نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
تحوّلت صباح اليوم الثلاثاء، جلسة مجلس النواب الأردني في العاصمة الأردنية عمّان، إلى حلبة مصارعة تعارك خلالها عدد من النواب، في جلسة أثارت ضجة أردنية عارمة، وتبعها على مختلف منصات الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، وعلى مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ردود فعل متباينة وصاخبة ومتقاطعة إلى حد بعيد، مع الفوضى التي شابت الجلسة نفسها، وقيل فيها ما قيل، ويقال فيها ما يقال.
جلسة مناقشة التعديلات الدستورية، التي مُرِّرت خلالها تعديلات دستورية خطيرة، واحدة منها لها علاقة بسيادة الأردن، ودور سلطته التشريعية بسياسة الدولة الخارجية، تعطّل دولابها، وتفجّر وقارها، خلال مناقشة تعديل على بند من بنود الدستور، تضاف من خلاله كلمة "الأردنيات" بحيث يصبح نصٌّ واردٌ في المادة الأولى من مواد الدستور الأردني: "حقوق الأردنيين والأردنيات" بدل "حقوق الأردنيين".
معظم المداخلين والمداخلات من النواب والنائبات، رفضوا هذا التعديل، ورأوا في إضافة "الأردنيات" تزيّداً لغوياً ولغطاً فائضاً عن الحاجة في صلب مواد الدستور، و(لغوصة) غير مقبولة ولا مبررة تمس قداسته.
ونتيجة للعراك بالأيادي وتبادل الشتائم اضطر رئيس مجلس النواب المحامي عبدالكريم الدغمي، إلى رفع الجلسة المخصصة لمناقشة التعديلات الدستورية لمدة نصف ساعة.
وخلال الجلسة قال الدغمي للنائب سليمان أبو يحيى: "أنت بتصب على النار زيت"، ليرد أبو يحيى على الدغمي: "انت مش عارف إشي"، ورد الدغمي عليه بكلمة "إخرس"، قبل أن يقرر رفع الجلسة لمدة نصف ساعة.
النائب رائد سميرات أفقد رئيس المجلس اتزانه وفجّر غضبه عندما قال "عيب علينا" في إطار رفضه إضافة مفردة "الأردنيات"، ما جعل الدغمي يهدد بطرده من الجلسة، وطلب منه تكرار اعتذاره عدة مرّات.
رئيس المجلس، وخلال مداخلة رئيس اللجنة القانونية المحامي عبد المنعم العودات لتبرير هذه الإضافة، كرّر بشكل مثير للسخرية أسماء عدد من النواب، كما لو أن المجلس غرفة صفّية: (يا فراس.. يا أحمد.. يا عبد الله.. يا رائد.. يا نضال.. أبو زيد إنت عاقل.. أبو علاء.. خلّوه يفسّر.. يا إخوان. يا أبو علي.. رائد أسكت.. يا محمد اقعد.. خلص لا تقاطع).
ولم يقتصر الزجر وطلب الصمت على رئيس المجلس، بل امتد ليشمل العودات نفسه الذي أنّب مقاطعيه وقلّل من شأنهم وقال لبعضهم (أقعد)، إذ يبدو أن العودات نسي أنه لم يعد رئيساً لمجلس النواب، فأمر النائب فراس العجارمة الذي قاطعه بالجلوس في مقعده، فزاد أمره الطين بلّة، وتعالت الأصوات تحت القبة.
في هذه الأثناء، وعلى جهة أخرى من الحلبة حدثت مشاجرة جمعت النائبيْن اندريه حواري وشادي فريج من جهة، والنائب حسن الرياطي من جهة أخرى، التي شهدت انتصار الأخير في الجولة الأولى.
وفي الجولة الثانية تدخل النائب فادي العدوان لصالح النائب عبد الرحمن العوايشة، وقام بتسديد ضربات باتجاه النائب الرياطي ليخسر الجولة الثانية من النزال.
أبت الأرواح الشريرة مغادرة فضاء القبة، فرفع الدغمي الجلسة إلى يوم غد الاربعاء قبل انعقادها، ورئيس الحكومة بشر الخصاونة يراقب ما يحدث بصمت من مقعده تحت القبة.
العودات وفي تعليقه حول إضافة كلمة "الأردنيات" في المادة السادسة من القانون، أكد أن هذا التعديل جاء لحفظ حق الأردنيات، وليس للمساس بهنّ أو الانتقاص من حقوقهن.
النائب عن كتلة الإصلاح المحامي صالح العرموطي، استبعد أن يتم فصل أي من النواب، بسبب المشاجرة التي حدث اليوم بمجلس النواب وتخللها ضرب بالأيدي وشتائم بين مجموعة كبيرة من النواب.
وقال العرموطي في تصريح لقناة "رؤيا"، إنه تجري في هذه الأثناء اجتماعات خاصة بين النواب في محاولة للإصلاح بين المتشاجرين منهم، مبيناً أن القضية أخذت بعداً عشائرياً.
واستبعد العرموطي كذلك عقد جلسة للنواب غدا الأربعاء، متوقعاً بأن تعقد الخميس أو مطلع الأسبوع القادم، لمحاولة تهدئة النفوس وإيجاد الحلول المناسبة للقضية.
وأشار إلى أن ما حدث تحت القبة من عراك بالأيدي بين عدد من النواب غير مقبول وخروج عن الأعراف القانونية، مؤكداً أن الجلسة كانت محددة لمناقشة قانون رخص المهن، إلا أن أحد النواب اقترح الذهاب إلى مناقشة التعديلات الدستورية.
واعتبر العرموطي أن التعديلات الدستورية "من أخطر القوانين على البلاد"، مشيراً إلى أنه طلب ردّ الدستور و"لا توجد فيه مواد تخدم المصلحة".
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية