نداء بوست-قسم المتابعة والتحقيقات-خاص
كشفت مصادر خاصة لـ “نداء بوست”، أن مجموعة من الضباط برتب عميد وعقيد ومقدم تابعين لما يعرف بـ “الجيش الوطني” في ليبيا والذي يقوده الجنرال الليبي خليفة حفتر غادروا دمشق هذا الأسبوع متجهين إلى مطار بني غازي شرق ليبيا.
واشار المصدر أن الضباط الليبيين وعددهم أكثر من 30 ضابطاً كانوا قد خضعوا لدورة تدريبية خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية في مركز البحوث العلمية في جمرايا، بهدف تطوير خبراتهم في تركيب المواد الكيماوية واستخدامها في الأسلحة الصاورخية.
لقاء الأسد بضباط حفتر
وبحسب مصدر “نداء بوست”، فإن رئيس النظام السوري بشار الأسد كان قد التقى بالضباط الليبيين بعد انتهاء دورتهم التدريبية، وناقش معهم قبل مغادرتهم سورية اهتمام النظام السوري بالتنسيق الأمني والعسكري مع القوات المسلحة الليبية، وترحيب سورية بنقل خبرات مكافحة الإرهاب إلى القوات الليبية (الموالية لحفتر).
كذلك ألمح الأسد لضرورة التنسيق السياسي بين النظام السوري وقوات حفتر لمواجهة الأطماع التركية في سورية وليبيا.
وقد عرف من الضباط الذين التقاهم رئيس النظام السوري بحسب مصدر “نداء بوست” كل من:
العميد غانم عبد السلام قريرة، والعميد ياسين لخفيفي، والعقيد مصطفى اللشي حسن، والعقيد محمد أحمد الزاوي، والعقيد فرج حسين لفرك، والمقدم ربيع الهبشي.
نقل مرتزقة سوريين إلى ليبيا
وخلال وقت سابق، أكد تقرير فرنسي تصاعد عمليات نقل المرتزقة وشحنات المخدرات من العاصمة السورية دمشق، إلى مدينة “بنغازي” الليبية الواقعة تحت سيطرة قوات اللواء المتقاعد “خليفة حفتر”.
وقالت صحيفة “jeuneafrique” الفرنسية: إن شركة “أجنحة الشام” المملوكة لرجل الأعمال الموالي للنظام “رامي مخلوف” والمدرجة على قوائم العقوبات الأمريكية والغربية، سيرت خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي ما لا يقل عن 9 رحلات ذهاب وإياب بين دمشق وبنغازي.
وأوضحت الصحيفة إلى أن آخر تلك الرحلات كانت في 19 من شهر نيسان، نقلت على متنها مقاتلين سوريين وشحنات مخدرات إلى ليبيا، مضيفة أن روسيا تتولى مهمة تجنيد المرتزقة في سورية لصالح “حفتر”، في حين تتكفل دولة الإمارات بتمويلهم ودفع مرتباتهم.
وفي تلك الأثناء، أكدت قوات عملية “بركان الغضب” التابعة لحكومة “الوفاق” الليبية أن شركة “أجنحة الشام” سيرت 41 رحلة لنقل المرتزقة من سورية إلى ليبيا
وتم تسيير الرحلات ما بين 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 و3 آذار/ مارس 2021، حيث تقلع طائرات “أجنحة الشام” من مطار دمشق الدولي وقاعدة “حميميم” الروسية بريف اللاذقية، وتهبط في مطار “بنينا” في مدينة “بنغازي” أو قاعدة “الخادم” الإماراتية جنوب “المرج” شرقي ليبيا.
علاقة حفتر مع نظام الأسد
وخلال وقت مضى، لقيت مجموعة من السوريين المجندين في صفوف “فاغنر” الروسية وذلك جراء انفجار لغم في حافلتهم قرب منطقة “سرت” الليبية.
وينحدر القتلى من محافظتي “السويداء” و “حماة”، وقد جرى تجنيدهم عبر شركة “الصياد” الأمنية التي تنشط في سورية لصالح “فاغنر” الروسية وبإشراف مباشر من قاعدة “حميميم”.
