تتفاوت مهارات الناس في اكتساب اللغات الأجنبية، فبعضهم يتعلمها بسرعة وبعضهم بكثير من الجهد والمتابعة، غير أن الثابت في ذلك أن اللغة شيء تراكمي لا يكتسب بين ليلة وضحاها، كما أن قرار اكتساب لغة ما لا يخلو من غاية، فغاية بعضهم التعلُّم وغاية بعضهم التجارة وغاية بعضهم التواصل السلس.
وترتفع أهمية اكتساب اللغة إن صارت لغة بلد الإقامة، وهذا هو الحاصل مع اللاجئين السوريين في تركيا. ومما هو ملاحظ أن عدداً كبيراً منهم وممن مر على إقامته في تركيا سنوات لا يزال ضعيفاً بالتركية، ويفتقد وسيلة التواصل مع الأتراك، مما يوقعه بمشاكل متنوعة، فما هي أبرز مبرراتهم وما هي آثار عدم تعلم التركية.
الإنكليزية تكفيني
وهذه حجة بعض الشباب وهم الشريحة الأقدر على اكتساب اللغة، فبعضهم يفضل الإنكليزية في دراسته الجامعية، ويرى أنها اللغة العالمية سواء في مجال العلم أو في مجال العمل وآفاقه، وهذا رغم كونه صحيحاً إلا أنه لا يعني التقليل من أهمية التركية لغة بلد الإقامة، أي لغة الحياة اليومية، لا سيما وأن الإنكليزية في تركيا ليست مثل الإنكليزية في السويد، فإن ساعدتك الإنكليزية في الجامعة، فلن تساعدك إلا التركية في الشارع ودوائر الدولة!
أعيش في محيط عربي
نتيجة للأعداد الكبيرة للاجئين السوريين في تركيا فقد أصبحت لهم تكتلات في بعض المدن والأحياء، وافتتحوا أعمالاً ومهناً، وشغَّل بعضهم بعضاً، فتضاءلت الحاجة لتعلم اللغة. وعند الحاجة يستعين بعضهم بمن تعلم التركية من أولاده.
وقد يكون هذ مقبولاً ممن تجاوز الخمسين، وأصبح التعلم لديه صعباً، على أن الظروف تتبدل وكم يوضع الإنسان في موقف لا يجد من يساعده، لذلك فقرار عدم الحاجة لتعلم اللغة ليس صائباً في معظم الأحوال.
لا أجد وقتاً أو مالاً
يستحضر بعضهم عند الحديث عن اكتساب اللاجئين السوريين في الدول الغربية لغات تلك الدول، بأن "برامج الدمج" تجعل اكتساب اللغة شرطاً وتوفر لها ما يلزم من تفرغ ونفقة، والواقع أن كثيراً من السوريين في تركيا يكدحون لتحصيل لقمة العيش وكثير منهم لا تسمح ظروفهم المادية بالتحاقهم بدورات اللغة فلا يحرصون عليها.
فإن كانت هذه الحقيقة تبرر تأخر اكتسابهم للغة، إذ ينتظر من المتفرغ أن يتقنها في عام ومن غير المتفرغ أعوام، لكن أن تمر سنوات طويلة دون تحصيل مستوى متوسطاً منها فهذا لا مبرر له، إذ إن قنوات اليوتيوب التي تشرح قواعد التركية أصبحت غنية ونوعية وفوق ذلك مجانية.
عواقب عدم تعلم اللغة
يشتكي بعض السوريين من تحرشات العنصريين هنا وهناك، والخطاب الذي يسعى لتنميطهم من قبل بعض وسائل الإعلام، لكن الذي يتعلم التركية يمتلك وسيلة يرد بها افتراءات العنصريين ويصحح نظرة الآخرين ويكتسب مؤيدين من الأتراك لإدانة خطاب العنصرية الذي ينشط بين الحين والآخر. وهذا هو حال البعض على قلتهم
كما يتعرض عدد كبير ممن لا يجيدون اللغة لحالات من الخداع سواء في المعلومات المضللة، أو في أسعار السلع وتأجير البيوت، ويقعون في كثير من الأحيان في تعسير بعض أعمالهم أو إعاقتها، فبعض الناس لا ينهي لك عملك إن لم تناقشه وتجادله وتبين له خطأ فهمه، أو حتى تهدده بالشكاية عليه، ومن لا يعرف اللغة فإنه يلتزم الصمت.