نداء بوست- تحقيقات ومتابعة- معاذ الناصر
زار الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين الشيخ موفق طريف العاصمة الروسية موسكو، حاملاً عدة طلبات تخص أبناء محافظة السويداء السورية، التي شهدت احتجاجات تُعتبر الأقوى منذ بداية الحراك السوري، وتطالب بقضايا سياسية من ضِمنها تطبيق القرار 2254.
وكان “طريف” اختتم زيارته ليل الثلاثاء، بعد أن أجرى اجتماعاً مع مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف والمبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرنتييف.
واستعرض الاجتماع تسلسل الأحداث الأخيرة بالسويداء، وفقاً لصفحة الشيخ موفق طريف على “فيسبوك”، والتي أضافت أن “طريف طالب خلال الاجتماع بضرورة إيجاد آلية لتقديم المساعدات لأبناء الطائفة في الجبل، وذلك تيسيراً لعبور الأزمة الاقتصادية الحالية، إلى جانب مناشدته بضرورة المبادرة إلى إنشاء مشاريع اجتماعية واقتصادية لتنمية الاقتصاد المجتمعي في الجبل”.
وأشارت إلى أن الاجتماع ناقش اقتراح "فتح معبر آمِن مع الأردن لإنعاش السويداء اقتصادياً وتوفير فرص المعيشة اللائقة، وضرورة ترسيخ مكانة وموقع الدروز في الدستور السوري وذلك من خلال التسوية الجارية حالياً في سورية تحت رعاية دولية".
وبحسب الصفحة، أبدى الروس تفهُّمهم للمواقف والمطالب المطروحة من قِبل طريف، مؤكدين أنه في نهاية الاجتماع، تم الاتفاق على القيام بخطوات عملية وقريبة زمنياً، من أجل حل القضايا المطروحة ومتابعتها من قبل الدولة الروسية.
وقالت المصادر الروسية: إن “طريف لم يأتِ على ذكر مسببات الوضع الاقتصادي الصعب في سورية، وهي العقوبات الأمريكية والأوروبية على البلاد، مبينةً أن “روسيا قدمت ما تستطيع لسورية، وعلى السوريين وحدهم التعامل مع أزماتهم الاقتصادية”.
كما كشفت مصادر من الخارجية الروسية، اليوم الأربعاء، عن قبول الجانب الروسي بمطالب الزعيم الروحي للطائفة الدرزية.
ويضيف القنطار "أن هذه الشعارات أقلقت النظام وبات يخشى من انتقال أثيرها إلى مناطق الساحل ودمشق وحلب، وهو يعلم جيداً أن السوريين مهيّئون للعصيان المدني والنزول للساحات نتيجة الوضع الاقتصادي الكارثي، وهذا ما دفعه إلى تجييش الحشود الأمنية في السويداء، حيث وصلت منذ ثلاثة أيام تعزيزات أمنية كبيرة احتلت المراكز الرئيسية في المدينة وأقامت الحواجز، تزامُناً مع اختراق الميليشيات الإيرانية لحدود السويداء من جهة البادية, وهذا ما دفع طريف للتدخل الدبلوماسي؛ لأنه يدرك أهمية الضغط الروسي على النظام لمنعه من استخدام القوة في هذا الظرف، وهو بالوقت ذاته محاولة إعلامية سياسية تسعى لتسليط الضوء على الأوضاع في السويداء".
وفي رده على السؤال المتعلق بدور الشيخ طريف في تهدئة المحتجين في السويداء، نفى القنطار أي دور اتخذه طريف أو أحد مشايخ العقل لتهدئة الاحتجاجات، مؤكداً أن مواقفهم تتبع الحراك ولا تسعى للوقوف أمامه، موضحاً أن الشيخ حكمت الهجري أصدر بياناً يؤيد فيه المحتجين ويقف مع مطالبهم.
واستدرك بالقول: إن "الاحتجاجات الآن لها إيقاع معين، تنشط تارة وتتوقف تارة أخرى، وهي تتبع القرارات التي يتخذها منظمو الحراك كجزء من إدارة المعركة السلمية في مواجهة النظام"، مبيناً أنه "وبهذه الأثناء تنطلق دعوات لتجديد الحراك في بلدة "القريا" مسقط رأس قائد الثورة السورية الكبرى، يوم الجمعة القادم" ومشيراً إلى أن "هناك شِبه إجماع حتى بين أوساط المقربين من النظام على الالتحاق بصفوف المحتجين".
وعن مدى جدية الروس بالتعامل مع مطالب الشيخ طريف، يقول الدكتور قنطار: إن الروس يشعرون بالامتعاض من مطالبات طريف، وبالنهاية هم جزء من المشكلة ولن يكونوا جزءاً من حلها، وهم أول من هاجم الاحتجاجات ووصفوها بـ"المؤامرة الأمريكية" أو "المؤامرة الإسرائيلية" واتهموها بالارتباط مع الخارج.
وتابع بالقول: "إن الروس هم مَن ساهموا في إيصال سورية لما وصلت إليه من تشرذم وتردٍّ اقتصادي، من خلال دعمهم لنظام الإبادة عسكرياً لأكثر من ست سنوات، والسيطرة على موارد سورية، وهم يعملون الآن على إعادة تدويره كأن شيئاً لم يكن، ويسعون لاستئناف إعادة الإعمار لابتزاز العالم مالياً".
ويُشار إلى أن الشيخ موفق طريف هو رجل دين درزيّ، وُلد في عام 1963 في قرية "جولس" في الجليل، وهو الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين، ورئيس المجلس الديني الدرزي الأعلى، وقاضي المذهب، ورئيس محكمة الاستئناف الدرزية العليا.