“نداء بوست” فتح ملف المجندين السوريين من قبل “فاغنر” الروسية لصالح نشاطاتها العسكرية في ليبيا، حيث تدعم مليشيا قوات الضابط المتقاعد خليفة حفتر، وسلط الضوء على جوانب خفية من هذه العملية التي تجري في الظلام بعيداً عن أعين الإعلام، ويميط اللثام عن الجهات المتورطة في التجنيد بالأسماء والأماكن.
شركة الصياد
تعتبر شركة “الصياد” بمثابة واجهة سورية تعمل لحساب “فاغنر” الروسية وقد جندت خلال الأعوام السابقة شباناً سوريين من أجل حراسة حقول النفط والغاز ومناجم الفوسفات في ريف حمص الشرقي مثل “خنيفيس” و”شاعر” و”مطار تي فور”.
وقد برزت الشركة بشكل واضح خلال عملية تجنيد الشبان من أجل السفر إلى ليبيا وفنزويلا.
تأسست الشركة باسم ميليشيا مدعومة من روسيا بعد مضي عام على تدخلها المباشر في سورية، وكان اسمها آنذاك “صائدو داعش” ومقرها الأساسي في بلدة “السقيلبية” بريف حماة، وقد انخرط عناصرها في الأعمال القتالية وبالأخص في منطقتي “تدمر” و “شاعر” في بادية حمص، لكن في شهر آذار / مارس 2017 حصلت الميليشيا على ترخيص رسمي مديرية التجارة بمحافظة حماة باسم “شركة الصياد” ومهمتها تقديم الحراسات الأمنية للمنشآت، ويديرها “ميخائيل جرجس” ومن أبرز المؤسسين لها: أديب توما – يسار إبراهيم.
وتنشط الشركة أيضاً في محافظة السويداء، لكنه لا يوجد لها مقر رسمي، وإنما تتحرك عن طريق مندوبين يقومون بتنسيق عملية التجنيد ويلتقون مع الشبان لمقابلتهم واستلام الأوراق الثبوتية منهم، ومن الممثلين البارزين للشركة كل من “جمال نصار” و”يزن كيوان” والمحامي “محمد باكير”، وتتم اللقاءات غالباً في مكتب “جمال نصار” قرب حديقة “الطرشان” في مدينة السويداء، أو مكتب المحامي “محمد باكير” في مدينة شهبا بريف السويداء.
وخلال وقت سابق، أفاد “ريان معروف” مدير تحرير شبكة “السويداء 24” لموقع “نداء بوست” أن “فاغنر” عملت على استقطاب الشباب في محافظة السويداء عبر شركات أمنية سورية كشركة الصياد لخدمات الحراسة مقرها محافظة حماة ولحراسة الحقول النفطية في ليبيا، ويتم إغراء الشباب بالرواتب المرتفعة التي تصل إلى 1500 دولار شهرياً، وهي بذلك تستغل الأوضاع الاقتصادية السيئة في المحافظة.
وأضاف” معروف” في تصريحه: “منذ شهر نيسان/ أبريل 2020 وحتى يومنا هذا غادر إلى الأراضي الليبية حوالي 10 دفعات من أبناء محافظة السويداء يتراوح عدد كل دفعة بين 35 إلى 50 شاباً، وتم نقل هذه المجموعات عبر مطار “حميميم” إلى الأراضي الليبية، كما عادت عدة دفعات من ليبيا إلى السويداء في إجازات بعد قضاء الفترة المطلوبة.
وأفادت مصادر عسكرية ليبية لـ”نداء بوست” أن طائرات شحن روسية تحط بشكل مستمر في قاعدة “الجفرة” وسط ليبيا، وعلى متنها معدات وأسلحة وذخائر، بالإضافة إلى مجندين سوريين، كما أن شركة “أجنحة الشام” للطيران المدني التابعة للنظام السوري تنقل المرتزقة إلى الأراضي الليبية، وتنزل الرحلات في مطار “بنينا” في بنغازي. وكان آخر الرحلات التي هبطت في “بنينا” طائرة قادمة إلى دمشق حطت رحالها في شرق ليبيا في الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2021.
