنائييْنِ، كي تكتشف أن قوة الإسلاميين من أعضائها المنخرطين في القائمة البيضاء، ما تزال هي صاحبة اليد الطُّولَى داخل أروقتها وعناوينها وتاريخ حضورها الفاعل في المشهد الأردني المهنيّ والسياسيّ.
نجح أبناء القائمة البيضاء المحسوبة على جماعة (الإخوان المسلمون)، بـ(فركشة) الاجتماع الاستثنائيّ الأول الذي عُقِد الجمعة الماضية 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021، ثم نجحوا في الاجتماع الاستثنائيّ الثاني الذي عُقِد أول من أمس الإثنين 27 كانون الأول/ ديسمبر 2021، بتأمين أصوات كانت كفيلة بمنع تمرير تعديلات على قانون النقابة ونظامها الداخليّ، يبدو أنها، بحسب مراقبين، وبحسب حدّة ردّة فعل (البيضاء) معها، كانت -لو مرّرت- ستصب لصالح القائمة الأخرى (الخضراء) المتكوّنة من تحالُف القوميين واليساريين والأمنيين (المتحرّكين بتوجيهات أمنية) وما يُقال إنهم مستقلّون، ولصالح إدامة بقائهم أسياد إحدى أهم النقابات المهنية في الأردن، إن لم تكن -بتاريخها وعدد منتسبيها وخصوصية بُعدها ودلالاتها- أهمها على الإطلاق.
بعض هتافات المحتجّين على التعديلات، شبّهت في الاجتماع الأوّل (المُفركش) النقيب الحالي بالرئيس التونسي قيس سعيّد الذي انقلب هناك على الدستور والمجلس التشريعي وعلى كل شيء. آخرون يصفونه بـ(الشبيح) للنظام السوري بسبب مواقفه المؤيدة له، وزيارته سورية زمن خرابها والتقاط صور له مع نقابيين محسوبين على حزب البعث.
يُذكر أن التعديلات التي طرحها مجلس النقابة الحالي، ورفضها من يمثّلون المجلس السابق، تشمل اعتماد التمثيل النسبي في انتخابات الهيئة المركزية وانتخابات مجالس الشُّعَب ومجالس فروع النقابة في المحافظات، مع الإبقاء على آلية انتخاب هيئة المكاتب والشركات الهندسية ومجلس النقابة على ما هي عليه. كما تشمل خفض التعديلات سنّ الترشّح لمنصب النقيب ونائب النقيب وأعضاء مجالس الشُّعَب والفروع، إضافة إلى تثبيت الشُّعَب في القانون ونقل تحديد الأقسام والفروع للنظام الداخلي من أجل المرونة في إنشاء أقسام جديدة وفروع للشُّعَب من دون أن تكون مقيَّدة بالقانون، وإعطائها فرصة التعامل مع التطوّرات العلمية والتكنولوجية. تعديل آخر يتعلّق بإضافة الدمغة الهندسية، بهدف جلب إيراد إضافي للنقابة من خلال نظام الطوابع واستخدام الدمغة الخاصة بالنقابة.
التعديلات التي سببت هذه العاصفة من الاعتراضات والمشاحنات وما كاد أن يصل إلى عراك بالأيدي، شملت تعديل الرسم المستوفى كرسوم إضافية ليصبح ربع الرسم بدلاً من نصف الرسم، وإعفاء المهندسين غير المسدِّدين الرسوم السنوية من الرسوم الإضافية المستحقة عليهم سابقاً، إذا تقدّموا بطلب إعادة تفعيل العضوية خلال عام من تاريخ نشر التعديل، لتشجيعهم على إعادة تفعيل عضويتهم. واستحدثت التعديلات الجديدة امتحان ممارسة المهنة للعضو المقبول في النقابة للسماح للمهندس بمزاولة مهنة الهندسة من أجل ضبط الرقابة وفرضها على ممارسة المهنة.
يقول بعض المراقبين: إن التمثيل النسبي كان موجودًا زمن القائمة البيضاء "إنجاز"، وإن المجلس شكّل خلال السنوات الماضية "لجنة للنسبية" استمر عملها بين عامَيْ 2009 و2018، إلى أن حصل الاتفاق على إقرار التمثيل النسبي، في عهد المجلس الحالي الذي يقوده تيار "نمو". إقرار عارضته قائمة "إنجاز" بضراوة، وجنّدت للإطاحة به مختلف قدراتها التنظيمية وخبراتها الحزبية والنقابية.
بعض القيادات الهندسية قالت: إن الردّ على هذه الفوضى هو صندوق الاقتراع. وهناك آخرون يتخوّفون من وجود (طابور خامس) داخل جسم النقابة يريد -عَبْر هذه الفوضى والتفكّك- إرسال رسائل إلى أجهزة بعينها، عن "بلوغ الأزمة النقابية أقصى منتهاها"، وبما يخدم الحكومات "بتفكيك النقابة ذات الحضور الصلب، والكتلة الحرجة"، في مواجهة سياساتها الاقتصادية وضد الحريات العامة، ما يعني أن درس نقابة المعلمين (المنحلّة) متمثّل لدى كثيرين.
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية