نداء بوست – محمد جميل خضر – عمّان
تشكّل انجرافات الناس نحو الانشغال بموضوع دون غيره لغزاً يبدو أن العلم سيحتاج إلى زمنٍ طويلٍ مُضْنٍ مُقبلٍ قبلَ أن يفكّ طلاسمَه.
مغنٍّ أردنيّ، يبدو أنه يتمتّع بوجهٍ وسيم وصوت مقبول، لم يصعد بعدُ لمكامنِ فنِّ الغناء على أصوله وتجلّياته، يصبح فجأة هو الشغل الشاغل لكل مواقع التواصل في صعيديْها الأردنيّ والفلسطينيّ.
أدهم النابلسي الذي أصرّ قبل ثلاثة أعوام على الذهاب إلى حيفا لإقامة حفل غنائيٍّ له هناك، بتأشيرة عبور إسرائيلية مستخرجة من سفارة تل أبيب في الأردن، رغم تحذير حركة المقاطعة العالميّة للعدو الصهيوني في فرعها الأردني له من حفل كهذا موسوم بالتطابق مع مقاييس الحركة العالمية BDS لمفهوم التطبيع وعدم المقاطعة، وذهب مختوماً بسفارة إسرائيل وغنّى في بلادنا المسروقة المغتصبة المنهوبة، ولم يعتذر، يفجّر فجأة قبل أيام قليلة قنبلة من طراز أنه تاب إلى الله وسوف يعتزل الغناء، لتقوم قيامة مواقع التواصل القطيعيّ ولا تقعد.
تضطر "نشرتكم" على قناة "الجزيرة" للتطرّق لموضوعه، كيف لا وقد حصدت أغنية من أغنياته، اسمها "هو الحب" زهاء 253 مليون متابعة على قناة "يوتيوب".
تستضيفه مختلف القنوات الناطقة بالعربية، أو القنوات الغربية المانحة لغتنا المغدورة مساحة من فضائها.
كيف لا وقد وجدوا في صرعته الجديدة مساحة للإساءة لنا، على اعتبار أن الدين الإسلاميّ يتعارض مع الفنون ويكفّرها جميعها.
يستضيفه برنامج "نبض البلد" أكثر البرامج على قناة "رؤيا" بإدارتها المسيحية متابعة في الأردن، ويضع له مذيع البرنامج مقصلة السؤال المحشو بالجهل والركاكة والغش والسخافة: هل كفّرتَ الغناء؟ هل تحدّثتَ بالحرام والحلال؟ فإذا به بكل رضوخ يجيب: "لم أتحدث بالحلال بالحرام خلال الفيديو الذي أعلنتُ فيه اعتزالي".
وكأن الفيديو لم يشاهده ملايين البشر، ليكون سؤال مذيع يجري مقابلة مع شخص أصبحت مقابلته ملحّة بعد هذا الفيديو بالذّات، ومع ذلك "حضرته" لم يشاهد الفيديو ليرى بنفسه إن كان خاض خلال إعلانه اعتزاله بالحرام والحلال، أغبى سؤال في العالم.
على كل حال هو في فيديو اعتزاله الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، قال حرفيّاً: "السلام عليكم.. كيف صحتكم.. إن شاء الله تكونوا جميعاً بخير، حبّيت أعملكم هذا الفيديو عشان أحكيلكم خبر سعيد جداً بالنسبة إلي، وإن شاء الله يكون سعيد جداً بالنسبة لإلكم، بس قبل ما أحكي هذا الخبر بدي أحكي نقطة صغيرة: إنه كل شخص فينا في عنده أهداف بحياته، عنده أحلام، ودائماً بحاول إنه يحققها، وبتعب ممكن عشان يحققها، بس هل سألت نفسك لما توصل للهدف أو الأهداف التي حاطتها بحياتك، شو رح تحس، هل رح تحس بالإنجاز، أو رح تحس إنه إنت خلص ما رح تحلم مرّة تانية ما رح تحط أهداف جديدة، أو رح تحط أهداف جديدة وترجع تحققها، بصراحة هذا الموضوع خطر ببالي لأنه مش هذا هو الهدف الرئيسي لوجودنا بالحياة، الهدف الرئيسي لوجودنا بالحياة في كثير ناس غافلين عنه، وأنا واحد من الناس اللي كنت غافل عنه، إحنا وجودنا بالحياة عشان نرضي رب العالمين ونعبد رب العالمين ونكون متل ما ربنا أمرنا بقوله تعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". فا مش مشكلة يكون عندك أهداف، بالعكس صحي جداً إنه يكون عندك أهداف، وصحي جداً إنه إنت تحاول إنه تنتج وتعمل الشغلات اللي إنت بتحلم فيها، بس يكون متناسق هذا الهدف مع هدف وجودك بالحياة وهو عبادة رب العالمين، ويكون كل إشي إنت بتعمله في حياتك عارف إنه في صح وفي غلط، وتحاول دايماً تعمل الأحسن. فبالنسبة لإلي بصراحة الهدف اللي كنت أنا ماشي فيه والحلم اللي كنت بحاول أحققه بصراحة ما برضي رب العالمين، وأغلب الناس اللي قراب مني بعرفوا إنه أنا من زمان بحكيلهم إنه رح ييجي يوم وإني أنا أوقّف. فالحمد لله وبفضل الله إجا هذا اليوم، وهذا هو الخبر السعيد جداً. أنا حبيت أحكيلكم إنه الحمد لله أنا اعتزلت الغناء وبشكركم على دعمكم المستمر جميعاً، وبتمنى إنه هذا الدعم يستمر لقدام لأنه هاي معناتها مش النهاية، بالعكس، مش رح أختفي، يمكن رح تشوفيني أكتر، رح تتعرّفوا عليّ أكثر على طبيعتي، وبتمنى تشاركوني برحلتي الجديدة. وشكراً جميعاً على كل دعمكم، وشكراً جميعاً على كل هالسنين، وبتمنى اللي جاي يكون أفضل إلي وإلكم، وبتمنالكم الخير، وشكراً لإلكم ونراكم على خير إن شاء الله. السلام عليكم ورحمة الله"!.
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية