نداء بوست- أخبار اقتصادية- الرياض
كشف مركز "أبعاد" للدراسات في دراسة تحليلية عن الأسباب التي تدفع شركة "أرامكو" السعودية لطَرْح وبَيْع أسهُمها في الأسواق السعودية.
وأكدت الدراسة أن الحكومة السُّعُودية سيطرت على شركة الزيت العربي (أرامكو) في ثمانينيات القرن الماضي بعد أن اشترت حصة الشركات الأمريكية المساهمة، ومع مرور الوقت أصبحت "أرامكو" شركة عالمية تمتلك استثمارات في مختلف أنحاء العالم؛ علاوة على سيطرتها على الإنتاج النفطي في السُّعُودية، وقد أتت فكرة طرح جزء من "أرامكو" للبيع في إطار رؤية الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية لعام 2030.
وفي أواخر 2019 تم طرح الجزء الأول من أرامكو فعلياً في سوق الأسهم السُّعُودية (تداول) بنسبة 1.5% من إجمالي الأسهم، بقيمة 30 ريالاً سعودياً للسهم الواحد (8 دولارات) كحد أدنى. وقد جمعت أرامكو عَبْر اكتتابها الأول قُرابة 30 مليار دولار أمريكي، واشترى السعوديون 90% من الأسهم المطروحة مقابل 10% ذهبت لأفراد ومؤسسات خليجية.
وبحسب المركز فإن هذه المعطيات تؤكد أن الاكتتاب الأول فشل عملياً في هدفه الرئيسي، والمتمثل في جلب استثمارات أجنبية، فالاكتتاب كان من المفترض أن يحصل أساساً في بورصة نيويورك أو لندن ليستهدف المستثمرين الدوليين، لكن عوائق قانونية وسياسية ومالية حالت دون تحقيق ذلك، فتم اللجوء إلى خيار الاكتتاب المحلي، والذي امتصّ الأموال السعودية من الأسواق والادخار، بدلاً من جلب أموال إضافية من الخارج. أما الاستثمارات الخليجية فكانت في الغالب استثمارات ذات بُعد سياسي، فالمؤسسات الحكومية وشِبه الحكومية التي شاركت في الصفقة لم تُمانع السعر المرتفع للسهم، وفقاً لتقييم الشركات الغربية، كما لم تعترض على معايير الشفافية والحَوْكَمة في "أرامكو".
وأشارت الدراسة إلى أنه يتم تداول سهم "أرامكو" في السوق المالية السُّعُودية عند 37.5 ريال سعودي حالياً (10 دولارات)، مما يعني أن قيمة "أرامكو" السوقية تفوق 2 مليار دولار أمريكي، ومع طرح جديد من المتوقَّع أن ترتفع أسعار الأسهم، خاصة مع دخول شركاء أجانب وسياسة توسيع الأعمال التي تتبعها "أرامكو".
وأضافت الدراسة أنه في إطار استكمال طرح حصة 5% إضافية، والذي كان من المفترض أن يتم أواخر 2020 ثم توقف لأسباب عديدة، بسبب انتشار الوباء بشكل رئيسي والتحولات التي حصلت في أسواق الطاقة العالمية، كذلك صرح الأمير بن سلمان خلال استعراضه لمُنجَزات رؤية 2030 في نيسان- إبريل 2021 بأنهم بصدد دراسة بيع 1% من أسهم "أرامكو" لشريك أجنبي، ولكن الأمر لم يتم لأسباب سياسية على الأرجح.
وأوضح المركز أنه مع استقرار أسواق الطاقة العالمية وبَدْء تجاوُز أزمة "كوفيد-19"، يُتوقع أن تطرح "أرامكو" قريباً حصة من إجمالي أسهُمها بين 2% إلى 3.5%، لتستكمل خطتها لطرح 5% من أسهُمها، وأغلب الظن أن حصة 3.5% ستتم عَبْر عمليتين الأولى، بحجم 2% والثانية بحدود 1.5%، ومن الممكن طرح كامل الصفقة في وقت واحد إذا كانت الظروف مواتية في وقت الطرح، وقد لا تتوقف الأمور عند 5% فقط، بل قد تزيد النسبة المطروحة إلى أكثر من ذلك خلال بضع سنوات مقبلة.
وذكرت الدراسة أن صندوق طريق الحرير الصيني يُعتبر أحد أبرز المهتمين بعملية الطرح السُّعُودية، ومن المتوقع أنه الشريك الأجنبي الذي جرى التفاوض معه حول صفقة 1% في وقت سابق، وهي الصفقة التي تحدّث عنها ولي العهد السعودي في شهر نيسان/ إبريل 2021.
كما يُضاف للمهتمين بالصفقة صندوق الاستثمارات الصيني وصندوق الاستثمارات الروسي، إلا أن ظروف النزاع "الروسي-الأوكراني" قد تجعل السُّعُودية تتخوف من التفاوض مع الصندوق الروسي بسبب تلويح واشنطن بعقوبات عليه، كما تعتبر شركات الطاقة الهندية والكورية الجنوبية مهتمة بشراء حصص في "أرامكو" بسبب شراكتها العملية مع "أرامكو". ويضاف إليها صندوق أبو ظبي الاستثماري والصندوق الكويتي السيادي، كما يتم الحديث عن إمكانية مشاركة شركات أوروبية وأمريكية في الاكتتاب، وإن كان هذا الأمر موضع شك نتيجة لإشكالات تتعلق بشفافية شركة "أرامكو" وحَوْكَمتها.
وأشار المركز إلى أن الطرح سيتوقف من حيث الحجم والتوقيت على الظروف السياسية العالمية والمحلية وظروف استقرار الاقتصاد العالمي التي ستسهم في تحديد توجُّهات السُّعُودية نحو التفاوض مع الشركاء الأجانب الراغبين بشراء جزء من أسهم "أرامكو" المتوقَّع طَرْحُها، حيث تسعى السُّعُودية لتأمين موارد بالدرجة الرئيسية ورفع القيمة السوقية للشركة إلى أكثر من 3 مليارات دولار لدعم أنشطة صندوق الاستثمارات السعودي، كما تسعى السُّعُودية لإنشاء تشابُكات أكبر مع الأسواق العالمية عَبْر الشركاء الأجانب مما يضمن استقراراً أكبرَ في المملكة.