وأشار “معروف” إلى أنهم وثقوا حتى اليوم مقتل شاب واحد من أبناء محافظة السويداء على الأراضي الليبية، مؤكداً أن نقل المجندين من المحافظة إلى ليبيا فقط. علماً أنه تم تسجيل أسماء مئات الأشخاص للسفر إلى فنزويلا أواخر العام الماضي ولكن لم تغادر أي مجموعة ممن تم تسجيل أسمائهم للسفر.
روسيا حليف لحفتر والأسد
بدورهم، أفاد مجندون من الغوطة الشرقية بريف دمشق لـ”نداء بوست” أنهم وقعوا عقوداً مع شركة “فاغنر” الروسية من أجل الذهاب إلى ليبيا.
وبحسب إفادة المجندين – الذين رفضوا ذكر أسمائهم لدواع أمنية – فإن الشرطة العسكرية الروسية تستخدم متعاونين محليين من أجل تسجيل أسماء الشبان بهدف نقلهم إلى الأراضي الليبية، حيث يتم تجميعهم أولاً في معسكر “البعث” بريف اللاذقية، ثم تنقلهم طائرات شحن عسكرية من قاعدة “حميميم” إلى الأراضي الليبية.
وأكدت المصادر أن دفعة المقاتلين الأولى التي جرى تجنيدها من مدينة “دوما” بريف دمشق قد غادرت إلى ليبيا في أيار/ مايو 2020، والآن تم تسجيل أسماء 300 متطوع جديد سيتم نقلهم على دفعتين إلى الأراضي الليبية.
وينص العقد الذي جرى توقيعه بين “فاغنر” ومجندين من مدينة “دوما” على إعطاء المجندين مبلغ 500 دولار أمريكي عند السفر، مع تقسيم المتطوعين إلى فئتين الأولى فئة المقاتلين وتحصل على 2500 دولار كراتب شهري، وفئة الحراسة ويبلغ راتب الفرد شهرياً 1200 دولار. ويمتد العقد لـ 6 أشهر، وفي نهاية التعاقد يتم صرف مبلغ 6700 دولار للشخص الواحد كتعويض.
الأمني والميليشيات والأحزاب
أبرز الأحزاب الموالية للنظام والمنخرطة في عملية التجنيد هذه هو حزب “الشباب الوطني السوري” المرخص من قبل النظام السوري والناشط في جنوب البلاد وخاصة محافظة السويداء، بالإضافة إلى مشاركة أمناء فرق حزب البعث في محافظة القنيطرة في هذا المجال أيضاً.
وتقوم بعض الأفرع الأمنية أيضاً بدور تجنيد المقاتلين، ومنها فرع الأمن العسكري في كل من السويداء وحماة.
وتنسق “فاغنر” مع ميليشيات عسكرية ساندت النظام السوري من أجل تجنيد مقاتلين لصالح الشركة الروسية.
ففي محافظة دير الزور، تعتمد “فاغنر” على فصيل يسمى “لواء القدس” الذي تشكل في وقت سابق من لاجئين فلسطينين مقيمين في مخيم “النيرب” قرب مدينة حلب، ثم توسعت أعماله ووصلت إلى شرق سورية.
واعتمد اللواء على مندوبين من الوجهاء العشائريين شرق سورية من أجل تسهيل التجنيد، ومنهم “نعيم الفاضل الفهيم”.
واستفادت روسيا من الصراع الدائر في ليبيا بين الأطراف، وأرست نفوذاً لها في منطقة “رأس لانوف” في الهلال النفطي، وفي قاعدة “الجفرة” التي تعتبر أهم قاعدة من الناحية الإستراتيجية في ليبيا كونها لا تبعد سوى 500 كيلومتراً عن “حوض سرت” و “الهلال النفطي” الغنيين بالثروات الطبيعية.
وبموجب هذه الخطوات الليبية، بات لزاماً على الأطراف المحلية والدولية إجراء محادثات مع موسكو للاستماع إلى مطالبها قبل تنفيذ أي حل للصراع الليبي.