نداء بوست- أخبار سورية- الدوحة
عُقدت ندوة بعنوان: "سورية إلى أين؟"، يومَي السبت والأحد (5-6 فبراير 2022)، في العاصمة القطرية، الدوحة، بحضور ممثلين عن مؤسسات قُوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، ومُمثِّلي الجاليات السورية، والإعلام السوري، وعدد من الشخصيات المستقلة، فيما تضمنت قائمة الحضور مختلف ألوان الطيف السوري المعارض.
وتمثل الهدف الرئيس للندوة في: جمع مختلف ممثِّلي قُوَى الثورة والمعارضة لتقييم الوضع الذي آلت إليه البلاد، وتحديد المخاطر والفرص الكامنة، وسُبُل تخفيف معاناة الشعب السوري، والنهوض بأداء المعارضة، ومناقشة آليات إخراج عملية التحول السياسي من حالة الاحتباس التي تعاني منها، نتيجة تعثُّر الوساطة الأممية، ومراجعة الحسابات في ظلّ التحولات العميقة التي تشهدها المنطقة على الصُّعُد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتضمنت الندوة جلسة افتتاح، وجلسة ختامية، وسبع جلسات حوارية، تناول فيها الحاضرون ثلاثة محاور رئيسة، هي:
استعراض مَسار الثورة السورية، وتقييم المشهد السوري الحالي بما في ذلك: وضع النظام، والمعارضة، ومواقف القوى الإقليمية والدولية.
استشراف التحديات والسيناريوهات المستقبلية المُتوقَّعة، وآليّات التعامل معها.
إقرار توصيات، تُقدِّم رؤية شاملة لعمل المعارضة في المرحلة المقبلة، بهدف الخروج من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها السوريون.
وتضمنت الكلمات المقدَّمة، في اليوم الأول، جلسة الافتتاح التي دعا فيها الدكتور رياض حجاب إلى: "معالجة الأخطاء التي وقعت فيها مؤسسات الثورة، وتصويب مسارها، والارتقاء بأدائها، وتعزيز فاعليها، وضمان تمثيل أهلنا كأصحاب حق: ينافحون عن قضيتهم، ويدافعون عن أرضهم، ويصونون هويتهم، ويستحوذون على زمام المبادرة".
وحدد د .حجاب أهداف الندوة في:
"جمع النخب السورية الفاعلة، وتمتين أواصر التنسيق والتعاون فيما بينها، وتوفير أجواء الحوار الودي بين مختلف أطرافها، والتشاور بشأن آليات التعامل مع المستجدات"، مؤكِّداً أن: "الأيدي ممدودة لجميع الجهات التي لم يتسنَّ لها حضور هذه الندوة في فعاليات مستقبلية نقترح تنسيقها فيما يعزز التواصل الإيجابي بين مختلف السوريين خارج إطار الوصاية الخارجية ومحاولات الفرز والاستقطاب الإقليمي".
وتناولت الجلسات الأربع التالية عدة مواضيع، أبرزها: تحوُّلات المواقف العربية والإقليمية إزاء القضية السورية، وموقف حلفاء النظام ودبلوماسية "القوى الضامنة" ، والمواقف الغربية والدولية وآفاق الوساطة الأممية، وتحليل أداء النظام، وتقييم الواقع السوري في مناطق سيطرة النظام، وتقييم قدرة النظام على الصمود في ظل العقوبات الدولية، وفرص نجاح إعادة تعويمه، والأداء السياسي والدبلوماسي لمؤسسات قوى الثورة والمعارضة.
وإشكاليات التشكُّل البِنْيَوِيّ وعوائق الاستجابة لتحولات المرحلة، واستعراض أداء الإدارة والحكم في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والسيناريوهات المتوقعة والتحديات التي ستواجه قوى الثورة والمعارضة، والتحولات الأمنية والعسكرية وانعكاساتها على العملية السياسية، وتفاقُم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وتأثيراتها المحتملة. وبدأت الندوة أعمالها، في اليوم الثاني، بمداخلة قدمها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي إيثان غولدريتش، بيَّن فيها موقف الولايات المتحدة إزاء تطوُّرات المشهد السوري، وعقب خروجه من القاعة، تناولت الجلسة الصباحية المغلقة جملة من المواضيع المتعلقة بإعادة ترتيب البيت الداخلي، هي: آليات تحقيق استقلال القرار لدى المعارضة، وأزمة التمثيل السياسي، والتعدُّدية وإدارة التنوع، والقواسم المشتركة وسُبل توظيفها في الصالح العامّ، وسُبل تحسين الأداء، ومراجعة الأولويات، والأدوار المهمة التي يضطلع بها السوريون في الخارج، ومناقشة إستراتيجية المعارضة إزاء عملية الانتقال السياسي، وآليات عمل المعارضة لإنفاذ القرارات الأممية، وتعزيز الاحترافية عَبْر إشراك منظمات المجتمع المدني واستيعاب القوى المجتمعية الصاعدة.
