نداء بوست- سليمان سباعي- حمص أقْبَلَ فصل تشرين الثاني/ أكتوبر الذي ينتظره المزارعون في سورية متأملين ببدء قطاف موسم الزيتون لإعانتهم "بمردوده المادي" على قضاء احتياجاتهم الأسرية التي أثقلها تدهور الوضع المعيشي في مناطق سيطرة النظام، والذي يُعتبر أحد أهم مصادر الدخل لأبناء القرى الريفية.
الإنتاج الضعيف، والأمراض التي فتكت بأشجار الزيتون خلال الموسم الحالي، أدّت لارتفاع أسعار الزيت، والزيتون بمختلف أصنافه ضِمن السوق المحلية لمدينة حمص، ناهيك عن فتح باب التصدير بطرق غير شرعية نحو الأراضي اللبنانية من قِبل المهربين.
مُراسل "نداء بوست" في حمص نقل عن عدد من المزارعين قولهم بأن الموسم الحالي تسبب بخيبة أمل للفلاحين، بسبب ضآلة الكمية المقتطفة من "كروم الزيتون" في المنطقة الشمالية، والغربية لمدينة حمص، والتي اعتدنا على أن تكون أكثر وفرة في الأعوام السابقة، عما هي عليه في السنة الراهنة.
المهندس الزراعي عبد الحفيظ.هـ قال في تصريح خاص لـ "نداء بوست" بأن أبرز الأسباب التي أدّت لضعف الإنتاج السنوي لهذا العام تمثّلت بانتشار الأمراض الفطرية التي تصيب أوراق الشجر بشكل خاص وهي:
"عين الطاوس" التي تشكل بقعاً داكنة على الأوراق بسبب الرطوبة، وعدم اهتمام المزارعين بحراثة الأراضي، وكذلك المسافات القريبة بين الشجر، والتي تساهم بتهيئة أجواء من الرطوبة التي تعتمد عليها بشكل رئيسي الأمراضُ الفطرية التي تمتدّ من الأوراق لحبات الزيتون.
"سلّ الزيتون" وهو أحد الأمراض البكتيرية التي تشكّل مجموعة من العُقد المتكتلة على أفرع الأغصان، والتي تساهم بسحب السلة الغذائية التي تحاول الوصول إلى حبيبات الزيتون لتزويدها بالغذاء اللازم للنضوج.
"ذبابة الزيتون- حفارة الساق" وهما مرضان سريعَا الانتشار في المزارع، حيث تسهم ذبابة الزيتون بشكل واسع بتلف حبات الزيتون، ويتراجع إنتاج الزيت المستخلص منها، ولها قابلية واسعة بالانتشار، نظراً لقيامها بزرع بيضها أسفل حبات الزيتون لتبدأ على إثرها بتفقيس البيض، والمساهمة بنشر المرض على الحبيبات الصحيحة.
بينما تعتبر "حفارة الساق" من أخطر الأمراض التي تتسبب بضعف الإنتاج المحلي للزيتون وذلك نظراً لعدم رؤيتها بالعين المجردة حيث تعتمد على التغلغل بساق الأشجار، من ثمّ تبدأ بحفر الجذع المسؤول عن نقل الأغذية للأغصان، والأوراق، وصولاً إلى حبّ الزيتون بشكل عامّ.
وأشار المهندس عبد الحفيظ بأن ارتفاع أسعار المبيدات الحشرية بنسبة تجاوزت الـ 130% عن باقي الأعوام الماضية أدَّى لعزوف شريحة واسعة من المزارعين عن الاهتمام بأراضيهم، وقدّرت تكلفة الدونم الواحد من رشّ المبيدات العلوية، والسفلية، وحراثة الأرض، وريّها بما يقارب الـ "مليون ليرة سورية" على مدار السنة، وهو أمر لم يَعُدْ بإمكان الكثيرين القيام به نظراً للأوضاع المعيشية الصعبة التي يمرّون بها من جهة، والتضخّم الاقتصادي الذي تمرّ بها سورية من جهة أخرى.
وبحسب جولة أجراها مُراسل "نداء بوست" في حمص فقد شهدت الأسواق ارتفاعاً غير مسبوق بسعر الزيتون بحسب نوع كل واحد منه على حِدَةٍ، حيث وصل سعر الزيتون البلدي "المدعبل" إلى 2500 ليرة سورية، وسعر كيلو زيتون "أبو شوكة" إلى 3100 ليرة، وسعر زيتون "الجلط" 4000 ليرة، بينما سجّلت صفيحة الزيت "التنكة" مبلغ 225 ألف ليرة سورية.
وتجدر الإشارة إلى أن أهالي القرى الريفية، وأحياء المدينة في حمص يعتمدون بشكل كبير على "مؤنة" الزيتون حيث يترتب على أرباب الأسر وضع من 10-25 كيلو زيتون من كل عام، فضلاً عن الحصول على صفيحة زيت "بلدي" الأمر الذي بات يعتبره الكثيرون من رفاهيات الحياة بسبب ارتفاع أسعاره خلال هذا العام، وقرروا الاستغناء عنه ولو بشكل جزئي.