نداء بوست- أخبار دولية- إسطنبول
أكد المدير العامّ لمركز “أبعاد” للدراسات محمد سرميني أن هناك أزمة اقتصادية قادمة نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية الدائرة خلال الفترة القادمة.
وفي لقاء صحافي مع تلفزيون TRT التركي أكد سرميني أن الاقتصاد العالمي مهيأ لمواجهة أزمة حيث إن الحرب ستسرع بها، فاليوم نجد أن أسعار النفط العالمية في ازدياد مستمر، حيث إن سعر برميل النفط عند بداية الحرب كان 100 دولار، أما اليوم فأصبح 140 ومن المتوقع أن يصل إلى 200.
وأضاف سرميني أن “هناك أزمة في موضوع الغاز فروسيا هي إحدى الدول المصدرة للغاز وتغطي أوروبا بشكل كبير، وبالتالي هذا سيشكل مشكلة كبيرة للأوروبيين حتى القطاع الاقتصادي حيث ستتعطل بعض المصانع”.
وأوضح “أيضاً هناك إشكال على مستوى الأمن الغذائي فروسيا وأوكرانيا تلعبان دوراً مهماً في تأمين القمح والنفط والحبوب الأخرى وهو ما سيؤثر على المستوى الغذائي”.
وحول الجهود التركية لإنهاء الحرب بين الطرفين أشار سرميني “هي جهود حقيقة مميزة نتيجة أنها تقع في موقف وسط بين طرفين متصارعين والجانب التركي له علاقات إستراتيجية مع الطرفين”.
واعتبر أن “الأمر الآخر هو أن جغرافية تركيا تلعب دوراً مهماً كما نعلم، وتملك مضيق البوسفور وتطل على البحر الأسود وهذا يلعب دوراً مهماً في حاجة الطرفين لتركيا”.
وذكر سرميني أن “هذه الجغرافية تُعطي تركيا قيمة مضافة في موضوع التفاوض مع طرفَي النزاع واتصال الرئيس التركي مع الرئيس الروسي سيكون بالغ الأهمية حيث سيحاول من خلاله أن يقرب وجهات النظر بين أوكرانيا وروسيا”.
واستطرد في حديثه “يهدف الاتصال إلى البحث عن مخارج لهذه الأزمة لكي لا تتوسع ويتم احتواؤها وتحقيق مكاسب للطرفين دون الوصول إلى مزيد من الدمار والحرب المفتوحة”.
الاتصالات التي قامت بها تركيا وخصوصاً الرئيس أردوغان على مستويات دبلوماسية عُليا ومع الزمن تثبت تركيا أنها تستطيع لعب دور دبلوماسي مهم جداً في كثير من الأزمات على مستوى المنطقة، بحسب “سرميني”.
ونوَّه بأن “الولايات المتحدة التي كانت على خلاف مع الجانب التركي تأتي اليوم إلى تركيا لتضمن أن تكون جانباً فعّالاً من خلال مشاركتها في حلف الناتو وخصوصاً أنها تملك أكبر جيش بالحلف”.
ووفقاً لسرميني فإن “تركيا تتعامل مع هذا الموضوع بحساسية مفرطة وعالية جداً فهي تريد أن تبقى في معسكر الناتو وتخدم أجنداته وتحافظ على أمن دوله، وبنفس الوقت وهي لا تريد أن تنخرط في هذا الصراع بشكل مباشر وهو ما يعني تأزُّم الأوضاع مع روسيا”.
وأكد أنه “من خلال دبلوماسيتها المهمة تحاول تركيا أن تحتوي الأزمة وتفعل عملها في الجانب الإنساني وفي استقبال اللاجئين فهناك أكثر من مليون ونصف لاجئ أوكراني”.
وبالنسبة للحرب الروسية الأوكرانية كان هناك عدة سيناريوهات في البداية عملت روسيا على توسيع التفاوض ومن ثَم تدخُّل محدود لحماية المناطق الشرقية والآن نتحدث عن اجتياح كامل.
والأمر لا يتوقف عند أوكرانيا بل قد ينتقل للدول المجاورة ويصبح تهديداً لأوروبا وهناك بعض الأحاديث عن صراع نووي أو حرب عالمية ثالثة، وفقاً لسرميني.
وأشار إلى أن “كل السيناريوهات مطروحة ولكن هناك ترجيح بأن هذه الحرب لن تستمر طويلاً هناك محاولات جادة من الكثير من الأطراف لاحتواء الأزمة لأن في حال لم يتم احتواؤها سيكون لها آثار بالغة وانعكاسات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية”.
وحول تأثر الدول العربية بالحرب أكد سرميني أنها “ستتأثر لأنه بمعظمها هي في المعسكر الغربي وبالتالي ستبدأ الضغوطات عليها من أجل أن تأخذ موقفاً ضد روسيا في حين أنه منذ 10 سنوات بدأت بعض الدول العربية في تسخين علاقاتها مع روسيا نتيجة الانسحاب الأمريكي أو تراجع الدور الأمريكي”.
وكذلك فإن الروس والنظام السوري يقومون بتجنيد عناصر من أجل الذهاب لأوكرانيا وبالفعل بدأ بعض الجنود المرتزقة بالذهاب إلى القتال هناك وهذا الأمر خطير.
وعلى ما يبدو هذا الأمر سيؤثر على الملف الليبي فهناك تواجد للروس ولمرتزقة “فاغنر” حيث بدأت أعداد منهم تنسحب وتذهب إلى أوكرانيا، بحسب ما صرح سرميني.
وحول الخاسرين والرابحين من هذه الحرب أوضح سرميني أن “أوروبا أكبر الخاسرين في هذه الحرب وأوكرانيا بالتحديد فهناك حالة هلع أوروبي بأن القطار الروسي لن يتوقف في أوكرانيا”.
ومن الرابحين في هذه الحرب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا التي تحاول الهيمنة على أوروبا، وكذلك على روسيا من خلال هذه المعركة إذا استطاعت أن تحجم النفوذ الروسي.
وكذلك الصين التي تترقب ما إذا كانت روسيا ستتقدم على الجبهات أم ستتراجع بفعل الضغط الغربي.
وختم حديثه بأن “للعقوبات أثراً على روسيا فالدول ذات الطابع المغلق تأثير العقوبات عليها يكون طويل الأمد فالولايات المتحدة تسعى أن ينتج عن الحصار الداخلي حراك شعبي ولكن بوتين يملك القبضة الأمنية”.