واختتمت الندوة أعمالها في تمام الساعة التاسعة من مساء يوم الأحد (6 فبراير 2022)، بعد تلاوة التوصيات وإقرارها بالإجماع، وتضمنت سبعة عشر بنداً، هي:
أولاً: التوافُق على جملة من المبادئ التي تعمل جميع أطراف قُوى الثورة والمعارضة تحت مظلتها، وعلى رأسها:
المحافظة على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة واستقلالها، ورفض كافة دعوات التقسيم.
التمسُّك بالهُوِيَّة السورية الوطنية الجامعة.
تأسيس نظام ديمقراطي يقوم على قِيَم: المواطنة المتساوية والتعدُّدية، وعلى تداوُل السلطة في مناخ من الحريات العامة، واحترام حقوق الإنسان، والفصل بين السلطات. اعتماد نظام اللامركزية الإدارية وَفْق سياسات وطنية تحقق التنمية المستدامة.
ثانياً: إعادة هيكلة مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، والارتقاء بأدائها فيما يُمكِّنها من تحقيق مطالب الشعب السوري المحقّة والمشروعة وتمثيلها بكفاءة واحتراف، ويضمن استقلالية قرارها الوطني، ويُؤهِّلها لتكون الحامل السياسي الذي يحظى بثقة الشعب وتأييده، ويثبت دورها في الإطارين الإقليمي والدولي، عَبْر إستراتيجية وطنية شاملة للتعاطي مع العملية السياسية، ورفض أي انحراف عنها، وتعزيز العمل المؤسسي على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والتنموية.
ثالثاً: تنمية وتوظيف كافة الخبرات المتاحة في الداخل السوري وخارجه، والاستفادة من الاستشارات التي تقدمها مراكز الفكر الوطنية، ودعم الأدوار المحورية التي تقوم بها الجاليات السورية في بلدان اللجوء والمَهجَر، إلى جانب بقية منظمات المجتمع المدني السوري، لدفع حكومات الدول إلى تبني مُقارَبات تدفع بالوصول إلى عملية انتقال سياسي، وتحقيق الفاعلية في المشهد الإقليمي والدولي.
رابعاً: تعزيز دور المرأة والشباب في العمل الوطني وضمان تمثيلهم في سائر مجالات الشأن العامّ، بما في ذلك مؤسسات قوى الثورة والمعارضة.
خامساً: إيلاء الاهتمام الكافي لدور الثقافة والفكر في حياة السوريين وتشجيع المبادرات الخلّاقة في هذا المجال.
سادساً: العمل على صياغة خطاب وطني جامع، ودعم الجهود التي تبذلها مؤسسات الإعلام السورية فيما يُسهم في محاربة خطاب الكراهية والتمييز، ويُعرِّف بالقضية السورية، وتعزيز العلاقة الشبكية بين كافة القوى السياسية والعسكرية والاقتصادية والمجتمعية، وحشد الطاقات الوطنية، وتعزيز الحوار المجتمعي، وتوسيع دائرة التحالفات الإقليمية والدولية بما يخدم القضية السورية.
سابعاً: تعزيز التواصُل بين مختلف قوى الثورة والمعارضة بهدف تبنِّي خطة عمل شاملة تواكب تحوُّلات المرحلة وتعالج التحديات الناتجة عنها، وتقدم الحلول الناجعة للتخفيف من معاناة السوريين، ووقف الانتهاكات الممنهجة بحقهم، وتطالب بالإفراج عن المعتقلين، وتعويضهم، والإفصاح عن المختفين قسرياً ومعرفة مصيرهم.
ثامناً: تكثيف جهود التوعية بالانتهاكات والجرائم التي يرتكبها نظام الأسد، وبمخاطر إفلاته من العقاب وغياب سيادة القانون، وتأكيد فقدانه الشرعية والأهلية لحكم البلاد، والدعوة إلى تعميق عزلته وتوضيح العواقب الإنسانية والأخلاقية لمحاولات إعادة تعويمه بما في ذلك إعادته الجامعة العربية، وما يمكن أن تتسبب به تلك السياسات من أذى للشعب السوري ولسائر شعوب المنطقة، ورفع القضايا في المحاكم الدولية ومتابعة اختصاص الولاية القضائية العالمية في الدول التي تسمح بها.
تاسعاً: التأكيد على قضية الشعب السوري ومطالبه المحقة والمشروعة، وسَعْيه لنَيْل حريته وكرامته وحقه في الانتقال السياسي والتداوُل السلمي للسلطة واحترام كافة مكوناته الاثنية من عرب وكرد وتركمان وكلد وآشور، وضمان حقوقها وخصوصيتها ضِمن الإطار الوطني، بما يضمن الاستقرار في المنطقة والتعاون مع كافة الشعوب تحت مظلة الأمم المتحدة والتمسك بالقيم الإنسانية والأخلاقية لتحقيق الأمن والسِّلْم الدولييْنِ والتعاون البنّاء في التنمية والازدهار.
