المصدر: دايلي صباح
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: إحسان أكطاش
مسرحية الظل في الحرب السورية على وشك الانتهاء. فكما هو معروف، كانت الحرب السورية مستمرة كحرب نفوذ وبالوكالة للعديد من الدول والمؤسسات متعددة الجنسيات والهيئات الدولية بالإضافة للمنظمات الإرهابية، أي أن تلك الحرب يشترك فيها عشرات العناصر المختلفة.
لم يكن لدى الشعب السوري أي رغبة أخرى سوى أن يعيش حياة أفضل في بيئة ديمقراطية مع اندلاع الربيع العربي. لكن الدول التي تدخلت من الخارج حاولت ترسيخ مفاهيمها أو استعمارها على الأراضي السورية مستغلة هذه الفرصة بدلاً من إشباع رغبات الشعب السوري.
جمعت الولايات المتحدة مجموعة من الدول ممن سمّتهم “أصدقاء سورية” وهي حوالَيْ 60 دولة. في البداية، بدا أنهم كانوا يديرون عملية تغيير النظام في سورية من خلال هذه المبادرة. ولكن، لم تتمكّن الولايات المتحدة وبعض الجهات الأخرى، مثل الأوروبيين، من حساب مدى تأثير إيران على سورية.
أهداف إيران
لقد كانت فترة ذهبية بالنسبة لإيران عندما أرادت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ضمّ إيران إلى النظام العالمي. ومع ذلك، فإن قادة الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة لم يفهموا أبداً مشكلة إيران. لم يدرك الديمقراطيون أبداً أهداف إيران النهائية.
كانت الولايات المتحدة قد استولت مسبقاً على العراق. ثم دخلت سورية وأنزلت قواتها في اليمن. ولكن، خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان من الممكن أن تمتنع إيران قليلاً عن تنفيذ مخططاتها. ولكن في ذلك الوقت ضمنت إيران دخول روسيا إلى سورية. ومن ناحية أخرى، اتفق نظام بشار الأسد وحزب العمال الكردستاني على منع تركيا من دعم المنطقة.
انتقلت السيطرة على منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية في وقت لاحق إلى أيدي الولايات المتحدة تحت أسماء مختلفة، والتي نظّمتها في الأصل إيران ونظام الأسد في سورية ضد تركيا. وعندما ننظر إلى تاريخ الصراع الذي دام 10 سنوات، نرى أن تحركات تركيا ضد منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، وتنظيم داعش الإرهابي، وبعض المشاكل المحددة كانت تتعلق بشكل أكبر بالحفاظ على أمن حدودها.
أصدقاء أم أعداء؟
لقد مرّت 10 سنوات وقد انتهى ما يسمى بـ “مسرح الظل”. بعبارة أخرى، أصبح من الواضح مَن هم أصدقاء سورية وأعداؤها ومضطهدوها ومَا هي المنظمات الإرهابية. على الأرجح، سيزداد تأثير تركيا وروسيا على سورية في الفترة المقبلة، وسيتضاءل تأثير الولايات المتحدة وحزب العمال الكردستاني على سورية.
خلال هذا العقد من الزمن، كان من الواضح وجود تراجُعات على عدة مستويات. فالقوة الأمريكية التقليدية التي أخافت الجميع لم تَعُدْ كما كانت. وخلال هذا الوقت، استقرّت روسيا في البحر الأبيض المتوسط. ولقد أدركنا جميعاً أن الدول الأوروبية لم يَعُدْ لها تأثير مضاعف في الشرق الأوسط. كما أدركنا أن إيران ليست دولة تريد السلام والاستقرار في سورية. خلال هذا الوقت، عززت تركيا قوتها. فلقد أعادت تواجُدها المتدهور في البحر الأبيض المتوسط والقوقاز والشرق الأوسط، وعاد تأثيرها السياسي على المسرح العالمي إلى الظهور كقوة إقليمية لها تأثيرات على المستوى العالمي.
ليس من الصعب تخمين تحركات الولايات المتحدة بعد نهاية مسرح الظل وعندما يبدأ الصراع الحقيقي. يمكننا القول إن نهاية الحلم قد تحققت بالفعل بالنسبة لحزب العمال الكردستاني اليوم. لأنه إذا حافظت الدولة السورية على وحدة أراضيها وبنيتها الموحدة، فلن يكون لحزب العمال الكردستاني أرض أو دولة.
من الآن فصاعداً، موقف إيران هو ما سَيُشكّل المنطقة. فالتوازُنات الإقليمية سيحددها موقف إيران، وما إذا كانت ستتعارض مع روسيا، وما هو نوع الموقف الذي ستتخذه ضد تركيا.
قد يكون من الصعب تصديق أننا سنتحدث على الأرجح عن التعاون بين الولايات المتحدة وإيران في الفترة المقبلة إذا قبلت إيران ورغبت في أن يكون عدم الاستقرار في العراق، على سبيل المثال، ناتجاً عن استمرار عدم الاستقرار في سورية. إن إيران تعرف أن الولايات المتحدة قوة بعيدة، وبالنسبة لإيران، فإن وجود دور نشط لصاحبة هذا النفوذ البعيد أفضل بكثير من وجود دولة نشطة في سورية كتركيا القريبة.
ستكون إيران منزعجة للغاية من نفوذ تركيا المتزايد. لذا يمكن لإيران أن تشارك الأمريكيين، كما فعلت مع الروس. ويتعين على تركيا الانتباه إلى دور إيران على المدى القريب لحماية وحدة الأراضي السورية وتحسين العلاقات “السورية- التركية”.