المصدر: ذا نيو هومانيتيرانيان
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: مارك كاتس (نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية)
يصوّت مجلس الأمن قريباً على ما إذا كان سيمُدّد قراراً للأمم المتحدة يسمح بتقديم مساعدات حيوية عبر الحدود من تركيا إلى شمال غرب سورية. بدون هذا الإذن، قد يجد 4.1 مليون سوري في المنطقة – معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن – أنفسهم بدون الدعم المنقذ للحياة الذي هم في أمسّ الحاجة إليه.
خلال العام الماضي منذ أن أصدر مجلس الأمن تكليفاً بالعملية الحالية عبر الحدود، عبرت ما معدله 800 شاحنة تابعة للأمم المتحدة – تحمل الأغذية والأدوية ومعدات للإيواء وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة – كل شهر من تركيا إلى شمال غرب سورية.
هذه المساعدة أمر بالغ الأهمية
إنني أعمل في مناطق الصراع منذ ثلاثة عقود، بما في ذلك أفغانستان والبوسنة وإثيوبيا والعراق وميانمار والصومال والسودان والضفة الغربية وغزة، لكن شمال غرب سورية، حيث أُشرف على عملية المساعدات عبر الحدود، هو أحد أكثر الحالات الإنسانية البائسة التي رأيتها على الإطلاق.
يعيش حوالي 1.7 مليون شخص في مخيمات أو مواقع أخرى للنازحين في الشمال الغربي، حيث غالباً ما تكون الظروف مروّعة. ارتفعت أسعار المواد الغذائية والضروريات الأخرى بشكل حادّ، مما جعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للفئات الأكثر ضعفاً. والوضع يزداد سوءاً.
نقل لي عمال الإغاثة في الشمال الغربي الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة محادثات أجروها مع نساء يعشن في تلك المخيمات، وقد أُجبر بعضهن على الفرار من منازلهن قبل 11 عاماً من المناطق التي بات يسيطر عليها النظام، عندما بدأت الحرب في سورية.
لقد أصيبوا بصدمة من كل ما مرّوا به، ويخشون العودة إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية التي فرّوا منها. ولا يمكنهم العبور إلى تركيا، التي تستضيف بالفعل لاجئين سوريين أكثر من بقية دول العالم مجتمعة.
قالت خالدية المحمد: “نعيش وسط الجوع والحرّ”. “نأكل البرغل أو الأرز في المساء ونتناول ما يزيد من الطعام على الإفطار. الظروف التي نعيش فيها لا توصف “.
ووليدة خالد الرحمون أرملة ترعى خمسة أطفال قالت لأحد عمال الإغاثة: “كانت لدينا منازل، لكننا نعيش الآن في بؤس”. تعمل في الحقول، تحت أشعة الشمس الحارقة، لكن الأموال التي تكسبها لا تكفي لتغطية نفقات أسرتها اليومية.
في الوقت الذي يحتاج فيه المزيد والمزيد من الناس إلى مساعدتنا في سورية، تضطر الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي نعمل معها إلى خفض برامج المساعدات.
وذلك لأن أسعار الغذاء العالمية آخذة في الارتفاع نتيجة للحرب في أوكرانيا والمانحون يواجهون أزمات جديدة.
لقد تغير الكثير منذ العام الماضي، عندما صوّت مجلس الأمن آخر مرة على تمديد المساعدة عبر الحدود إلى الشمال الغربي. تمّ إنفاق المزيد من الأموال على بناء قدرة المجتمع على الصمود، واستأنفت الأمم المتحدة تقديم بعض المساعدات عبر خطوط الجبهات من داخل سورية.
أرسلنا خمس قوافل من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة إلى الشمال الغربي – وهي الأولى إلى المنطقة منذ سنوات.
جنباً إلى جنب مع المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، نعمل على تزويد 800000 شخص يعيشون في الخيام بمأوى أكثر كرامة. نحن نخطط للمساعدة في إعادة ما لا يقل عن 100،000 طفل إلى المدرسة. لقد أصلحنا الطرق وأصلحنا المراكز المجتمعية لمساعدة الناس على تأمين الوظائف.
لكن رقية عبد الرازق، وهي أم لـ 11 طفلاً، قالت: إنها بالكاد تستطيع الحصول على سلّة الطعام الشهرية التي تحصل عليها من برنامج الغذاء العالمي: “أفكر دائماً في مكان العثور على الطعام. إذا أطعمت الأطفال اليوم، ماذا سأعطيهم غداً؟”.
إنه لأمر مروّع الاعتقاد بأنه حتى شريان الحياة الذي يتعرض للتضييق وهو مع ذلك لا يزال حيوياً يمكن أن يقطعه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على وجه التحديد عندما نحتاج إلى تكثيف عمليات المساعدة بشكل كبير للوصول إلى المزيد من السوريين المحتاجين.
تصاعدت حدّة التوترات بسبب الصراع في أوكرانيا، لكن الفشل في تجديد القرار سيزيد من المعاناة، وسيؤدي إلى تعطيل كبير لواحدة من أكبر العمليات الإنسانية في العالم.
وإزاء هذه الخلفية، أدعو مجلس الأمن مرّة أخرى إلى تمديد تفويضه للعملية عبر الحدود. آمل أن يضع أعضاؤه الانقسامات جانباً وأن يضعوا حاجات الشعب السوري أولاً.