عاشراً: توحيد الجهود لتحقيق الانتقال السياسي وَفْق القرارات الأممية، فيما يُنهي نظام الفساد والاستبداد الذي يحكم سورية بصورة غير شرعية، والتأكيد على أن بقاءه يعني: استمرار معاناة السوريين، وتعزيز حالة انعدام الاستقرار في المنطقة، وخلق المزيد من الاضطراب داخل المجتمع السوري، بما يؤثر سلباً على الأمن والسِّلْم الدولييْنِ، واستمرار وجود تنظيم "داعش" وغيره من الجماعات الإرهابية والطائفية والانفصالية العابرة للحدود كتنظيم حزب العمال الكردستاني، وتعاظُم مخاطر تقسيم البلاد، وزيادة تهديدات مشروع التغلغل الإيراني.
حادي عشر: الالتزام بالعملية السياسية عَبْر مسار جنيف، والتمسك بمرجعية القرارات الأممية ذات الصلة، بما فيها بيان جنيف (1)، والقرار (2118) وملحقه الثاني، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ابتداءً من القرار (67/262) وما تبعه من قرارات تخص حالة حقوق الإنسان في سورية، وقرار مجلس الأمن (2254)، والقرارات اللاحقة التي تدعو لتحقيق مطالب الشعب السوري واحترام رغبته في الانتقال السياسي، كعملية سياسية شاملة وغير مُجتزَأة، ومطالبة المجتمع الدولي بالعمل الجدي الفعّال للتوصل إلى حل سياسي من خلال هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، ورفض مشروع التطبيع وأية محاولات أخرى تعيد تأهيل النظام رغم جرائمه، وعدم السماح للمسارات الجانبية بعرقلة تنفيذ تلك القرارات.
ثاني عشر: نبذ الإرهاب والتطرف، سواء أرتبط بالدول أم المنظمات أم الأفراد، ورفض استعمال محاربته كذريعة للنَّيْل من تطلُّعات الشعب السوري للحرية والاستقلال.
ثالث عشر: العمل على ضمان وصول المساعدات الإنسانية عَبْر الحدود، وعدم تسييسها، ورفض المحاولات التي يبذلها نظام الأسد وداعموه لاحتكار إيصال المساعدات، وحشد الجهود الدولية لتحسين أوضاع اللاجئين والنازحين، وتحقيق حل سياسي يضمن العودة الآمنة والطَّوْعِيَّة والكريمة إلى بيوتهم وتوفير شروط هذه العودة، بما في ذلك وَقْف عبث النظام وحلفائه بالتكوين الديموغرافي السوري.
رابع عشر: تكثيف الجهود المبذولة لتنمية مناطق سيطرة قوى الثورة والمعارضة، مرحلياً، ولحين استعادة سائر الأراضي السورية وتحريرها من الاستبداد، وتحقيق الانتقال السياسي في سورية الموحَّدة، ووضع خارطة طريق للنهوض بها على الصُّعُد الاقتصادية والإدارية، وتحقيق الاستقرار فيها بما يزيد من الاعتماد الذاتي في تلك المناطق، ويوفر فرص العمل فيها، ويُفعِّل المؤسسات التنفيذية للحكومة المؤقتة، ويعزز مفاهيم الشفافية والحَوْكَمة، وتعزيز القيم الأخلاقية والتنمية الوطنية.
خامس عشر: التحذير من المحاولات التي يبذلها النظام وحلفاؤه لتوظيف معاناة السوريين بهدف جلب الأموال الخارجية تحت شعار "إعادة الإعمار" و"التعافي المبكر" ، والتي تهدف في حقيقتها إلى: اقتسام ثروات البلاد من قِبل بعض القوى الطامعة، وتقسيمها إلى مناطق نفوذ فيما بينها، وفي تمويل مؤسسات القمع وعمليات التغيير الديموغرافي، وإثراء تجار الحرب ورموز الفساد، والتأكيد على ضرورة ربط إعادة الإعمار بتحقيق حلّ سياسي عادل وَفْق القرارات الأممية ذات الصلة، وبما يصون حقوق الشعب السوري.
سادس عشر: عَقْد المزيد من الندوات التشاوُرية بين مختلف قوى الثورة والمعارضة السورية بهدف تعزيز التواصل بين مختلف الجهات المُشارِكة، وتحقيق التعاوُن والتنسيق، وفتح المجال لانضمام سائر الجهات التي لم يتسنَّ لها مجالُ حضورِ هذه الندوة، بما يضمن تحقيق التوازُن وتمثيل مختلف التيارات والقوى الفاعلة في الشأن السوري.
سابع عشر: توجيه الشكر إلى دولة قطر على مواقفها المبدئية الثابتة، ودعمها الجهود الدولية لإنفاذ القرارات الأممية، وعلى دعوتها لمحاسبة مَن ارتكبوا انتهاكات بحق الشعب السوري، وعلى استضافتها هذه الندوة، وإسداء التحية والتقدير لجميع الدول الشقيقة والصديقة التي تساند قضية الشعب السوري وتستضيف الملايين من أبنائه المُهجَّرين، وتوفر الأمن الذي افتقدوه في بلدهم، ودعوتها إلى الاستمرار في مواقفها المؤيدة للشعب السوري وقضيته العادلة.
اللجنة التنظيمية