نداء بوست – عبد الله العمري – الحسكة
تشهد مدينة الحسكة شمال شرق سورية، موجة هجرة غير مسبوقة للشبان من أبناء المحافظة، باتجاه الأراضي التركية، ومنها إلى الدول الأوربية على الرغم من المخاطر التي تحفها .
وقال مراسل “نداء بوست” في الحسكة: إن شوارع مدينة الحسكة باتت شبه خالية من الشبان، نتيجة توجههم عبر طرق التهريب المحفوفة بالمخاطر، في رحلات لجوء طويلة ومجهولة المصير نحو الدول الأوربية.
وأضاف المراسل أن المدينة شهدت إضافة لذلك، انخفاض في أسعار العقارات، سواءً المنازل أو الأراضي الزراعية، كون نسبة كبيرة من أهالي المدينة قامت بعرض منازلها للبيع، بغية تأمين تكاليف هجرة أبنائهم بأتجاه تلك الدول.
وتعتبر عمليات التجنيد الإجباري التي تشنها “قسد” بين الحين والآخر، من العوامل الرئيسية التي دفعت الشبان للهجرة والهروب من تسلط “قسد”، هذا فضلاً عن الظروف المعيشية السيئة التي تعاني منها المدينة، وانعدام فرص العمل، والارتفاع غير المسبوق بأسعار المواد الذي تشهده المدينة.
ويقول حسين الأحمد أحد الشبان الراغبين بالهجرة، في حديثه لنداء بوست، بعد أن وصل إلى مدينة رأس العين قادماً من الحسكة، لاستكمال رحلته إلى أوربا عبر الأراضي التركية، اُضطررت لبيع سيارة الأجرة التي كنت أعمل عليها، بالإضافة لبيع أرض زراعية كنت قد اشتريتها لبناء منزلي المستقبلي عليها، وذلك من أجل تأمين تكاليف رحلة الهجرة واللجوء إلى إحدى الدول الأوربية، بحثاً عن مستقبل أفضل لي و لأولادي.
بينما يقول أبو ياسر: اُضطررت لبيع منزلي الكائن في حارة القضاة في مدينة الحسكة بنصف قيمته تقريباً، حيث قبضت ثمنه والذي بلغ مايعادل 70 ألف دولار، بينما لم أرضى ببيعه بمبلغ يعادل 120 ألف دولار في العام الماضي، ولكني مضطر حالياً لبيعه بأي سعر كان، من أجل تأمين تكاليف سفر أبنائي خارج المدينة، خوفاً من حملات التجنيد التي شنتها قسد مؤخراً، فضلاً عن إتهام أحدهم بالتعامل مع فصائل الجيش الوطني السوري في مدينة رأس العين، الأمر الذي قد يؤدي لإعتقاله.
بينما تشتكي أم محمد خلال حديثها لنداء بوست، والدموع تملأ عينيها، مرارة ولوعة الفراق الذي عاشته، بعد مغادرة أحد أبنائها في رحلة لجوء طويلة لايعرف نهايتها، أو إذا كانت سوف تتمكن من لقائه مرة أخرى، أم هو الوداع الأخير، كما تقول، و مايزيد من حرقة الألم في صدرها، فقدانها أحد أبنائها سابقاً في صفوف قوات نظام الأسد، بعد إعتقاله من قبل إحدى دورية الأمن العسكري، أثناء تأديته للخدمة الإلزامية قبل مايقارب العشرة أعوام.
يُشار إلى أن مناطق شمال شرق سورية، الخاضعة لسيطرة قسد وقوات النظام والمليشيات التابعة لها، تشهد منذ فترة حالة هجرة جماعية حيث يتوجه بشكل يومي تقريباً آلاف الشبان القادمين من مناطق متفرقة من مدن شمال شرق سورية نحو الحدود التركية بغرض عبور الحدود، بالإضافة لموجة هجرة أخرى عبر معبر سيمالكا، الذي تسيطر عليه “قسد” باتجاه مناطق شمال العراق ومنها إلى الدول الأوربية.