نداء بوست- ولاء الحوراني- درعا
”في البداية أثار عملي استهجان الجميع وطلبت مني عائلتي تركه”، هذا ما قالته سارة الصبحات التي تعمل كسائقة تكسي في إحدى بلدات ريف درعا الأوسط لتعيل أسرتها.
تقول سارة إن الأوضاع الإقتصادية فرضت عليها وعلى غيرها من النساء في حوران واقعاً مراً، ودفعتهن للعمل في وظائف ومهن لم يتخيلن يوماً العمل بها.
وتضيف: ”قُتل زوجي في الأحداث الأخيرة التي شهدتها درعا وأصبحت أنا وأطفالي الثلاثة في مهب الريح في ظل تدهور الوضع الإقتصادي وتدني مستوى المعيشة إذ أن راتبي كمعلمة لا يكفي احتياجات منزلي لأربعة أيام فقط”.
إثر قررت سارة العمل على سيارة أجرة تركها لها زوجي، واقتصر عملها في البداية على إيصال النساء داخل البلدة بسبب رفض عائلتها وعائلة زوجها لهذا العمل رغم أنه ليس بإمكانهم مساعدتها مادياً بسبب الظروف القاهرة التي تمر على الجميع، ثم أصبح الأمر اعتيادياً ومقبولاً بعد أن أصبحت الكثير من النساء التي غاب معيلها تعمل بمهن يعتبرها المجتمع مخصصة للرجال.
كما أشارت إلى أن نقص الأيدي العاملة من الشبان الذين غيب الموت والهجرة 80 % منهم جعل عمل النساء نتيجة حتمية، فلولا الحاجة الملحة وشبح الجوع الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى لما تخطت النساء أدوارها الجندرية.
وأوضحت أن ما شجعها على هذا العمل التقاءها بسيدة من إحدى بلدات ريف درعا الغربي تعمل على بسطة لبيع الخضار حيث تنقل يومياً بضائعها في سيارتها إلى السوق في مدينة درعا.
وتواصل نداء بوست مع تلك السيدة وتدعى باسمة العوضي، التي أخبرتنا بأن حاجتها وضغوط الظروف الراهنة هي من أجبرتها على هذا العمل إذ تعمل وأبناءها بالزراعة.
ولكن القيود التي تفرضها الأجهزة الأمنية والخوف من الاعتقال أو الزج في الخدمة الإلزامية جعل أبناء باسمة عاجزين عن تسويق بضائعهم خارج البلدة لذا قررت أن تساعدهم وتتعلم قيادة السيارة وهذا ما حصل بالفعل وأصبحت تنقل مزروعاتهم بشكل يومي إلى سوق المدينة وتسويقها.
ظروف الحرب المستمرة منذ أكثر من 11 سنة جعلت النساء في حوران تدفع فاتورة باهظة وارغمتهن على أعمال تفوق طاقتهن البدنية بسبب غياب المعيل وهجرة الشباب حالهن كحال النساء والفتيات في عموم سورية.